Search
Close this search box.

صلاحيات الولي

صلاحيات الولي

الدائرة التي يرجع أمرها إلى الفقيه‏
المراجع لأدلة ثبوت الولاية للفقيه يتضح له أن هذه الولاية تثبت له كنائب للإمام صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه، وله من الصلاحيات كل ما كان للإمام عجل الله فرجه فيما يرتبط بأمر إدارة المجتمع وتطبيق أحكام الإسلام في مجالات الحياة، هذا بشكل مختصر ومجمل ولكن ما هي هذه الصلاحيات تحديداً وأي الصلاحيات تختص بالمعصوم ولا تنتقل للفقيه.

إن مراجعة سيرة وأقوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة الدين عليهم السلام، هي التي ترشدنا إلى دائرة الصلاحيات الموكول أمرها إلى الفقيه وهذه الصلاحيات هي:

الأول: حفظ الدين: وهو أعظم الواجبات على الولي الفقيه. فهو إنما يريد إدارة المجتمع عبر هذا الدين وأحكامه فلا بد من حفظ معالمه، وحفظ الدين قد يقتضي تولي إدارة الدولة فعلاً والقيام بشؤون الحكم كما فعل الإمام علي عليه السلام فترة خلافته، وقد يقتضي السكوت وعدم إقامة الدولة كما فعل الإمام علي عليه السلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذاً الفقيه هو الذي له ولاية التحديد للأسلوب الأفضل لحفظ هذا الدين، وجهده عند إقامة الدولة ينصب نحو هذا الهدف السامي.

الثاني: الإشراف التام على إدارة الدولة وأمور الناس: فإن جميع ما يتم في إدارات الدولة إنما يكتسب مشروعيته من إمضاء الولي الفقيه فهو المسؤول عن تعيين الأشخاص في المواقع الأساسية التي هي محل الحاجة، وهو الذي بإمضائه يكون عمل رئيس الجمهورية ومجلس النواب مشروعاً.

الثالث: وظيفة القضاء وفصل الخصومات، وبيده إجراء الحدود وتحديد العقوبات وكذلك هو الذي يقوم بنصب القضاة في سائر المدن.

الرابع: حق التصرف في الأموال الشرعية: من الخمس والزكاة والأنفال وتحديد كيفية صرفها والطريقة المعتمدة في ذلك.

الخامس: الإشراف على الوضع الإقتصادي: ووضع البرامج والقوانين التي تحقق مصلحة الناس.

السادس: اتخاذ القرارات العسكرية: من السلم والحرب وجميع شؤون الحرب لأنه هو القائد العام للقوات المسلحة وجميع تشكيلاتها، وهو المسؤول عن تحصين الثغور وتجهيز هذه القوى لحمل مسؤولية الدفاع عن بلاد المسلمين.

الدائرة الخارجة عن صلاحيات الولي الفقيه
وهي عبارة عن جميع ما يرتبط بالمعصوم بما هو معصوم، فالولاية المطلقة للفقيه لا تشمل شؤون النبوة والإمامة المشروطة بعصمة النبي والإمام، ولذا نجد أن الإمام الخميني قدس سره يلتزم بالاحتياط بشأن إقامة صلاتي العيد في الفطر والأضحى، ويفتي بإتيانها فرادى أو جماعة برجاء مطلوبيتها، وذلك لأن إمام الصلاة في صلاة العيد هو شخص الإمام المعصوم. وكذلك الحال في مثل الجهاد الابتدائي في عصر الغيبة فقد التزم الإمام الخميني قدس سره بأن ذلك من مختصات المعصوم ولا يمكن القيام به إلا في حال حضوره.

يقول الإمام الخميني قدس سره في توضيح ذلك: “إن الحكومة شعبة من الولاية المطلقة لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، وهي من الأحكام الأولية المقدمة على جميع الأحكام الفرعية حتى الصلاة والصوم والحج، فبمقدور الحاكم أن يهدم مسجداً أو منزلاً من أجل شق شارع، ويستطيع أن يعطل المساجد حين اللزوم، وأن يهدم مسجداً يكون ضراراً إذا لم يمكن رفع الضرر بدونه، والحكومة تستطيع أن تلغي العقود الشرعية التي عقدتها مع الناس حين يكون العقد مخالفاً لمصالح البلد والإسلام، ويمكنها المنع من أي أمر عبادياً كان أو غير عبادي إن كان تنفيذه على خلاف مصالح الإسلام، ويمكنها أن تمنع مؤقتاً من الحج الذي هو من الفرائض الإلهية المهمة حين يكون حسب تشخيصها على خلاف صلاح البلد الإسلامي”.

وخلاصة الكلام ان ولاية الولي الفقيه هي مطلقة في دائرتها الخاصة أي فيما يرتبط بالحكومة وإقامة الدولة فله تشخيص الحكم الأنسب الذي يحفظ به النظام الإسلامي.

فلسفة وأهداف الحكومة الإسلامية
إن الهدف من إنشاء الحكومة الإسلامية هو الذي يحكم حركة هذه الحكومة ولذا كان لا بد للولي أن يضع هذا الهدف أمامه ويسعى لتحقيقه فما هو الهدف الأساسي للحكومة الإسلامية؟

قال تعالى: ﴿الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾(إبراهيم:1).

تنص الاية الكريمة على أن الهدف الأساسي هو تخليص الناس من الظلمات وإيصالهم إلى نور الهداية. إن الهدف الأساسي من خلق الإنسان هو أن يصل الإنسان إلى كماله الذي جعله اللَّه له وهذا ما لا يمكن تحقيقه على المستوى الإجتماعي إلا في ظل حكومة القسط والعدل. ولذا تنص الآيات الكريمة على أن إقامة حكومة العدل هي الهدف من بعثة الأنبياء وإرسال الرسل ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيد﴾(الحديد:25).

الخطوط العامة لحكومة العدل
أ- التنمية الثقافية الشاملة

قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ايَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ﴾(الجمعة:2).

ب- التنمية الاقتصادية العادلة
عندما يتحدث القران الكريم عن فريضة الزكاة ووجوب الإنفاق يبيّن أن الهدف من ذلك هو تحقيق العدالة الاقتصادية. قال تعالى: ﴿مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُم﴾(الحشر:7).

ج- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قال تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾(ال عمران:104).

* دروس في ولاية الفقيه, إعداد ونشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية, ط1, تشرين الأول 2005م, ص 59-64.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل