Search
Close this search box.

المدرسة القرآنية تعلّمنا أن نقاوم لنيل النصر أو الشهادة

نحتاج في زمن المقاومة إلى أن نكون أكثر تجذراً في الرؤية والموقف بخصوص ما تعنيه المقاومة من جهاد ومشروعية في مواجهة الباطل والعدوانية، وقد تعلمنا في المدرسة القرآنية أن نقاوم ونقاتل لنيل إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وهما النصر أو الشهادة.

ونحتاج في زمن المقاومة إلى أن نكون أكثر تجذراً في الرؤية والموقف بخصوص ما تعنيه المقاومة من جهاد ومشروعية في مواجهة الباطل والعدواني، وقد تعلمنا في المدرسة القرآنية أن نقاوم ونقاتل لنيل إحدى الحسنيين وهما النصر أو الشهادة، وأن نعتلي منابر الحق لتبيان معنى وحقيقة القتال والجهاد في سبيل الله تعالى بحيث يكون الجهاد لعلة العدوان وليس لأي علة أخرى من كفر أو نفاق أو غير ذلك مما اعتاده الناس في إعلان الحروب لكسب حطام أو لتغليب موقف سياسي هنا أو هناك، وهذا ما لا ينسحب مطلقاً على من اغتصب الأرض واعتدى على الحقوق.
كما هو حال العدو الصهيوني الذي يقاتله الأحرار لعلل كثيرة في الاعتقاد والرؤية والموقف لما هو عليه هذا العدو في تاريخه من عدوانية كان سبق للقرآن الكريم أن أعلن عنها منذ مئات السنين في إدانته الصريحة والصارخة لأحزاب بني إسرائيل من يهود ونصارى!
وهذا ما ينبغي أن ينبري الإعلام المقاوم لتظهيره في وسائله المختلفة، وخصوصاً على شاشات التلفزة التي تواكب الأحداث على نحو مختلف تماماً عمّا ينبغي أن تكون عليه في تظهير الموقف والرؤية! فالعدو ليس مظهراً سياسياً، ولا هو تعبير عن مجرد موقف عدواني، وإنما هو تاريخ من الفكرة والموقف الديني الحاقد على الإنسانية من موقع ما يراه هذا العدو لنفسه من امتياز وخصائص الفرادة في الخلق والوجود!

فالعدو يرى لنفسه البنوة لله تعالى، فهم أي اليهود أبناء الله وأحباؤه، وأنهم أولياء لله من دون الناس! وقد عبروا عن رؤيتهم هذه في حروبهم ضد الإنسانية كلها، ولا نقول ضد العرب والمسلمين،ولم يعد خافياً على أحد ما قاله العدو عن حيوانية البشرمنذ الآلاف السنين، ولا يزالون على مواقفهم رغم كل ما بلغته البشرية من تحضر ورقي، إذ لم تعد الأفضلية لأحد في عرقه ولا في جنسه، ولا في عقيدته لما عبرت عنه كل ديانات البشر الأرضية والسماوية أن التمايز إنما يكون بالتقوى ودرجة الإنسانية التي جعلها الله مقياساً لكل تحضر وكل كرامة.

إن ما نعايشه اليوم من إعلام مقاوم،هو لا يكاد يتجاوز تظهير الصورة وهول الجريمة ومواقف التحليل التي يسميها بالخبرة الاستراتيجية!؟ وكأن المطلوب من الناس أن يتفاعلوا مع بشاعة تصرفات العدو في حربه العدوانية دون أن يترافق ذلك مع تعميق للموقف ليكون تعبيراً عن منظومة اعتقاد ورؤية يراها هذا العدو لنفسه، فهذه قنوات المقاومة تحتشد على شاشاتها مواقف السياسة، ويغيب عنها تماماً معنى الفكرة المقاومة التي يسقط من أجلها الشهداء سواء في لبنان أو في فلسطين، وفي كل  بلاد المقاومة.

فأهل الإعلام يدركون جيداً معنى تشدق الوزير الأمريكي بيهوديته على أرض فلسطين!كما أنهم يعون حقيقة ما يبتني عليه هذا الكيان من عدوانية دينية لكل أديان الأرض، فما معنى أن تتظهّر الصور والمواقف سياسياً دون وعي بحقيقة ما يسعى إليه هذا العدو من تهويد للأرض والمقدسات.

إن ما تؤديه قناة الجزيرة أو قناة الميادين التي نتضامن معها في ما تعرضت له من عدوانية، ولا نستثني قناة المنار، فكل ما تثيره هذه القنوات العاملة في نصرة المقاومة، نرى أنه يتجاهل في الصورة والموقف حقيقة وتجليات الفكرة المقاومة في تاريخها الجهادي!كيف لا؟ولا نكاد نعثر على موقف أو على رؤية مقاومة واعية بحقيقة التاريخ أو بجوهر الحزبية اليهودية الملعونة منذ الآف السنين على ألسنة كل الأنبياء والمرسلين!

فالإعلام المقاوم ليس له إطلاقاً أن يتجاوز الدين، ولا التاريخ، ولا الوعي التاريخي بحقيقة هذه الحزبية اليهودية، وللأسف فإن كل ما نراه ونشاهده ونتفاعل معه هو مؤسس على حدث اللحظة، وإن تجاوز ذلك إلى الفكرة المقاومة نجده يسقط في مجاهيل الفكر ممن لم نعهد منهم وعياً في الدين ولا في التاريخ!؟ إن ما نحتاج إليه في وسائلنا المقاومة هو هذا أن نعطي للأحداث طابعها الحقيقي طالما أن العدو لا يستحي من تظهير نفسه على أنه الدين والتاريخ والحضارة والامتياز في الخلق والوجود!

فإذا لم تستوِ هذه الوسائل على معنى المقاومة في أبعادها المختلفة مع من لهم باع في حقيقة الوعي التاريخي، فإن السياسة تبقى مجرد رؤية أو موقف مصبوغ باللحظة الإعلامية التي تظهِّرها صرخات الإعلاميين على منابر الإدانة لهذا العدو دون أن تكون لهذه الصرخات والمواقف جوهرية الرؤية في واقع الحدث المباشر! فالإعلام المقاوم له أن يقدّم ما يشاء من الصورة والموقف، ولكنه في حالة كهذه يمكن لقنوات أخرى تحسب نفسها على المقاومة كالجزيرة مثلًا أن تقدم صورةً أو موقفاً أهم وأعمق في التعبير عن حدث الجريمة في واقع كونها جريمة ليس إلا فنحن إزاء موقف مختلف ولا بد أن تكون لذلك الموقف تعبيراته الشاملة، وهذا ما يمكن أن تعبر عنه تحليلات ناشئة من المعطى السياسي بعيداً عن شمولية الرؤية التي تقتضي أن تتحول إليها القنوات المقاومة مع كل ما تفترضه هذه الشمولية من تغيير في المشهد والصورة والأشخاص،بذلك فقط يمكن التحول بالإعلام من كونه إعلاماً في التحليل السياسي،ليكون تحليلًا في الفكر والرؤية،وقبل ذلك في الدين والتاريخ،وذلك من منطلق أن العدو لا يقاتل فقط في السياسة،وإنما هو يحشد العالم كله ليكون مستثمرًا معه في البعد الديني  الذي يراه لنفسه ويقيم كيانه الغاصب على أساسه!
فالإعلام المقاوم ليس مجرد وظيفة أو صوت ناقل لحدث في الواقع، بل هو تعبير شامل عن الرؤية المقاومة في بُعدها الديني والسياسي والتاريخي، وهذا ما نرى أن وسائلنا الإعلامية تفتقر إليه بسبب تأطرها الحزبي وضيق الأفق المقاوم في التحليل الفكري في أبعاده المختلفة، وقد بيّنا في بحوثنا الدينية والسياسية أن ترهل سياسة المقاومة تاريخياً كان ولا يزال سببه ضيق الأفق في وعي الدين والتاريخ! ويبقى على إعلامنا المقاوم تجاوز عقبات ومسببات الترهل ليكون معبراً بحق عن جوهر الفكرة المقاومة بكل تجلياتها،وهذا ما يتطلب تغييرًا في منهجية العمل الإعلامي في عرض الصورة والموقف وتناول الأحداث.والسلام.
بقلم الکاتب والباحث اللبناني في الشؤون القرآنية “د. فرح موسى”

للمشاركة:

روابط ذات صلة

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل