Search
Close this search box.

الكيان اللقيط ومرحلة الغروب (4)

الكيان اللقيط ومرحلة الغروب (4)

بقلم الكاتب : عامر ملا عيدي

الهدم البنيوي للمجتمع
من أجل توضيح مفردة مهمة للقارئ، نقول: إن الديانة اليهودية ديانة مغلقة، لا تسمح لغير اليهودي الدخول فيها، وهذا ما يشكل قوة طاردة لنمو البنية السكانية، لذلك اعتمد هذا الكيان على الهجرة إليه من دول العالم.
وهنا سنشير إلى عدة عوامل ساهمت وتساهم في الهدم البنيوي للمجتمع الصهيوني:
– تراجع عدد الیهود في العالم، إذ انخفض من 21 ملیونا عام 1970 إلى 11 ملیونا و800 ألف نسمة في 2007حسب إحدى الدراسات، وازدیاد الزواج المختلط من غیر الیهودیات التي تجاوز نسبة الـ 51% وفق التقاریر الیهودیة الأمیركیة، كذلك الذوبان في المجتمعات المحلیة التي يعيشون فيها، وعدم الاكتراث بأهمیة ممارسة التقالید الیهودیة. و تبین أن نسبة الذوبان في روسیا وصلت إلى 70% ، وفي أمیركا الشمالیة إلى 50% وفي أوروبا الغربیة إلى 45% ، أما العامل الأخیر فيتمثل في عزوف نسبة كبیرة من الشباب الیهود في الولایات المتحدة الأمیركیة وإسرائیل عن الزواج.
– هناك تراجع جدي في المناعة الاجتماعية والقومية داخل الكيان الصهيوني، خصوصا في الأشهر القليلة التي سبقت طوفان الأقصى، حيث أثّرت الأزمة السياسية المتواصلة نتيجة ما يسمى بقانون حجة المعقولية للإصلاح القضائي سلباً على المناعة الاجتماعية، وانعكست في تراجع التضامن والتكافل في المجتمع الإسرائيلي بشكل كبير.
– تراجع شعور الیهود الذین یقیمون في البلدان الغربیة، لا سیما في الولایات المتحدة الأمیركیة بالإنتماء للكيان الصهيوني، وكلما كان عمر الشباب الیهودي في البلدان الغربیة أصغر تراجعت لديه نسبة الشعور بالإنتماء لإسرائیل، فهناك 52% من یهود أمیركا غیر مبالین بإبادة إسرائیل، وحسب مدیر عام مركز تخطیط سیاسات الشعب الیهودي نحمان شايفان فإن نحو 50 یهودیا في الولایات المتحدة یتحولون عن الیهودیة یومیا.
– كشف تقرير لموقع الجزيرة القطري عن الأرقام التي تكشف عمق الهوة السحيقة بين الإسرائيليين، حيث أن الإنقسام أصبح إحدى السمات الواضحة للمجتمع الصهيوني، وباتت الكراهية تنتشر بين اليهود. وأظهر استطلاع للرأي أجري في إسرائيل أن 42% من المجتمع يعتقدون أن الفجوات الاجتماعية والخلافات السياسية فيه آخذة في الاتساع، خاصة بين أنصار اليمين واليسار.
وأضافت نتائج الاستطلاع الذي أجرته شركة مدغام ونشره موقع ويللا الإخباري حجم التفكك المجتمعي، إذ أن 22% من اليهود يعتقدون أن عناصر اليسار خطيرون على الدولة، وأن 33% منهم يقولون إنهم لا يعرفون أي يهودي متدين، بينما أظهر الاستطلاع أن 42% من الإسرائيليين يخافون من العرب. كما أشارت النتائج إلى أن 38% من اليهود لا يعرفون مستوطنا واحدا، وأن 41% منهم لا يعرفون أيا من المسلمين، كما لا يعرف نصف من أجري عليهم الاستطلاع أي يهودي من أصول إثيوبية. وهذه الفجوات داخل المجتمع يعيق تقدم الدولة.كما أن الإنقسام القومي والكراهية بين المهاجر الشرقي والغربي أصبح إحدى السمات الواضحة للمجتمع الإسرائيلي، وباتت الكراهية تنتشر في المجتمع بشكل كبير.
وقد ساهمت عملية طوفان الأقصى في تصاعد مؤشرات الإنهيار الاجتماعي داخل الكيان الغاصب من حيث فقدان الشعور بالأمان والثقة، إذ جاءت في إطار الغليان الداخلي وما أحدثه من انقسام مجتمعي حاد بسبب الإصلاحات القضائية التي تبنتها حكومة نتنياهو ليضاف إلى مشكلة إلى التعدد القومي والمناطقي والبيئي للمهاجرين من بيئات وثقافات ولغات مختلفة، فأنتج الطوفان:
– نشوء ظاهرة النزوح الداخلي للمستوطنين الهاربين من مناطق غلاف غزة، إثر عملية طوفان الأقصى وما ينجم عنها من آثار اقتصادية واجتماعية ونفسية في شريحة واسعة من المستوطنين. حيث أعلن الجيش الإسرائيلي أن 500 ألف نزحوا داخل إسرائيل، وهم مستوطنون مهاجرون في الأصل، فيما أخليت مدينة سديروت بالكامل، وهي تضم نحو 20 ألف مستوطن، كما يتم الآن إخلاء مستوطنات جديدة قريبة من الحدود الشمالية مع لبنان. وذلك بالتزامن مع التوقعات التي تشير لاحتمالية ارتفاع معدلات البطالة نتيجة توقف المنشآت الصناعية والسياحية والخدمية وخروج بعضها عن العمل جزئيا أو بشكل تام، بجانب زيادة معدلات الجريمة والانتحار والإحباط واليأس بسبب الفشل الأمني والعسكري الإسرائيلي في إدارة الأزمة الراهنة.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل