جميعكم مطلعون على تاريخ المرحوم مدرس، فهذا السيد الضعيف جسديا نعم اقول هذا السيد الذي كان يرتدي الزهيد من الملابس حتى ان احد الشعراء هجاه لزهد ملابسه وقف امام شخص متجبر مثل رضا شاه والذي ادرك زمن الاخير يعلم جيدا انه غير [ابنه]محمد رضا شاه.
الفضائل الاخلاقية للشهيد مدرس
جميعكم مطلعون على تاريخ المرحوم مدرس، فهذا السيد الضعيف جسديا نعم اقول هذا السيد الذي كان يرتدي الزهيد من الملابس حتى ان احد الشعراء هجاه لزهد ملابسه.
وقف امام شخص متجبر مثل رضا شاه والذي ادرك زمن الاخير يعلم جيدا انه غير [ابنه]محمد رضا شاه.
لقد كان رضا شاه متجبرا بمكان لم يشهد مثله تاريخنا الكثير من امثاله. لكن الشهيد مدرس وقف بوجهه في المجلس (البرلمان) وفي خارجه. حتى وصل الامر برضا شاه لأن يقول: ماذا تريد مني يا سيد؟ ورد عليه مدرس: اريد ان لا تكون. ان لا تبقى على قيد الحياة! هذا الشخص الذي حضرت يوماً درسه كان يأتي الى مدرسة سبهسالار التي تسمى مدرسة الشهيد مطهري حاليا- ويلقي دروسه هناك.
ذهبت يوما لحضور درسه وجدته عالم دين بسيط وكأنه لا عمل له سوى التدريس. لقد كان على مرتبة روحية كبيرة.
في حين انه كان حينها في صميم القضايا السياسية. فقد كان عليه بعدها ان يتوجه الى البرلمان ويقوم بما قام به.
وبعد ان انهى الدرس علينا ذهب الى البرلمان. وكان حينها شخص يحسب له الجميع الف حساب. انني شاهدت البرلمان آنذاك. كانوا كأنما ينتظرون مجيء مدرس، بالرغم من عداءهم له. لكنهم كانوا يشعرون بالنقيصة اذا لم يحضر مدرس. واذا ما جاء مدرس كان الشعور بأن شيئاً جديدا سيحدث.
لماذا كان مدرس بهذا الشكل؟
لانه كان غير مهتماً الى المنصب ولا الى الثروة وما شابه ذلك. لم يكن ينظر الى هذه الامور، فلا يشده المنصب ولا المال الى شيء كان على تلك الحالة وقد حدثني البعض انه كان يعمل نرجيلته (الشيشة) بيده. كان هكذا.
وقد دخل عليه يوماً الحاكم، وعندما اقول الحاكم قد لا تتصورون ماذا كان يعني الحاكم حينها. قال له مدرس: معالي الحاكم سوف اضع الماء انا في النرجيلة على ان تجمرلي الفحم انت. او ان نتبادل العمل. كان يستصغرهم بهذا الاسلوب لكي لا يطمعوا فيه، فعندما يتصرف مع الحاكم بهذا الشكل ويقول له تعال وجمر الفحم. في حين كان الجميع يعظّمون الحاكم وينحنون امامه. ويستصغره بهذا النحو، كان يقطع الطريق امام اي طلب للحاكم منه او الطمع في موقفه.
كنت حاضرا عندما كتب احدهم شيئا، كان في زمن رئاسة رضا شاه للوزراء قبل ان يصبح ملكاً وحينها كان رضا شاه متجبرا وطاغية جاهل ايضا يصفّي جميع معارضية جاء احدهم وقال: كتبت شيئا الى العدلية (القضاء) ارجو ان تعطيه ليأخذوه الى معالي رئيس الوزراء او مثل هذا التعبير ليطلع عليه. فقال مدرس: رضا خان الذي لا يعرف كيف تكتب كلمة (عدلية) بالعين او بالألف، انا اوصله له ليطلع عليه؟! لم يكن ضد رضا شاه من وراءه، بل كان يواجهه بمثل هذا الكلام. لقد كان مدرس هكذا.
لماذا كان مدرس هكذا؟
لأنه كان متقيا، لم تضلله اهواءه (اتخذ الهه هواه) لقد كان الهه الله عزّ وجل. لم يكن يعمل ويتصرف ليحصل على الجاه والمنصب او ما شابه ذلك، كان يعمل في سبيل الله. والذي يعمل من اجل الله ستكون حياته بهذا الشكل، فلم يكن يتوقع ان يواجه ما هو اسوأ من الوضع الذي يعيش فيه. فلماذا لا يقوم بمثل هذه الاعمال؟
وهو لا يخاف احدا، وعندما دخل رضا شاه البرلمان وكان جلاوزته ينادون ويهتفون يعيش فلان ويعيش فلان، قام مدرس ووقف امامه وقال له: الموت لفلان واعيش انا! جيد، هل تدركون ماذا يعني الوقوف امام ذلك الشخص، لكنه وقف. هذا لانه كان متحرراً من اهواء النفس، كان متقيا، ولم يكن يدين لاحد.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج16، ص: 346
السيد المدرّس الإنسان
سعوا سنين ألّا يكون الإنسان، لم يدعوا إنساناً يظهر، فهؤلاء كانوا يرون أنّه إذا وُجِدَ إنسان واحد، فمن الممكن أن يقود شعباً، ويجعله عليهم.
ومن هنا كانوا قلقين، ولم يدعوا أحداً يكون.
كان أولئك يخشون المدرِّس و لأنّه إنسان لم يَدَع عملَه لأحد حتّى مقتلِه.
كان إنساناً واحداً هيمن على المجلس كله على الذين كانوا في المجلس، وإذا لم يكن المدرس في المجلس كان خالياً كأنّه بلامحتوى.
وقد ذهبت إلى المجلس ذلك الوقت متفرِّجاً، وكنت فتى شابّاً حينذاك، ولمستُ أثر المدرّس الذي دخل المجلس حينها بعباءته الرقيقة وجُبَّتِه القُطنِيّة، فصار المجلس مجلساً إذ كان مخالفاً لِما يطرح على المجلس من قضايا ومُفنّداً لها، فعندما أنذرت روسية إيران في قضية ليست في بالي الآن، وجاؤوا بالإنذار إلى المجلس، وقد حرَّكت روسية قوَّاتها المسلَّحة صوب طهران أو قزوين ليقبل المجلس ماطُلِبَ منه، وبُهِت المجلس- على مايُنقَلُ اليوم- وحار فيما يفعل، كأنّه يقول: القوّات قوّات روسية التي لانستطيع أن نُقاومها، وقبول المطلوب خيانة.
وهنالك كتِبَ أنّ رجل دين ظهر بيد مرتعشة، وقال: إذا كان لابدّ أن نزول، فلماذا نُزيلُ أنفسنا بأنفسنا؟نحن نرفض هذا.
ورفض المجلس كله ايضا، ولم يستطع الروس فعل شيء.
فأولئك ينظرون إذا وجِدَ في شعب إنسان أن يُحوِّل مجرى الأمور عمّا يريدون، ولا يسمح بما يطمحون إليه، فإنّهم يسعَون ألّا يُوجَدَ هذا الإنسان.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج8، ص: 60