التقى قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي بآلاف طلاب المدارس والجامعات صباح اليوم (الأربعاء) 1/11/2023، وذلك على أعتاب ذكرى الثالث «عشر من آبان» (4 تشرين الثاني)، اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار العالمي.
في قضية غزة والفاجعة غير المسبوقة التي يرتكبها الصهاينة والأمريكيون، قال الإمام الخامنئي: «لولا دعم أمريكا ومساندتها بالسلاح، لجرى القضاء على الحكومة الصهيونية الفاسدة والمزيفة والكاذبة منذ الأسبوع الأول، ولولا المساعدات الشاملة من أمريكا، لكان الكيان الصهيوني سيصاب بالشلل في غضون بضعة أيام»، مستنتجاً: «الفجاعة التي يرتكبها الصهاينة اليوم في غزة هي في الواقع على يد الأمريكيين».
ووصف سماحته مقتل أربعة آلاف طفل في ثلاثة أسابيع بأنه «جريمة غير مسبوقة في التاريخ». وقال: «تبرز قوّة الاستكبار بالقنابل والضغوط العسكريّة والقصف وارتكاب الجرائم والفجائع لكن قوّة الإيمان ستتفوّق على هذه كلّها بتوفيق من الله».
في معرض تبيينه إنجازات الصبر والصمود لأهالي غزة، قال قائد الثورة الإسلامية: «قلوبنا تعتصر دماً بسبب مصائب شعب فلسطين وبخاصة غزّة، ولكن بالنظرة العميقة إلى المشهد، يتبيّن أن المنتصرين في هذا الميدان هم أهالي غزة وفلسطين الذين استطاعوا أن يحققوا إنجازات عظيمة».
في الوقت نفسه، رأى سماحته أن سقوط قناع حقوق الإنسان الزائف عن وجوه الغربيين وفضحهم من نتائج صبر أهالي غزة وصمودهم ورفضهم الاستسلام. واستدرك: «استطاع أهالي غزّة بصبرهم تحريك الضمير البشريّ حتى في الدول الغربيّة هذه، بريطانيا وفرنسا وإيطاليا ومختلف ولايات أمريكا، حيث يتوافد الناس بحشود غفيرة إلى الشوارع ويُطلقون الشعارات ضدّ “إسرائيل” وأمريكا… لقد أُريق ماء الوجه لهؤلاء».
في المقابل، رأى الإمام الخامنئي أن وصف المناضلين الفلسطينيين بالإرهابيين «دلالة على الوقاحة الحقيقية للسياسيين والإعلاميين الغربيين». وتساءل: «هل من يدافع عن بيته ووطنه إرهابي؟ هل الفرنسيون الذين قاتلوا الألمان في باريس في الحرب العالمية الثانية إرهابيون؟ فكيف يكونون مناضلين ومبعث فخرٍ لفرنسا في حين أن شباب “الجهاد الإسلامي” و”حماس” إرهابيون؟».
وخلص سماحته إلى أن «الدرس الكبير من طوفان الأقصى هو تفوّق مجموعة صغيرة بوسائل وإمكانات قليلة لكن بإيمان وعزم راسخ على العدو». وقال: «استطاعت هذه المجموعة المؤمنة أن تبخّر نتاج سنوات من جهود العدو الإجرامية وتذرها في الهواء خلال ساعات قليلة». وأضاف: «أذلَّ الفلسطينيون الكيان الغاصب والحكومات الاستكبارية الداعمة له بعملهم وشجاعتهم، واليوم بصبرهم».
مع الإشارة إلى التوقعات المضاعفة من العالم الإسلامي مقابل جرائم كيان الاحتلال، قال قائد الثورة الإسلامية: «إذا لم تساعد الحكومات الإسلامية فلسطين اليوم، فستكون بذلك قد عززت عدو فلسطين، الذي هو في الواقع عدو الإسلام والإنسانية، وسوف يتهددهم هذا الخطر نفسه غداً».
وواصل سماحته: «ينبغي للحكومات الإسلاميّة أن تصرّ على الوقف الفوري لهذه الجرائم التي يرتكبها الصهاينة والقصف، وليُغلقوا مسار تصدير النّفط والبضائع إلى الكيان الصهيوني، ولتمتنع الحكومات الإسلاميّة عن التعاون الاقتصادي مع الكيان، وليستنكروا في المحافل العالميّة كافة وبصوت مرتفع هذه الجريمة وارتكاب الفجائع هذا دون أيّ تردّد وبلا تلعثم أو مواربة».
الإمام الخامنئي شدد مجدّداً على أنّ الضربة التي لحقت بالكيان الصهيوني لا يُمكن ترميمها. وقال: «الكيان المحتلّ عاجز ومرتبك، كما يكذب على شعبه، وما يُبديه من قلق بشأن أسراه كذب أيضاً، فالقصف الذي يمارسه يُبيد أسراه كذلك».
ودعا سماحته العالم الإسلامي إلى الانتباه إلى أنّ الذي يقف في وجه الإسلام وشعب فلسطين المظلوم ليس الكيان الصهيوني فقط، بل أمريكا وفرنسا وبريطانيا أيضاً. وتابع: «يجب ألّا يغفل المسلمون عن هذه الحقيقة في علاقاتهم ومعادلاتهم وتحليلاتهم». وقال مستنداً إلى القرآن الكريم: «ليس لدينا شك في {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ}؛ إنه وعد إلهي، واحذروا من أن يزعزعكم ويوهنكم من ليسوا متيقّنين من وعد الله بنسجهم الأباطيل، واحذروا أن يوهنوكم»، مضيفاً: «النصر النهائي وغير البعيد سيكون حليف الشعب الفلسطيني وفلسطين، إن شاء الله».
في جزء آخر من كلمته، أشار قائد الثورة الإسلامية إلى حادثة السيطرة على وكر التجسس السفارة الأمريكية. وبالاستناد إلى الوثائق الموجودة هناك، قال: «تظهر هذه الوثائق أن السفارة الأمريكية كانت منذ الأيام الأولى لانتصار الثورة الإسلامية، أي قبل عشرة أشهر من السيطرة عليها، مركزاً للتآمر والتجسس والتخطيط للانقلابات والحروب الأهلية وإدارة وسائل الإعلام المناهضة للثورة الإسلامية، ولذلك للعداوات الأميركية للشعب الإيراني سبب آخر».
من أجل معرفة الجذور الموثقة لهذه العداوات، لفت سماحته إلى نفوذ البريطانيين خلال عهد الدولة القاجارية. وقال: «أراد البريطانيون الهيمنة على المراكز والموارد الاقتصادية لإيران عبر النموذج الاستعماري في الهند، ثم السيطرة على الساحة السياسية والسيادة».
وعن أفول القوة البريطانية في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي والاستبدال التدريجي لأمريكا مكان هذا البلد، قال الإمام الخامنئي: «أظهر الأمريكيون في البداية وجهاً لطيفاً عبر إخفاء ميولهم الاستعمارية، ولكن عندما رأوا جهود حكومة مصدق لجعل إيران مستقلة، أزاحوا قناع اللطافة، وعبر انقلاب 19 آب/أغسطس استولوا عملياً على مقدّرات البلاد وجعلوا إيران تابعة لهم تماماً».
ومع استكماله النماذج، قال سماحته إنّ «فتح البلاد أمام الكيان الصهيوني، وتأسيس السافاك المخيف، وإرسال عشرات الآلاف من المستشارين على حساب الشعب الإيراني للسيطرة على جميع الشؤون العسكرية، وترويج الفساد لسَوق جيل الشباب نحو انعدام الفائدة، والإبقاء على إيران متأخّرة علمياً، والتمييز الطبقي الرهيب، كله من جملة الآثار المشؤومة لتسلّط أمريكا على البلاد».
في ختام هذا الجزء من كلمته، قال قائد الثورة الإسلاميّة: «الموت لأمريكا ليس شعاراً؛ إنه سياسة نشأت من المؤامرات والعداءات التي لا نهاية لها لأمريكا مع الشعب الإيراني خلال العقود السبعة الماضية».