Search
Close this search box.

السيدة فاطمة المعصومة (ع) خصَّها الله تعالى بالإفاضات المعنوية الخاصة

السيدة فاطمة المعصومة (ع) خصَّها الله تعالى بالإفاضات المعنوية الخاصة

فاطمة المعصومة هي السيّدة الجليلة الفاضلة بنت الإمام موسى بن جعفر وهي الأخت الشقيقة للإمام الرضا (ع)، وهي تشترك معه في أمٍّ واحدة وهي أمُّ ولد، وقد ذُكر لها العديد من الأسماء كنجمة وأروى وَسَكن وَسُمَّان وَتُكْتَم.

ولم يكن في وُلد الكاظم- مع كثرتهم- بعد الرضا مثل هذه السيّدة الجليلة، وقد قيل في حقّها: إنّها رضعت من ثدي الإمامة والولاية، ونشأت وترعرعت في أحضان الإيمان والطهارة تحت رعاية أخيها الإمام الرضا (ع) وقد تكفّل أخوها الرضا برعايتها ورعاية العوائل من بني هاشم بعد أن سُجن أبوهما الكاظم بأمرٍ مِن الرشيد.

كانت في غاية الورع والتقوى والزهد والعبادة حتى أضحت في عداد القلائل من النساء العابدات القانتات.

علة لقبها بالمعصومة:

لقد ذكر لذلك وجوهٌ متعددة أشهرها ما رواه الإمام علي بن موسى الرضا (ع) في فضلها وفضل زيارتها، فقال

مَنْ زَارَ المَعْصُوْمَةَ بقم كَمَنْ زَارَنِيْ[1] .

إلى أي قسم من أقسام العصمة يشير هذا اللقب (المعصومة) الذي أُطلق على السيدة فاطمة من أخيها الامام الرضا (ع) ؟ هل يشير إلى العصمة الذاتية أو يشير إلى العصمة الكسبية بمعنى مجاهدة النفس؟

في مقام الاجابة على هذا السؤال لا بد من القول بأن ظاهر العبارة الواردة عن لسان الامام (ع) بشأنها يدل على أن العصمة هنا هي كسبية وإفاضية وليست ذاتية.

مضافا إلى أن هذه الافاضة ليست مفاضة عليها ابتداءً و حين الخلق كالأئمة المعصومين عليهم السلام لأن الله عز وجل خلق الأئمة (ع) معصومين بل أفيضت عليها لما ارتقت إليه من مراتب التقوى العالية من خلال العبودية لله عز وجل.

وجه لقبها بكريمة أهل البيت (ع):

لقبت السيدة فاطمة المعصومة بكريمة أهل البيت، وذلك لرؤيا صادقة رآها أحد العلماء الأتقياء، وهو المرحوم آية الله السيد محمود المرعشي النجفي والد آية الله السيد شهاب الدين المرعشي النجفي، وقد دعا الله كثيراً في حياته بأن يلهمه التعرف على مكان قبر السيدة الزهراء (ع)، وقد بدأ بالذكر والتوسل أربعين ليلةً، وفي الليلة الأربعين رأى في منامه أنّه قد تشرف بزيارة الإمامين الباقر والصادق‘ فقال له الإمام: عليك بكريمة أهل البيت، وقد اعتقد السيد أنّ الإمام إنّما عنى بقوله السيدة الزهراء، فقال له: فداك نفسي لقد قمتُ بأداء هذا الذكر لأتعرّف على مكان قبرها وأتشرّف بزيارتها. فقال له الإمام (ع): «لقد عنيت بقولي قبر فاطمة المعصومة »، ثم قال: لقد أخفى الله تعالى قبر الزهراء لحكمة يعلمها<. وعليه فإن قبر السيدة المعصومة هو مظهرٌ لتجلي قبر السيدة الزهراء. ولو قُدّر أن يظهر قبر الزهراء ويكون له احترامٌ وإجلال فإنّ ذلك لا ينقص قدر ومكانة مقام وضريح السيدة المعصومة. وبعد هذه الرؤية الشريفة المباركة قرر السيد المرعشي السفر إلى إيران لزيارة السيدة المعصومة، فشد الرحال هو وأسرته من النجف الأشرف قاصداً مدينة قُم لزيارة كريمة أهل البيت السيدة المعصومة.

شفاعتها للخلق:

روي أنّ عِدَّةً مِن أهل الرّي دخلوا على أبي عبد الله الصادق فقالوا: نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الرَّيّ، فقال: مَرْحَبَاً بِإِخْوَانِنَا مِنْ أَهْلِ قُمّ. قَالُوْا: نَحْنُ مِنْ أَهْلِ الرَّيّ، فَأَعَادَ الكَلاَمَ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ للهِ حَرَمَاً وَهُوَ مَكَّةَ، وَإِنَّ لِلْرَّسُوْلِصلی‌الله علیه و آله حَرَمَاً وَهُوَ المَدِيْنَةُ، وَإِنَّ لأمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ حَرَمَاً وَهُوَ الكُوْفَةُ، وَإِنَّ لَنَا حَرَمَاً وَهُوَ بَلْدَةُ قُمّ، وَسَتُدْفَنُ فِيْهَا امْرَأَةٌ مِنْ أَوْلاَدِيْ تُسَمَّيْ فَاطِمَةُ، فَمَنْ زَارَهَا وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ.وفي نقل آخر: تُقْبَضُ فِيْهَا امْرَأَةٌ مِنْ وُلْدِيْ اسْمُهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ مُوْسَىْ، وَتَدْخُلُ بِشَفَاعَتِهَا شِيْعَتِيْ الجَنَّةَ بِأَجْمَعِهِمْ. [2]

قال الراوي: وكان هذا الكلام منه قبل أن يولد الكاظم (ع).

فضل زيارتها:

قد اهتم ببيان فضل زيارة السيدة المعصومة خمسةٌ من الأئمة المعصومين بدايةً من الصادق إلي الهادي ومثل هذا الاهتمام في غاية الندرة، فقد روى الشيخ الصدوق بسنده عن سعد بن سعد، قال: سَأَلْتُ أَبَا الحَسَنِ الرَّضا عَنْ فَاطِمَةَ بنِتْ مُوْسَىْ بْنِ جَعْفَرٍ‘؟ فَقَالَ: مَنْ زَارَهَا فَلَهُ الجَنَّةُ. [3]

وروي عن أبي جعفر محمد بن علي الجواد‘ أنّه قال: مَنْ زَارَ قَبْرَ عَمَّتِيْ بِقُمٍّ فَلَهُ الجَنَّةُ. [4]

نعم قد ورد في زيارة السيدة فاطمة المعصومة (ع): (فإنّ لك عند الله شأنا من الشأن.

والسؤال الذي يمكن أن يخطر في ذهن الانسان الذي يزور السيدة المعصومة عليها السلام هو ما هو المقام والشأن الذي نالته هذه السيدة الجليلة عند الله تعالى؟

بما أنه ورد في هذه الفقرة من الزيارة مفردة “الشأن” في المرّة الأولى بصيغة النكرة وفي المرّة الثانية بصيغة المعرفة، فهذا يدل على أن المقصود بـ “الشأن المعرفة” وهو مقام الكمال الخاص وهو العصمة، والمقصود من “الشأن النكرة” بيان أن السيدة المعصومة عليها السلام حازت قسماً من هذا المقام العالي.

[1] رياحين الشريعة، ج1، ص535.

[2] بحار الأنوار – ط دارالاحیاء التراث، العلامة المجلسي، ج57، ص216.

[3] عيون أخبار الرضا(ع)، الشيخ الصدوق، ج1، ص299.

[4] بحار الأنوار – ط دارالاحیاء التراث، العلامة المجلسي، ج48، ص316.

للمشاركة:

روابط ذات صلة

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل