Search
Close this search box.

شبيه المصطفى (ص) الإمام محمد الباقر (ع)

شبيه المصطفى (ص) الإمام محمد الباقر (ع)

الشيخ الحسين أحمد كريمو

طلَّت علينا وعلى العالم أشهُر النُّور المباركة، أشهر محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين)، فما أجدرنا أن نكون مستعدين لاستقبالها كما ينبغي لها، ويجدر بنا، لنكون من الرجبيين، ثم الشعبانيين، لنصل إلى ضيافة الله ونكون من أهل كرامته في شهر الرَّحمة الإلهية، قمَّة هذه الأشهر وأكرمها وأفضلها.

وجميل ما يقوله سماحة السيد القائد علي الخامنئي (دام عزه) في هذه المجال: (شهرا رجب وشعبان، هما محطَّة من أجل أن يتمكّن الإنسان من الدُّخول مستعدّاً إلى شهر رمضان الذي هو شهر ضيافة الله.. الاستعداد لتوجّه القلب وحضوره، بأن يعتبر نفسه في محضر العلم الإلهي. في محضر الله (سُبْحَانَ مَنْ أَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عِلْمُهُ). أن يعتبر كل أحواله، حركاته، نيّاته، خواطره القلبيّة في معرض العلم الإلهي ومحضره.. وإذا ما حصل هذا، عندها سيزداد التفاتنا إلى أعمالنا، أحاديثنا، مخالطاتنا ومعاشراتنا، سكوتنا، كلامنا. سنلتفتُ إلى ما نقول، أين نسير، على ماذا نقدم، ضدّ مَنْ نتكلّم، لمصلحة مَنْ نتكلّم. عندما يعتبر الإنسان نفسه في محضر الله)، فماذا يعني أن نكون بمحضره سبحانه وتعالى؟

يعني أن نعيش المراقبة الدائمة والمتواصلة لكل حركاتنا وتصرفاتنا وحتى خواطرنا وأفكارنا. لأنها جميعها في محضر الحق فلا يجب أن يكون هناك مجالاً للباطل أبداً. فمَنْ يشعر ويحس بذاك المحضر النوراني عليه أن يرتقي قولاً وعملاً. عقلاً وروحاً ونفساً، وأن يشعر بالهيبة والعظمة من حضوره بتلك الساحة.

وما يزين هذه الأشهر النورانية المباركة هي أنها تترصَّع بالنُّجوم الزاهرة من أهل البيت الأطهار الأبرار (عليهم السلام)، فكثيرة هي المناسبات المفرحة لا سيما الولادات النورانية لأنوار الأرض، وسادة الخلق، وحجة الخالق. من أئمة المسلمين. ففي غرَّة رجب المرجَّب والأصب، زانها نوراً، وزادها شرفاً، ولادة الإمام الخامس من أئمة المسلمين شبيه رسول الله. وجدِّه المصطفى (ص) حيث ورد في حديث يروية الأكابر. والأعاظم من رجال هذه الأمة ومحدِّثيها برواية رائعة ورائقة حقاً.

فعن أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَزُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ، وَأَبِي خَالِدٍ اَلْكَابُلِيِّ: أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْأَنْصَارِيَّ كَانَ يَقْعُدُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) يُنَادِي: يَا بَاقِرُ؛ يَا بَاقِرَ اَلْعِلْمِ، فَكَانَ أَهْلُ اَلْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: جَابِرٌ يَهْجُرُ وَكَانَ يَقُولُ: وَاَللَّهِ مَا أَهْجُرُ وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) يَقُولُ: (إِنَّكَ سَتُدْرِكُ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ بَيْتِيَ اِسْمُهُ اِسْمِي وَشَمَائِلُهُ شَمَائِلِي يَبْقُرُ اَلْعِلْمَ بَقْراً)، فَذَاكَ اَلَّذِي دَعَانِي إِلَى مَا أَقُولُ.

قَالَ: فَلَقِيَ يَوْماً كِتَّاباً فِيهِ اَلْبَاقِرُ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) فَقَالَ: يَا غُلاَمُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ. فَقَالَ: شَمَائِلُ رَسُولِ اَللَّهِ وَاَلَّذِي نَفْسُ جَابِرٍ بِيَدِهِ؛ يَا غُلاَمُ مَا اِسْمُكَ؟ قَالَ: اِسْمِي مُحَمَّدٌ. قَالَ: اِبْنُ مَنْ؟ قَالَ: اِبْنُ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ فَدَتْكَ نَفْسِي فَإِذاً أَنْتَ اَلْبَاقِرُ قَالَ: نَعَمْ؛ فَأَبْلِغْنِي مَا حَمَلَكَ رَسُولُ اَللَّهِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ يُقَبِّلُ رَأْسَهُ وَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَبُوكَ رَسُولُ اَللَّهِ يُقْرِئُكَ اَلسَّلاَمَ، قَالَ: يَا جَابِرُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ مَا قَامَتِ اَلسَّمَاوَاتُ وَاَلْأَرْضُ وَعَلَيْكَ اَلسَّلاَمُ يَا جَابِرُ بِمَا بَلَّغْتَ اَلسَّلاَمَ..) (المناقب: ج4 ص196)

والإمام الخامس من الأئمة الأطهار (عليهم السلام) هو الذي جمع الحُسنيين وأعاد لقاء البحرين، فجداه الإمامان الحسنان، فهو من أبيه حسينياً (ع)، ومن أمه حسنياً، لأن أمه المكرمة هي فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى وهي أشبه الناس بجدتها فاطمة بنت رسول الله (ص) ولهذا جاء ولدها الإمام محمد الباقر من أجمل وأكمل الناس حسباً ونسباً وهيئة وشخصاً وشخصية، ولذا يُقال أنه كان أجمل الأئمة (ع) لهذه الخصوصية لأن رسول الله (ص) يقول : (لَو كَانَ الحُسْنُ شَخصَاً لَكَانَ فَاطِمَة، بَلْ هِي أَعظَمُ، فَإِنَّ فَاطِمَة ابنَتِي خَيرُ أَهلِ الأَرضِ عُنصُراً وَشَرَفَاً وَكَرَمَاً). (فرائد السمطین؛ الجویني: ج2 ص 68)

وعظمة الإمام محمد الباقر كانت في رسالته. بحيث أنه أحيى مدرسة جده الرسول الأعظم (ص) الذي حاول أبناء والشجرة الملعونة في القرآن الأموية. صبيان النار الحَكَمية، أن يدفنوا الإسلام دفناً، ولكن قيَّض الله لهذا الدِّين هذا الإمام العظيم فبَقَرَ العلوم. وأنشأ أول مدرسة علمية في المسجد النبوي. وراح يفجِّر ويشق ويبقر العلم وينشره في الآفاق. حتى عاد الدِّين والأحكام والشريعة على يديه الكريمتين غضَّاً طرياً. وجاء من بعده ولده الإمام جعفر الصادق (ع) فملأ الدنيا وشغل الناس بعلمه وفضله وتألق الإسلام من جديد في عصرهما صلوات الله عليهما وآلهما الطاهرين.

للمشاركة:

روابط ذات صلة

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل