مما لا شك فيه أن الفشل في إدارة وتنظيم الوقت، لدى كل الناس الفقير منهم والغني، الفاشل منهم والمتفوق، يؤدي الى فقر الانسان مادياً ومعنوياً على حد سواء.
فكل الناس على اختلاف أوضاعهم المادية أو المعرفية، وأختلاف أعمارهم الزمنية. يمتلكون 168ساعة أسبوعية للعمل والنشاط، والناس هنا أيضاً يختلفون في درجة استثمار هذه الساعات.
لكن المشكلة الجوهرية هنا، تكمن في أنه نادراً ما نسمع أن أحداً ما استطاع أن يستثمر وقته الاستثمار الأمثل. وبالمقابل فإن طلبتنا في المدارس من أكبر شرائح المجتمع التي تعاني من مشكلة هدر الوقت. وبالأخص في أيامنا المعاصرة التي تعددت فيها وسائل الترغيب والترفيه، بحيث أن الطالب في مدارسنا العربية يبدأ عامه الدراسي ولا يشعر ألا وهو على مشارف الامتحانات، التي حولتها انظمتنا التربوية الى شبح مخيف. ولمواجهة هذه المشكلة ظهرت الحاجة الى ضرورة تعلم الطلاب مهارة إدارة الوقت وتنظيمه. التي تمكنهم من التسلح بالثقة بالنفس تجاه تحديات حياتهم الدراسية عموماً والامتحانات على وجه الخصوص.
وقد دلت الإحصائيات أن أهم العوامل التي أدت الى تفوق بعض الأفراد الذين أجريت عليهم الدراسة. هي مهارتهم في إدارة وتنظيم وقت المذاكرة منذ بداية العام الدراسي وحتى نهاية الامتحانات.
إن مهارة وإدارة الوقت أيها الطلبة الكرام هي قدرتكم الذاتية أو بمساعدة الآخرين “الأهل والمربين” على رسم مخطط زمني ينتظم فيه أداء الطالب الدراسي ونشاطه الاجتماعي والترفيهي. سواء أكان التخطيط ليوم أو لشهر أو اسبوع أو حتى لعام دراسي كامل.
علاوة على ذلك تكون إدارة الوقت وتنظيمه فاعلة ومنتجة وتنعكس بشكل إيجابي على مستقبل الطالب، فيجب أن يكون لهذه الإدارة نقطة تركيز بعيدة المدى تسعى لتحقيقها. وتتمثل نقطة التركيز بعيدة المدى بأساسيات نجاح إدارة الوقت وتنظيمه.
وهذه الأساسيات في نجاح إدارة الوقت تتمثل في:
-تحديد الهدف بنجاح: فغالباً ما تلجأ بعض الأسر الى صياغة هدف لأبنائها. على الرغم من عدم رغبة الأبناء بهذا الهدف لذلك تاتي النتائج المدرسية مخيبة لآمال الأسرة والأبناء على حد سواء، لذلك لا بد أن يتبلور في ذهن الطالب بشكل ذاتي ومن المراحل الدراسية الأولى هدفه في الحياة ويسال نفسه الأسئلة التالية:
-ماذا أريد أن أحقق من خلال دراستي؟
-ماذا أريد أن أكون في المستقبل؟
-ما هي الخطوات العملية التي علي أن أقوم بها لتحقيق مستقبلي؟
مجموعة هذه الأسئلة وأسئلة غيرها. الى جانب تشجيع ومساعدة الأهل في صياغة الهدف. شريطة أن تاتي المساعدة على منوال حاجات ورغبات وقدرات وتطلعات الطالب، من الأمور المهمة لتفعيل وتنمية مهارة إدارة الوقت وتنظيمه فالطلب يعرف أنه كلما انتظم لديه الوقت وأنجز واجباته المدرسية على النحو المطلوب كلما اقترب من تحقيق هدفه الذي يحلم به.
وقد بينت دراسات تربوية حديثة ان الانسان الذي لديه هدف واضح في حياته فان امكانياته المعنوية تزداد بشكل كبير ويستيقظ عقله وتتحرك دافعيته وتتولد لديه الافكار التي من شانها ان توصله لتحقيق هدفه.
ولقد أصبح الهدف في حياة الانسان أساس نجاحه. فالطالب وطوال مسيرة حياته الدراسية يحتاج الى هدف يعود اليه عندما تتقاذفه مجريات الحياة ومتغيراتها بحيث يمنحه هذا الهدف قوة الدفع الذاتية.
واما الاساس الثاني فهو:
-ان تحول كل تحد في حياتك الى نجاح…
ان الكثير من الطلبة ممن يخفقون في مسيرتهم الدراسية . اما بالرسوب في احدى السنوات الدراسية او الاخفاق في تحقيق درجات اجتماعية عالية، او هناك من يواجه مشكلات مادية أو معنوية في حياته. وهنا يقع هؤلاء الطلبة فريسة سهلة للوم وتانيب الضمير، مما ينعكس سلبا على ادارتهم لحياتهم. مما يجعل سفينتهم التي يفترض التي يفترض ان تصل الى شط المستقبل في الوقت والمكان المناسبين. نجدها تبحر بدون دفة قيادة. وهل تصل سفينة لشاطئ الأمان بدون دفة قيادة؟
فلننظر مستمعي الكريم الى المصباح الكهربائي في الغرفة التي تجلس فيها. وتصور مخترع هذا المصباح وكم هي عدد المرات التي اخفق فيها في الوصول الى اختراعه…قدر الان عدد الاخفاقات؟
نعم.. لقد اخفق مخترع المصباح الكهربائي توماس اديسون (10,000) مرة في تجاربه لاختراع المصباح، ولم ييأس، بل الغريب في الامر ان الصحف عندها اتهمت اديسون بانه رجل مجنون. وانه يبدد حياته ووقته في حلم لن يتحقق.
وهكذا نجد ان عظماء الانسانية لم يصلوا الى تفوقهم الا بعد اخفاقات. لكن اخفاقاتهم لم تمنعهم من السير نحو الامام فحققوا بذلك مبتغاهم، الم يقل علماء النفس من البدايات “ان الابواب الموصدة تخلق الانسان غير العادي”.
وفي الحقيقة أن الشخصية الناجحة في الحياة. هي الشخصية المصقولة بالمعاناة والتجارب المؤلمة. حيث يقاس نجاح الشخص بقدرته على خوض التجارب الجديدة مهما كانت صعبة او مؤلمة.
بالنهاية يمكن القول بأن من يضع لنفسه هدفاً منذ بداية دراسته وسار نحو الهدف بكل عزيمة ونشاط
على الرغم من الظروف التي قد يواجهها في حياته. فانه حتما سيصل الى مبتغاه في النجاح والتفوق.