لا يختلف اثنان في أن الذي في قلبه وروحه وعقله طيلة الحياة الشريفة التي قضاها في عالم الدنيا إلى أن غادرها بقلب هادئ ومطمئن مسافراً إلى مقرّه الأبدي هو حبّه اللامحدود لأهل البيت عليهم السلام، فكانوا لسان بيانه وأذنه الواعية
وعين بصره وبصيرته، وصوت الحق الذي دوّى في أرجاء المعمورة، وقوته التي انتصر بها على أعدائه وأعداء الله تعالى، فهو العاشق لهم إلى حد أنه قدس سره كلما يرفع نداء (يا حسين) تظلّ دموعه تنهمر على خديه بلا اختيار منه، رغم أنه لم يذرف الدمع أثناء تلقيه خبر استشهاد نجله السيد مصطف قدس سره.
يقول أحد المقرّبين منه: كان تصرف الإمام عند زيارته للمشاهد المشرّفة وأضرحة الأئمة المعصومين عليهم السلام وكأنه كان يرى الإمام المعصوم ناظراً إليه وحاضراً أمام عينيه.
بهذه الروح استمد القائد الكبير للثورة الإسلامية العون من الوجود الشريف للمعصومين عليهم السلام في كل كبيرة وصغيرة بعد الألطاف الإلهية، وهكذا خلال الأحداث الخطيرة كان مرجعه الأول هو المعصوم عليه السلام. يقول أحد معاونيه: “كتب الإمام رسائل إلى علماء المدن، وأمرني أن أذهب إلى محافظات خراسان وسيستان وبلوشستان لأوصل رسائله ونداءه إلى العلماء. عندما وصلت لتوديعه وسلمني الرسائل، قال:قبل أن تقابلوا أي شخص تشرفوا أولاً بزيارة الحرم المطهر لثامن الأئمة علي بن موسى الرضا عليه السلام وقولوا له نقلاً عن لساني:قد استجد أيها السيد أمر عظيم جداً، ومسألة خطيرة، ونحن اعتبرنا تكليفنا أن نثور ونتحرك، فإن كان ذلك مما يرضيك فأيدن”1.
________________________________________
1- المذكرات الخاصة، ج1، ص120.