Search
Close this search box.

التعبويُّ الأول

التعبويُّ الأول

د. محمد عليق

الإمام القائد دام ظله، التعبويّ الأوّل والـ “بسيجي” بامتياز، انفرد بوضع الكوفية التعبويّة على كتفيه افتخاراً وانتماءً لها، وربما تيمّناً بما أطلقه الإمام الخميني قدس سره في قوله: “إنّ افتخاري في هذه الدنيا أنني تعبوي” (1) واصفاً التعبئة بـ”الشجرة الطيّبة” و”مدرسة العشق”. يقول الإمام الخامنئي دام ظله لأبنائه من شباب التعبئة الجامعيّة: “والله إنّي أحبكم من كل قلبي”(2). وانطلاقاً من دور طلّاب الجامعات والتعبويين الثوريين منهم خاصة يقول: “ولحسن الحظ فإنني العبد لله ومنذ ما قبل انتصار الثورة، قد أمضيت وقتاً كبيراً من عمري مع طلاب الجامعات. وإلى ما بعد الانتصار وعلى رغم كل المسؤوليات فإنني أصرّ على التواصل المستمر معكم وإظهار التكريم والتقدير للتعبويين الجامعيين، ولا يمكنني أصلاً أن لا أتواصل معكم!” (3) و“أن نصرّ على اللقاء في كل عام وفي شهر رمضان، أن نجلس مع هؤلاء الطلاب والطالبات ونفطر سويّاً، فإنّ هذا بحدّ ذاته هو عمل رمزي، أرغب من خلاله في إظهار قيمة الشباب الجامعيين وأهمية دورهم المصيري في الحاضر والمستقبل” (4).

*ما هي التعبئة الجامعية؟
كيف يعرّف الإمام الخامنئي التعبئة الجامعيّة؟ وما هي المواصفات والخصائص والمهام التي ينبغي للطالب التعبوي أن يتحلّى بها للوصول إلى أهداف التعبئة؟
“إنّ عنوان التعبئة الجامعيّة” يتشكّل من قسمين، ولكل منهما عالمه وحكاياته وتكاليفه. حين نقول “تعبئة”، نعني مجموعة من الأفراد الحاضرين في ساحة الجهاد والمستعدّين للعمل والعطاء وصولاً إلى التضحية بأنفسهم. وكل هذا ليس بشكل رسمي وظيفي، بل تطوّعاً ورغبةً واقتناعاً…
وكذلك كلمة (الطالب) “الجامعي” فهي تحمل معنىً جذّاباً ومهمّاً جداً. الطالب الجامعي هو الشاب الطالب للعلم المتطلّع لبناء المستقبل، فالمستقبل في يده”(5). وتتجلّى أهميّة الجمع بين المفهومين (التعبوي والطالب) في أنّ التعبئة عمل تطوّعي مخلص يقوم به مجموعة من الشباب في سبيل الأهداف الكبرى بما هم صنّاع المستقبل في بلدهم ومجتمعهم عبر علمهم وتخصّصهم وعملهم الفعّال، “الجمع بينهما مهمّ وحسّاس جداً، المهم أن يصبح الإنسان تعبوياً حقيقياً… فإذا كان هدف الطالب الجامعي فقط أن يدرس ليؤمّن مثلاً مصلحته الشخصيّة ولا يهتمّ بمصير الآخرين وقضايا البلد والناس؛ فهذا خطر كبير جداً” (6).

*الطاقة فرصة ذهبية
فالطالب الجامعي بروحيّته التعبويّة المضحّية ونظراً لموقعه الحسّاس وكذلك لمرحلة عمره الشاب “حيث أعطاه الله تعالى هذا المصدر العظيم للطاقة في “فرصة ذهبيّة” لبناء قاعدة متينة وتحصيل المؤهلات الثمينة لحياة سعيدة، ولعل الله تعالى لم يخلق ظاهرة أجمل من عمر الشباب بين جميع الأبعاد الظاهريّة للإنسان، ولهذا نرى الأحاديث تكرّر أنّ الإنسان في يوم القيامة يسأل عن شبابه فيما أبلاه” (7). لذا، تقع على عاتقه مسؤوليات كبيرة تجاه نفسه وشعبه وبلده.

*خصائص التعبوي
ما هي خصائص ومميزات التعبوي الجامعي والتي ترسم له شخصيته وهويته ودوره؟
1 – التصدّي والإقدام: وذلك في الميادين الكبرى “التعبوي دائم الحضور والنزول إلى الميدان. أي ميدان؟ ميدان التحديات الحيوية والأساسيّة: ميدان الفكر والمعرفة وإنتاج العلم، ميدان التحديات المتنوّعة للتعويض عن التخلّف الذي جرى في الواقع، تحديات البناء وخدمة الناس، تحديات الدفاع السياسي حين يكون الهجوم سياسياً والدفاع العسكري حين يكون الهجوم عسكرياً” (8).

2 – التفوّق:
 ويرتبط ذلك بفلسفة وجود الطالب الجامعي “فلسفة وجوده في الجامعة هي طلب العلم والدرس في المقام الأوّل، وإن لم يدرس كما يجب فإنّه لن يحصّل براءة الذمّة أمام الله والناس على المستوى الشرعي وعليه أن يجيب الله تعالى يوم القيامة. الأساس الأوّل هو الدرس” (9).
ولا يكفي الدرس العادي “فالتعبوي ينبغي أن يسعى للتفوّق وأن يسبق الجميع في مجال العلم والتقنيات والإبداع العلمي لفتح الآفاق المعرفيّة التي لم تكتشف حتى الآن” (10).

3 – طلب العدالة:
 إنّ التعبوي الجامعي قد أدرك بوعيه وبصيرته وحضوره في الساحات، أهم مشكلات المجتمع وتحدياته وحدّد سُبُل النهوض والإصلاح والتقدّم فهو “حسّاس بالدرجة الأولى لمسألة العدالة وطلب العدالة ورفض الظلم، التعبوي طالب للعدالة. ولهذا آلياته وأساليبه، بحيث يصل المجتمع إلى المستوى الذي تُبنى سياساته وقيمه على أساس العدل وطلب العدالة” (11). ولأنها مسيرة طويلة وصعبة وتحتاج إلى تضحيات وذكاء وإرادة فـ”لا تقصّروا للحظة واحدة عن طلب العدالة فإن هذا شأنكم اللائق بكم. فأنا شخصياً وبكلّ وجودي أدعم هذا التفكير” (12).

4 – الأخلاق والمعنويّات: 
الطالب الجامعي التعبوي يمثّل حضور العنصر الإيماني والأخلاقي في سلوكه الشخصي والعلمي وحركته الجامعيّة والاجتماعيّة ولذا فإنّ مسؤولياته في بناء وتربية نفسه وتهذيبها أكبر من الآخرين، “إنّ المسألة الأساس وحاجتكم الكبرى للأخلاق والمعنويات، فليكن سعيكم أن لا ترتكبوا أي معصية، أدّوا الفرائض بكل شوق ورغبة، لا تغفلوا عن ذكر الله، حين تكونون معاً في الأجواء المختلفة، اسعوا لمساعدة بعضكم بعضاً في الالتزام والتديّن والبُعد الروحي والمعنوي، فأنتم تشبهوننا نحن طلاب العلوم الدينيّة بمعنىً من المعاني. الناس لديهم توقّعات عالية من طلاب العلوم الدينيّة وكذلك من شباب التعبئة الجامعيّة فإنّ توقّعات الناس منهم عالية وكبيرة”.

5 – التفكّر والتعقّل: 
وهما يسبقان العلم والعمل؛ وحيث إنه “ما من حركة إلّا وأنت محتاج فيها إلى المعرفة“، فإنّ الأساس هو وضوح الرؤية الفكريّة والتعقّل الجمعي للقضايا والمسائل الجارية تشخيصياً وتحديداً للأولويات وسُبُل الحركة والآفاق والأهداف والموانع وصولاً إلى معرفة العدو وخططه وأساليبه “من الأعمال الأساسيّة (للجامعيين التعبويين) أن تُشكّل جلسات واسعة للفكر“(13) لأنّ “توقّعي وانتظاري من الطالب الجامعي بأنّه مفكّر مستنير بكل معنى الكلمة“(14). فالطالب الجامعي بما هو صانع للمستقبل وحلّال لمشكلات الحاضر وتحدياته، ينبغي أن يكون العقل المفكّر لمجتمعه والقلب النابض لآمال وأحلام شعبه. الجامعيون هم الفئة المُختارة والمصطفاة “أنتم الفئة المختارة للمجتمع هذه ليست مجاملات، أنتم أمل المستقبل، في الحقيقة أنتم قلب الشعب وهذا الشعب يراهن عليكم على المدى البعيد” (15).

6 – التأثير الواعي والعميق بالآخرين: 
“أعتقد أن على الشباب الجامعي الثوري، أن يسعى للدرس بشكل جيد، وأن يرفع مستوى فكره ومعرفته دوماً وأن يؤثر في محيطه وبيئته. أن يكون فعّالاً مبادراً وليس منفعلاً صاحب ردّ فعل. إنّ على الجامعيّ أن يؤثّر في أجواء محيطه فكريّاً ونفسياً، وهذا ممكن. أحياناً يؤثّر الشاب على مجموعة كبيرة حوله – على زملاء الدراسة وحتّى على الأساتذة وعلى كلّ الجامعة أيضاً – بتأثير شخصيته المعنويّة، وبالطبع فإنّ هذا لا يتحصّل بالألاعيب السياسيّة، إنّما بواسطة المعنويات والصفاء الروحي عند الجامعي، من خلال تمتين علاقته بالله سبحانه وتعالى” (16).

والكلام يطول، بين التعبويّ الأوّل، إمام التعبويين ومربّيهم وبين أبنائه وبناته في التعبئة الجامعيّة، يقول لهم إنّ التعبئة ليست مجرّد منظّمة ومجموعة حركيّة ونشاط طلابي، بل هي “ثقافة” ونمط تفكير وحياة وإرادة وأبعاد متعددة تصنع هوية واحدة “الجامعي الناجح هو من يدرس جيداً ويهذّب أخلاقه جيداً ويمارس الرياضة جيداً أيضاً” (17).

وختام الكلام لسماحته, مختصر مفيد حول ثقافة التعبئة والتعبوي.

الطالب الجامعي هو:
1 – التعبوي السياسي، ولكنّه ليس مُسيَّساً ومُسيِّساً للأمور.
2 – التعبوي ذو بصيرة، ولكنّه لا يشعر بالرضى عن النفس.
3 – التعبوي أهل الجذب والاستقطاب، ولكنّه ليس متساهلاً في الأصول.
4 – التعبوي من أنصار العلم، ولكنّه ليس مبهوراً، بلا وعي، بالإنجازات العلميّة.
5 – التعبوي يتحلّى بالأخلاق الإسلاميّة، ولكنّه ليس مرائياً ومتظاهراً.
6 – التعبوي جادٌّ، مجدّ في عمارة الدنيا، ولكنّه ليس من أهل الدنيا.
هذه هي ثقافة التعبئة” (18).

1.صحيفة الإمام، ج 21، ص 196 (فارسي).
2.لقاء الإمام الخامنئي دام ظله مع تعبئة جامعة طهران 11/11/1376 هـ.ش(1997م).
3.المصدر السابق.
4.لقاؤه مع الجامعيين المتفوّقين 7/9/1381 هـ.ش(2002م).
5.لقاء تعبئة جامعة طهران 11/11/1376 هـ.ش(1997م).
6.م. ن.
7.لقاؤه مع طلاب التعبئة الجامعية 25/9/1977هـ.ش (1999م).
8.لقاؤه مع وفد من التعبئة الجامعية 5/3/1384 هـ. ش (2005م).
9.لقاؤه مع مديري تحرير المجلات الطلابيّة الجامعيّة (4/12/1377 هـ.ش (2000م).
10.لقاؤه مع طلاب التعبئة الجامعيّة من مختلف أنحاء إيران 31/3/1386هـ. ش (2007م).
11.لقاؤه مع وفد من التعبئة الجامعية 5/3/1384 هـ. ش (2005م).
12.لقاؤه مع الجامعيين في جامعات شيراز 14/2/1387 هـ.ش (1998م).
13.لقاؤه مع طلاب الجامعات،7/7/1387 هـ.ش (2008م).
14.لقاؤه مع الطلاب المتفوّقين 7/9/1381هـ. (2002م).
15.لقاؤه مع طلاب وأساتذة جامعات محافظة كرمان 19/2/1384 هـ.ش (2005م).
16.لقاؤه في (جامعة طهران) 22/2/1377هـ.ش (1998م).
17.لقاؤه مع طلاب جامعة طهران 22/2/1377 هـ.ش (1998م).
18.لقاؤه مع التعبئة 6/9/1390هـ.ش (2011م).

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل