أكد أستاذ الفلسفة وعلم الكلام في الجامعة اللبنانية “الدكتور خضر نبها” أن النصوص الدينيّة من القرآن والروايات قدّمت تصوّرات وإيضاحات لأسئلة فلسفيّة كبرى شغلت الفلاسفة ومن بين هذه الأسئلة ما يتعلّق بالمبدأ والمعاد.
وتُعدّ الفلسفة اختصاصاً مشوقاً، كما أنها ممارسة يوميّة من شأنها أن تحدث تحوّلاً في المجتمعات. وتحث الفلسفة على إقامة
حوار الثقافات إذ تجعلنا نكتشف تنوع التيارات الفكرية في العالم. وتساعد الفلسفة على بناء مجتمعات قائمة على مزيد من التسامح والاحترام من خلال الحثّ على إعمال الفكر ومناقشة الآراء بعقلانية. ومن وجهة نظر اليونسكو، تعدّ الفلسفة كذلك وسيلةً لتحرير القدرات الإبداعية الكامنة لدى البشرية من خلال إبراز أفكار جديدة. وتُنشئ الفلسفة الظروف الفكرية المؤاتية لتحقيق التغيير والتنمية المستدامة وإحلال السلام.
وفي هذا السياق أعلنت اليونسكو(منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة) كل ثالث يوم خميس من شهر نوفمبر اليوم العالمي للفلسفة ويحتفل به. تم الاحتفال به لأول مرة في 21 نوفمبر 2002. خلال الاحتفال باليوم العالمي للفلسفة في كل عام، وفي يوم الخميس الثالث من نوفمبر، تؤكد منظمة اليونسكو القيمة الدائمة للفلسفة لتطور الفكر البشري، لكل ثقافة ولكل فرد.
بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، أجرت مراسلة وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا) في لبنان “الاعلامية ريما فارس” حواراً مع أستاذ الفلسفة وعلم الكلام في الجامعة اللبنانية “الدكتور خضر نبها” .
فيما يلي النصّ الكامل للحوار:
كيف تقيمون تأثر الفلسفة الإسلامية المعاصرة بالقرآن والتراث النبوي والفقه والعقيدة الإسلامية؟
أ. قدّمت النصوص الدينيّة من القرآن الكريم والروايات تصوّرات وإيضاحات لأسئلة فلسفيّة كبرى شغلت الفلاسفة، ومن بين هذه الأسئلة ما يتعلّق بالمبدأ والمعاد. فاستطاعوا بفضلها صياغة نظريّاتهم الفلسفية في هذا المجال إعتماداً على العقل ولكن بالاستضاءة بنور هذه النصوص.
ب. فتحت النصوص الدينيّة والفقه والعقيدة الإسلاميّة الباب للفلاسفة على تناول قضايا ومسائل جديدة وأخرى ليست بجديدة، لكنها استثارت عقله للتعمّق والبحث فيها؛ ممّا خدم الفلسفة اتّساعاً وعمقاً.
ت. أدّت إلى تشييد مدرسة فلسفية إسلامية جديدة وهي مدرسة الحكمة المتعالية الّتي أقامت فلسفتها اعتماداً على البرهان والعرفان والقرآن، وهو ما يعني الوصول إلى الحقائق عن طريق العقل والكشف والشرع وذلك بعد ثبوت صحة الوحي بالبرهان. وقد جعل صدر المتألّهين مؤسس هذه المدرسة المكانة المرموقة للكتاب والسنّة في فلسفته.
ويقول “الحكيم ملا صدرا الشيرازي” مؤسس مدرسة الفلسفة المؤثرة المعروفة باسم (الحكمة المتعالية): “وإنِّي كنت سالفاً كثير الاشتغال بالبحث والتكرار، وشديد المراجعة إلى مطالعة كتب الحكماء النظّار حتى ظننت أنِّي على شيء. فلمَّا انفتحت بصيرتي ونظرت إلى حالي، رأيت نفسي – وإن حصّلت شيئاً من أحوال المبدأ وتنزيهه عن صفات الإمكان والحدثان، وشيئاً من أحكام المعاد لنفوس الإنسان – فارغة عن علوم الحقيقة وحقائق العيان، مما لا يُدرك إلاّ بالذوق والوجدان، وهي الواردة في الكتاب والسنة من معرفة الله وصفاته وأسمائه وكتبه ورسله، ومعرفة النفس وأحوالها من القبر والبعث والحساب والميزان والصراط والجنة والنار، وغير ذلك مما لا تعلم حقيقته إلاّ بتعليم الله ولا تنكشف إلاّ بنور النبوة والولاية”.
وقد كان لدخول الكتاب والسنّة في هذه المدرسة بركاتها الكبيرة على الفلسفة الإسلاميّة، إذ ” بهذا العنصر الغني – الذي أدخله الشيرازي في فلسفته – وجدت الفلسفة تطورها بقفزات جبّارة وأثمرت عدداً كبيراً من المسائل الجديدة التي لم تكن تعهدها الفلسفات السابقة في الإغريق والفرس ولا في غيرهما من معاهد الفلسفة والحضارة، فبلغت مسائل الفلسفة الإسلامية الحديثة عدداً كبيراً يُثير الإعجاب, إذ بعد أن كانت المسائل الفلسفية في العصر اليوناني لاتتجاوز مائتي مسألة بلغت بفضل الفلسفة التي أشادها صدر المتألّهين سبعمائة مسألة”.
2. تشكل القضايا الأخلاقية جزءا هاماً من الفلسفة الإسلامية، إلى أي مدى يمكن استخدام هذه التعاليم لمواجهة تحديات مجتمعات اليوم، بما في ذلك العواقب الأخلاقية للتقنيات الجديدة؟
نجيب عن هذا السؤال من خلال ما قدّمه الشّهيد الصدر كرؤية من خلال كتاباته. فهو أوّلاً قد ربط مشاكل الأمّة وتحديّاتها وما تعيشه من أزمات كالتحرر من الاستعمار وحاجتها إلى التنمية والنهوض الحضاري وغير ذلك بالمشكلة الأخلاقية، حيث سبب جميع الشقاء والمآسي هو النظرة المادية وتتويج المصلحة الشخصية أساساً لكل حركة ونشاط.
أمّا مواجهة هذه التحديات والمشاكل فهي عند الشهيد الصدر ترتبط بالفلسفة الأخلاقيّة الّتي ترتبط باستخلاف الانسان في الأرض، إذ من خلافة الانسان تنطلق القيم الأخلاقية وتكون عملية الاستخلاف الرباني للجماعة على الأرض هي المنطلق لكل عملية تغييرية؛ فينظر الإنسان لكل ما حوله نظرية مسؤوليّة ورعاية وإصلاح.
النمو الحقيقي في مفهوم الاسلام أن يحقق الانسان الخليفة على الأرض
يقول الشهيد الصدر: “النمو الحقيقي في مفهوم الاسلام أن يحقق الانسان الخليفة على الأرض في ذاته تلك القيم التي يؤمن بتوحيدها جميعاً في الله عز وجل الذي استخلفه واسترعاه أمر الكون، فصفات الله وأخلاقه من العدل والعلم والقدرة والرحمة بالمستضعفين، والانتقام من الجبارين والجور الذي لا حد له هي مؤشرات للسلوك في مجتمع الخلافة وأهداف للإنسان الخليفة، فقد جاء في الحديث «تشبهوا بأخلاق الله» ولما كانت هذه القيم على المستوى الإلهي مطلقة ولا حد لها، وكان الانسان الخليفة كائناً محدوداً، فمن الطبيعي أن تتجسد عملية تحقيق تلك القيم إنسانياً في حركة مستمرة نحو المطلق وسير حثيث إلى الله”.
فالقيم الأخلاقية ليست مجرد مجموعة فضائل يتحلّى بها الإنسان ومجموعة رذائل يجتنبها كما هو الحال في المذاهب الأخلاقيّة القديمة. بل هي نظرة فلسفيّة عميقة إلى القيم الأخلاقية وربطها بالتغيير الإجتماعي والإصلاح. فهي أخلاق إلتزام تجاه الإنسان والطبيعة وأخلاق مقاومة وجهاد وتحرّر من الإستبداد الداخلي في ذات الإنسان والإستبداد الخارجي. فهي تحدّد تعامل الإنسان مع السياسة والاقتصاد والثقافة و.. فهو كائن مسؤول يُعبّر عن خلافته لله تعالى في الأرض عن طريق تجسيد القيم الاخلاقية الملازمة للخلافة في المجتمع. فالقيم الأخلاقيّة الراسخة عند الأفراد هي الّتي تبعث على التحوّلات الاجتماعيّة.
وتتميّز هذه الأخلاقيّة لارتباطها بالله تعالى بأمرين: بطاقتها الهائلة الّتي تعبّئ الشعوب، وبإلزاميّتها عند الإنسان، لكن إلزام يكون عن قناعة داخليّة وتقوى تدفعه إلى تجاوز أنانيّاته حيث يُخضع مصالحه للقيم الأخلاقيّة ذات المنشأ الإلهي. فالعملية الإصلاحيّة والتغييريّة تتّكئ على الأخلاق المرتبطة بالله. فالتغيير والتحرّر في المجتمع لا يتحقّق ما لم يبدأ الإنسان بتغيير نفسه عن إلزام وقناعة داخليّة. وفي المقابل تكون الأخلاق التي لا ترتبط بالمصدر الإلهي خالية من الفاعليّة والإلزام؛ فهي مؤسّسة على المصالح الذاتية، ولا تملك المبرّرات لوجود التزام تجاه القضايا الاجتماعية والانسانية. فالإيمان بالله وبالعالم الآخر وحده الّذي يوازن بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة ويُخرج الإنسان من ضيق النظر بتركيزه على ذاته، ويفتح أمامه أفق الانفتاح على المجتمع وعلى الانسانية ويحرّره من أنانيّته. فهذه القيم الأخلاقية القائمة على هذه الرؤية الفلسفية تدفع بالإنسان إلى التضحية بمصالحه الآنيّة. ومن هنا كان الأثر الأكبر لقوّة الأخلاق في الثورة على التخلّف والاستعمار وفي معركة التنمية والوصول إلى التطوّر المعرفي والتكنولوجي والحضاري وغيره. وهذا يعني تأثير القيم الأخلاقيّة على حركة التاريخ.
فلا تغيير في القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والحضارية، ولا تحرُّر من نتائج الإنحرافات الإقتصاديّة والتكنولوجيّة والثقافيّة بدون أخلاق ولا أخلاق فاعلة بدون الإرتباط بالله إذ تستمدّ هذه القيم الأخلاقيّة وجودها من هذا الإيمان والارتباط به.
يُراجع: مقال بعنوان الأخلاق والدين المدخل فلسفة الأخلاق فراغ في الفكر الإسلامي، مركز الأبحاث والدراسات التخصصيّة للشهيد الصدر.
3. ما هي مكانة الفلسفة في الإسلام ودورها في التكوين الحضاري؟
أ. إثبات العقائد الدينيّة من أصل وجود الله وصولاً إلى سائر العقائد بمعظمها يعتمد على البراهين الفلسفيّة. وقد قدّم بعض الفلاسفة المسلمين أعمالاً فلسفيّة مهمّة جدّاً، من قبيل نظريّة الاحتمال الّتي أثبت عبرها وجود الله لمن يؤمن بالمنهج التجريبي، وذلك في كتابه “الأسس المنطقية للاستقراء”.
ب. تحصين المجتمع مقابل الغزو والاستلاب الفكري الّذي يؤدي إلى الهزيمة الحضاريّة.
ت. الرد على الفلسفات الإلحاديّة والماديّة والّتي في حال تُركت أدى ذلك إلى زلزلة عقائد المسلمين والقضاء على أصل فكرة الحضارة الإسلاميّة، حيث تصون وتحصّن الفلسفة المسلمين عن طريق الأدلّة والبراهين الواضحة.
ث. دور الفلسفة الهجومي فضلاً عن الدفاعي، وهو ما يؤدي إلى نشر الثقافة الإسلاميّة.
ج. لعب الفلسفة الإسلامية دوراً هامّاً في ازدهار الحركة الفكرية الّتي هي مكوّن أساسي من مكوّنات الحضارة.
ح. إنّ جميع النظريّات التربويّة والثقافيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة وغيرها ممّا يشكّل البنى التحتيّة لأي حضارة حيث تتكوّن من الجانب التربوي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي و..، تعود في أصولها لها إلى نظريّات فلسفيّة سابقة لها.
خ. تقديم رؤية عقلانية للدين الّذي يحمل مشروعه الحضاري. وبالتالي تجعله يحظى بمزيد من المقبوليّة والقناعة بمشروعه الحضاري الّتي هي أولى الخطوات نحو التكوين الحضاري.
د. إنعكاس عمق المعرفة الإنسانيّة الّتي تتيحها الفلسفة على الميول والغايات الإنسانيّة. إذ تتفاوت الغايات بتفاوت المعرفة. فـ “الإنسان إذا كان يمتلك سعةً في العلم وعمقاً في المعرفة، لا يكتفي بالأمور الماديّة في في رسمه للأهداف والغايات الّتي يصبو إليها، بل يرتقي بها إلى الأمور المعنويّة الخارجة عن نطاق عالم المادّة” . فهي توسّع مدارك الإنسان وتخرجه من إطار التفكير الفردي والشخصي ليرتقي إلى ما هو أبعد وأهم.
ذ. السلوك هو نتيجة الإيديولوجيا التي هي وليدة الرؤية الكونيّة. والرؤية الكونيّة بدورها تتشكّل نتيجة البحث الفلسفي. ممّا يعني أنّ سلوك أفراد المجتمع الإسلامي ترجع إلى أصول فلسفيّة.
ر. إطفاء بريق الحضارة الغربيّة والفكر الإلحادي في النفوس عبر إظهار ضعف أسسها الفلسفيّة والفكريّة. وهو ما يُساهم في البحث عن حضارة بديلة يكون التوجّه نحو الحضارة الإسلامية أحد بدائلها.
ز. دور الفلسفة وأثرها في التكوين الحضاري عندما تواكب العصر وتُثير مشكلاته وتعمل على التنظير لحلّها. فإذا أدّت الفلسفة الإسلاميّة هذا الدور، آمن الناس بصوابيتها وفعاليتها.
مساهمة الفلسفة في حوار الثقافات والأديان والحضارات
س. مساهمة الفلسفة في حوار الثقافات والأديان والحضارات، ممّا يدفع نحو التطوّر الفكري.
ش. دور الفلسفة في تمييز المشكلات الحقيقية من الزائفة. فقد يكون إنشغال الإنسان بمشكلات هي ليست مشكلاته الحقيقية؛ لكن تمّ الترويج لها في وسائل الإعلام أو غيرها. هنا يأتي دور الفلسفة في التمييز بين بين المشكلات الحقيقية وتلك الزائفة، فلا تضيع الطاقات والجهود بالانشغال بما غير حقيقي.
ص. اعتبار الفلسفة طريقاً لتجديد الخطاب الديني، وطبعاً تحت سقف النص الديني لا مقابله.
4. ما هي مكانة الفلسفة الإسلاميّة في الدرس الأكاديميّ الحديث؟
نبدأ من المدراس حيث لا خبر عن الفلسفة فضلاً عن الفلسفة الإسلاميّة في المناهج الدراسيّة الإبتدائيّة والمتوسّطة وهو يعني ضعف الالتفات إلى مكانة التفكير والدرس الفلسفي بما يتناسب مع هذه المراحل على الرّغم من أهميّة إدخال الفلسفة إلى المناهج التعليمية في وقت مبكر. يقول قائد الثورة الاسلامية الايرانية سماحة آية الله السيد علي الخامنئي: “إنّ الكثيرين في مجتمعنا لا يخطر ببالهم من الأساس، أنّ الفلسفة هي أمرٌ مهمٌّ للطفل. فبعض الأشخاص يتصوّرون أنّ الفلسفة هي نوع من الهذر، وبعضهم يلتفت إليها في آخر عمره، لكنّ الأمر ليس كذلك. إنّ الفلسفة عبارة عن تشكيل الفكر وتعليم الفهم، وتعويد الذهن على التفكّر والتفهّم، وهذا الأمر ينبغي أن يكون منذ بداية الطفولة. والقالب والشكل مهمٌّ، في فلسفة الأطفال، وكذلك المحتوى والمضمون، لكنّ الأساس هو الأسلوب، أي أن يعتاد الطفل منذ بداية طفولته على التفكّر، وعلى التعقُّل”، والهدف من ذلك وفقاً لكلامه أيضاً يُختصر في العبارة التالية: “إن تربية قدرة التفكير والعقل في المجتمع هي مفتاح تسوية المشاكل، ولجم النفس، وتمهيد الأرضية أمام الإنسان لعبادة الله” . وعند كلامه عن الفلسفة، فإنّه لا شكّ في قصد سماحته الفلسفة على المباني الإسلاميّة.
أمّا في مرحلة التعليم الثانوي فتدخل الفلسفة ضمن المنهج التعليمي مع استبعاد للفلسفة الإسلاميّة بشكل كامل عن مناهجها باستثناء المنهج التعليمي في مدارس المهدي (عج) الّذي يتعرّض للفلسفة الإسلاميّة في صفوف الحادي عشر بما تيسّر. وهو ما يدفعنا إلى القول بأنّ المناهج التعليميّة تحتاج إلى إصلاحات.
أمّا في المعاهد والجامعات، فيمكن القول إنّ الفلسفة الإسلامية لم تحظى في الجامعات المحليّة والعربيّة والإسلاميّة فضلاً عن الغربيّة بالمكانة التي تليق بها باستثناء الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة الّتي تحظى فيها الفلسفة بمكانة مرموقة على خلاف جميع الجامعات الإسلاميّة والعربيّة، إذ لا تخلو في إيران جامعة خاصّة أو حكوميّة من دروس الفلسفة الإسلاميّة. فيما المدرسة الفلسفية الأكثر انتشاراً هي مدرسة الحكمة المتعالية وإن وجدت تيّارات أخرى لها روّادها كالفلسفة الغربيّة.
وفيما يتعلّق بالجامعات الغربيّة تُدرَّس مقرّرات الفلسفة الإسلاميّة ضمن أقسام دراسات الشرق الأوسط أو الدراسات الشرقيّة، كما هو الحال في جامعة نيويورك وفي ألمانيا حيث يحضر هذا الدرس بقوّة. وأحياناً يُقدّم درس الفلسفة الإسلامية ضمن أقسام التيولوجيا والدراسات الدينيّة أو الإسلاميّة . وتجدر الإشارة إلى أنّ الفلسفة الإسلاميّة لا تُدرّس في جامعة هارفرد ومركز الوليد بن طلال في جامعة كامبريدج.
وكما أسلفنا، فإنّ الجامعات التقليديّة في العالم الإسلامي بمعظمها لا تعطي الفلسفة الإسلاميّة كثيراً من الاهتمام. وهي تتفاوت من بلد لآخر. ففي جامعات تونس تُدرّس الفلسفة الإسلاميّة بقوّة. أمّا في كليّات الدراسات الإسلاميّة ضمن بعض الجامعات، فإنّ تخصّص الفلسفة الإسلاميّة غير موجود، وذلك من قبيل جامعة قطر وجامعة زايد وكذلك الحال في كليات الدراسات الإسلاميّة في سائر جامعات الخليج{الفارسي}.
وتجدر الإشارة إلى ضرورة أن لا يكون الدرس الفلسفي غير مربوط بالموضوعات الجديدة وبواقع الحياة والتحدّيات الراهنة، مع الإلفات إلى ضرورة الابتعاد عن الأسلوب الجافّ كما هو الحال في معظم صفوفه.
5. ما هي الأسس الفكرية والمنهجية في الفلسفة الإسلامية المعاصرة؟
“التناسق والانسجام في المنظومة الفكريّة”، و”التطابق بين العقل والشرع”، و”التوافق مع أصول الإسلام”، و”مبدأ الوجود هو الله”، و”التأسيس الإيماني عن طريق الأسس العقلية والمنطقية”
في مدرسة الحكمة المتعالية:
أ. إتباع صدر المتألّهين في كشف حقائق الوجود لمنهج الجمع بين: ” البرهان والعرفان والقرآن” إلى جنب. فهذه العناصر في توافق وانسجام كامل عنده.
ب. أصالة للقرآن. يقول صدر المتألهين: “هيهات هيهات، قد خاب على القطع والبتات، وتعلّق بأذيال الضلالات، من لم يجمع بتأليف الشرع والعقل هذا الشتات، فمثال العقل البصر السليم عن الآفات والأدواء، ومثال القرآن الشمس المنتشرة الضياء، فأخلقُ بأن يكون طالب الاهتداء المستغني بأحدهما عن الآخر في غمار الأغبياء، فالمعرض عن العقل مكتفياً بنور القرآن والخبَر مثاله كالمعترض لنور الشمس والقمر مُغمضاً للأجفان، فلا فرق بينه وبين العميان، وهكذا فالشرع مع العقل نور على نور “.