Search
Close this search box.

سُلَّم الشَّرَفِ التَّواضُعُ وَالسَّخاءُ

لمّا كان الشَّرَف هو المنزلة الرفيعة والمرتبة الأخلاقية الراقية احتاج إلى سُلَّم يرتقيه من يرومُه درجة بعد درجة، ومن أهم درجاته ما أشار إليه الإمام علي (ع): “التواضع والسخاء”.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “سُلَّم الشَّرَفِ التَّواضُعُ وَالسَّخاءُ”.
الشَرَفُ: صِفة تُقَيِّمُ مستوى الفرد في المجتمع، ومدى ثقة الناس به، بناءً على أفعاله، وتصرفاته، وأحيانًا نَسَبُه. فهو مرتبة اجتماعية راقية ينال به المرء السيادة في قومه والاحترام والتقدير.
ومما لا شكَّ فيه أن الشَّرَف ينشأ من العلم والمعرفة والأدب والتحلي بالأخلاق الفاضلة، وكلما زاد عقل المَرء تعمَّقت أخلاقه وزادت حكمته فاجتنبَ الموبقات والفواحش، وابتعد عن الرذائل، لأن العقل يُقَبِّحها، وزاد اتصافه بالفضائل والمكارم لأن العقل يُحَسِّنها ويدعو إليها، ولهذا قال الإمام أمير المؤمنين (ع): “إنّما الشَّرَفُ بالعَقلِ والأدَبِ، لا بالمالِ والحَسَبِ” وجاء عنه أيضاً: “مَن لَهِجَ بِالحِكمَةِ فقد شَرَّفَ نَفسَهُ”.

والشَّريف هو الشخص الذي شَرُفَت فضائله، وعَلَت مكارمه، ونَزَّه نفسه عن المعائب ودناءة المَطالب، وصَفا قلبه من هواجس الشَّرِّ، وسَلِمَ من الأحقاد، وامتلأ بحُب الخير للناس، وخفض جناحه لهم، ولانَت عَريكته، ورَهُفَت مشاعره وعواطفه.

ولمّا كان الشَّرَف هو المنزلة الرفيعة والمرتبة الأخلاقية الراقية احتاج إلى سُلَّم يرتقيه من يرومُه درجة بعد درجة، ومن أهم درجاته ما أشار إليه الإمام (ع): التواضع والسخاء.
أما التواضع: فمِمّا لا شك فيه أن الناس تشنأ المتكبر المغرور وتكرهه وتنفر منه، ومن المعلوم أيضا أنه لا يتكبّر على الناس إلا الوضيع الذليل في نفسه، فيعوِّض نقصه وذلته بذلك، أما الذي امتلأ ثقة بنفسه، واحترم ذاته، وآمن أنه واحد من الناس، وأن في الناس من قد يكون أفضل عند الله منه فإنه بلا شك يتواضع ويُلِين جانبه لهم، ويحترمهم حسب أقدارهم، ولا يترفَّع ولا يستكبر عليهم، فتهواه القلوب، وتفتح له أبوابها، وتمنحه وسام التقدير والإعجاب.

ولو قرأنا سِيَرَ العُظماء في التاريخ الإنساني من أنبياء وأولياء وعلماء وعباقرة وفلاسفة ومبدعين، ووقفنا على صفاتهم لوجدناهم متواضعين هيِّنين لَيِّنين، يتواصلون مع الناس بحبٍّ ووِدٍ واحترام وتقدير لكبيرهم وصغيرهم، وغنيهم وفقيرهم. ولو شئنا أن نؤلِّف كتاباً في تواضع رسول الله (ص) والأئمة الأطهار (ع) لذكرنا فيه الكثير من صور تواضعهم الرائعة.

السخاء صِفَةٌ في النّفسِ تَدعو إلى بَذلِ الخَيرِ 

وأما السَّخاء: فهو صِفَةٌ في النّفسِ تَدعو إلى بَذلِ الخَيرِ بِسُهولَةٍ ولِينٍ. وهو من صفات النفوس العظيمة الشريفة التي تدعو المَرء إلى البَذل والعَطاء من المال أو العمل، ويعتبر أرفع درجات الإيثار، لأن الإيثار أن يجود المرء بالمال مع الحاجة إليه.

وقد عَدَّت الروايات الشريفة السَّخاء من أكرم الأخلاق، ومن أبرز صفات الأولياء، وجاء عن رسول الله (ص): “ما جَبَلَ اللَّهُ ولِيّاً لَهُ إلّا عَلى السَّخاءِ” وجاء عن الإمام الصّادق (ع): “السَّخاءُ مِنْ أَخْلاقِ الأَنْبِياءِ، وهُو عِمادُ الإيْمانِ، ولا يَكونُ مُؤْمِنٌ إلّا سَخِيّاً، ولا يَكونُ سَخِيّاً إلّا ذُو يَقينٍ وهِمَّةٍ عالِيَةٍ، لأنَّ السَّخاءَ شُعاعُ نُورِ اليَقينِ، ومَنْ عَرَفَ ما قَصَدَ، هانَ علَيهِ ما بَذَلَ”.
ولا شك في أَنَّ السَّخيَّ مَحبوب في الناس، ومنزلته عندهم عالية، وقد ترقى إلى مرتبة السيادة، وأعلى منازل الشرف.
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل