Search
Close this search box.

رثاء: لقد استُرجعت الوديعة

رثاء: لقد استُرجعت الوديعة

من رثاء الإمام عليّ عليه السلام للسيّدة الزهراء عليها السلام عند دفنها(1) لقد استُرجعت الْوَدِيعَةُ

لمّا فرغ أمير المؤمنين عليه السلام من دفنها في ظلام الليل، ورهِقَه من الحزن عليها ما عِيلَ به صبرُه، وضاق به صدرُه، استقبل بوجهه ضريح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشكو إليه بثّه وحزنه… وقد انحلت عقودُ دموعه. وتناثرت لآلئ جفونه: “السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّه، عَنِّي وعَنِ ابْنَتِكَ النَّازِلَةِ فِي جِوَارِكَ، والسَّرِيعَةِ اللَّحَاقِ بِكَ.

قَلَّ يَا رَسُولَ اللَّه عَنْ صَفِيَّتِكَ صَبْرِي، ورَقَّ عَنْهَا تَجَلُّدِي، إِلَّا أَنَّ فِي التَّأَسِّي لِي بِعَظِيمِ فرْقَتِكَ، وفَادِحِ مصِيبَتِكَ، مَوْضِعَ تَعَزٍّ. فَلَقَدْ وَسَّدْتُكَ فِي مَلْحُودَةِ قَبْرِكَ، وفَاضَتْ بَيْنَ نَحْرِي وصَدْرِي نَفْسُكَ، فَـ ﴿إِنَّا لِلَّه وإِنَّا إِلَيْه راجِعُونَ﴾.

فَلَقَدِ اسْترْجِعَتِ الْوَدِيعَةُ، وأخِذَتِ الرَّهِينَةُ. أَمَّا حزْنِي فَسَرْمَدٌ، وأَمَّا لَيْلِي فَمسَهَّدٌ، إِلَى أَنْ يَخْتَارَ اللَّه لِي دَارَكَ الَّتِي أَنْتَ بِهَا مُقِيمٌ، وسَتُنَبِّئُكَ ابْنَتُكَ بِتَضَافُرِ أمَّتِكَ عَلَى هَضْمِهَا، فَأَحْفِهَا السُّؤَالَ، واسْتَخْبِرْهَا الْحَالَ. هَذَا، ولَمْ يَطُلِ الْعَهْدُ. ولَمْ يَخْلُ مِنْكَ الذِّكْرُ. والسلام عليكما سلامَ مودّع لا قالٍ ولا سئِم(2). فإن أنصرف فلا عن ملالة. وإن أقم فلا عن سوء ظنّ بما وعد الله الصابرين”(3).

1.نهج البلاغة، ج 2، ص 182.
2.أي دون ملل وسآمة.
3.السيّد شرف الدين، المجالس الفاخرة في مصائب العترة الطاهرة، ص 154.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل