كان الإمام الحادي عشر (عليه السلام) يرسل لأصحابه وأتباعه في مختلف المناطق رسائل علمية ومعنوية تلعب دوراً على المستوى الفكري والإرشادي وكذلك في الابعاد الأخلاقية. فيما يلي نقرأ إحدى رسائله (عليه السلام) التي أرسلها إلى علي بن بابويه والد الشيخ الصدوق:
صلاة الليل
“بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والجنة للموحدين، والنار للملحدين، ولا عدوان إلا على الظالمين، ولا إله إلا الله أحسن الخالقين، والصلاة على خير خلقه محمد وعترته الطاهرين.
أما بعد: أوصيك يا شيخي ومعتمدي وفقيهي أبا الحسن علي بن الحسين القمي، وفقك الله لمرضاته، وجعل من صلبك أولاداً صالحين برحمته، بتقوى الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، فإنه لا تقبل الصلاة من مانع الزكاة، وأوصيك بمغفرة الذنب، وكظم الغيظ، وصلة الرحم، ومواساة الإخوان، والسعي في حوائجهم في العسر واليسر، والحكم عند الجهل، والتفقه في الدين، والتثبت في الأمور، والتعاهد للقرآن، وحسن الخلق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الله تعالى: ﴿لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾، واجتناب الفواحش كلها، وعليك بصلاة الليل، فإن النبي (صلى الله عليه وآله) أوصى علياً (عليه السلام) فقال: “يا علي عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل”، ومن استخف بصلاة الليل فليس منا، فاعمل بوصيتي وأمر جميع شيعتي بما أمرتك به حتى يعملوا عليه، وعليك بالصبر وانتظار الفرج، فإن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: “أفضل اعمال أمتى انتظار الفرج” ولا تزال شيعتنا في حزن حتى يظهر ولدي الذي بشر به النبي (صلى الله عليه وآله) أنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، فاصبر يا شيخي ومعتمدي أبا الحسن، وأمر جميع شيعتي بالصبر و﴿إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾، والسلام عليك وعلى جميع شيعتنا ورحمة الله وبركاته”[1].
ونتطرق فيما يلي أيضاً لذكر بعض المقاطع من عبارات الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) التي تشكل زاداً للحياة ينتفع منها الاتباع:
1 ـ الموعظة في السر: “من وعظ أخاه سراً فقد زانه ومن وعظه علانية فقد شانه”[2].
2 ـ الاعتدال في العطاء: “إن للجود مقداراً فإذا زاد عليه فهو سرف”[3].
3 ـ زمان التعلم: “إذا نشطت القلوِب فأودعوها وإذا نفرت فودعوها”[4].
4 ـ قيمة الفكر: “ليست العبادة كثرة الصيام والصلاة وإنما العبادة كثرة التفكر في أمر الله”[5].
5 ـ العزة الواقعية: “ما ترك الحق عزيز إلا ذَلَّ ولا أخذ به ذليل إلا عَزَّ”[6].
6 ـ الطلبات المذلة: “ما أقبح المؤمن أن تكون له رغبة تذله”[7].
7 ـ الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله): “اكثروا ذكر الله وذكر الموت وتلاوة القرآن والصلاة على النبي، فإن الصلاة على رسول الله عشر حسنات”[8].
8 ـ أفضل الناس: “أورع الناس من وقف عند الشبهة، أعبد الناس من أقام على الفرائض، أزهد الناس من ترك الحرام، أشد الناس اجتهاداً من ترك الذنوب”[9].
عبد الكريم التبريزي، مبلغان
[1] مستدرك الوسائل، ج3، ص64؛ الأنوار البهية، ص220، بهجة الآمال، ج5، ص419.
[2] تحف العقول، ص489.
[3] الأنوار البهية، ص318.
[4] المصدر نفسه.
[5] تحف العقول، ص488 و489.
[6] المصدر نفسه.
[7] المصدر نفسه.
[8] المصدر نفسه، ص488.
[9] المصدر نفسه، ص489؛ الأنوار البهية، ص318.