وصى ولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي (دام ظله) بالاهتمام بإحياء المجالس والشعائر، وكذلك نبّه على تصفيتها من الشوائب التي تعرضها أحياناً.
قال (دام ظله): ذكرى عاشوراء ليست مجرّد ذكر لبعض الخواطر والذكريات والأحداث فقط، وإنّما هي تبيان لحادثة في غاية الأهمّيّة، ولها عدد غير محدود من الأبعاد والجوانب التي تركت أعمق الآثار في حياة الأمّة الإسلاميّة على مرّ التاريخ.
إذاً فالتذكير بهذه الفاجعة هو موضوع يمكن أن يتبلور عنه كثير من الخيرات والبركات لأبناء الأمّة، لذا تلاحظون أنّ قضيّة البكاء والإبكاء على الإمام الحسين عليه السلام كانت تحتلّ مكانة متميّزة في زمن الأئمّة عليهم السلام. فلا يتصورنّ أحد أنّه مع وجود المنطق والاستدلال فما هي الحاجة للبكاء وما هي الحاجة للبحث في قضايا قديمة من هذا القبيل؟
إنّ هذا النوع من التفكير بيّن البطلان لأنّ لكلٍّ من هذه الأمور دوراً في بناء شخصيّة الإنسان وتكامله، فالعواطف لها دورها والمنطق والبرهان لهما دورهما المهمّ أيضاً. فالعاطفة لها دور في حلّ كثير من المشاكل والمعضلات التي يعجز المنطق والاستدلال عن حلّها…
طبعاً فإنّ كلّ مشاعر وأحاسيس صادقة تنطوي على برهان فلسفيّ واستدلال عقليّ..
وحادثة عاشوراء تنطوي في طبيعتها وذاتها على بحر زاخر من العواطف الصادقة، فهذه الفاجعة جاءت نتيجة لثورة إنسان عظيم ومعصوم، إنسان لا يمكن التشكيك بمقدار ذرّة في شخصيّته المتسامية، ويقرّ جميع المنصفين في العالم بتعالي هدفه وهو: إنقاذ المجتمع من براثن الظلم والاستعباد…
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هي الفائدة التي يجب أن تُجنى من هذه الذكرى ومن هذه المجالس؟ وما هو الطريق لشكر هذه النعمة؟
…هذه النعمة الكبيرة هي التي تربط القلوب بمنابع الإيمان بالله وبالغيب مباشرة، وهي التي جعلت الحكّام الطواغيت على طول التاريخ يرتجفون خوفاً وفزعاً من عاشوراء ومن قبر الإمام الحسين عليه السلام. فقد بدأ هذا الخوف منذ زمن بني أميّة وتواصل إلى يومنا هذا…
وقد عرف إمامنا الراحل رضوان الله عليه – ذلك الرجل وصاحب النظرة الثاقبة – كيف يستغلّ أيّام عاشوراء من أجل السعي إلى تحقيق أهداف الإمام الحسين عليه السلام العظيمة، فقد أعلن رضوان الله عليه بأنّ محرّم هو شهر انتصار الدم على السيف، وبهذا المنطق – وببركة شهر محرّم – انتصر الدم على السيف في إيران الإسلاميّة، وكما خطّط له الإمام الراحل رضوان الله عليه…
هناك أمور تقرّب الناس إلى الله وتعزّز تمسّكهم بتعاليم الدّين، ومن هذه الأمور هي مراسم العزاء التقليديّة، وأنّ ما أوصانا الإمام رضوان الله تعالى عليه بإقامة مراسم العزاء التقليديّة هو المشاركة في المجالس الحسينيّة ونعي الإمام الحسين عليه السلام، والبكاء عليه واللطم على الصدور في مواكب العزاء، وهي من الأمور التي تعزّز المشاعر الجيّاشة إزاء أهل البيت عليهم السلام .