Search
Close this search box.

عقل المرء هو أوثق الأصدقاء وأنصحهم وأخلصهم وأوفاهم

إن أوثق الأصدقاء وأنصحهم وأخلصهم وأوفاهم عقل المَرءِ، والعقل هو أحد القوى الإدراكية للإنسان، فهو الذي يُدرِك المفاهيم الكلية، وله وظيفتان: الأولى: إدراك البديهيات، والثانية: اكتشاف المعارف النظرية.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع)أنه قال: “صَديقُ كُلِّ امْرِءٍ عَقْلُهُ، وَعَدُوُّهُ جَهْلُهُ”
قلة أولئك الذين لا أصدقاء لهم، وهم أصحاب الشخصية الانطوائية التي يصعب عليها تكوين صداقة مع أحد، وإن حصل وكَوَّنت صداقة فغالباً ما تكون مع عدد محدود جداً وسبب ذلك كما يقول المُتخَصِّصون: أنها شخصية غير اجتماعية، وتتسم بالفظاظة في التعامل والغرور والخجل في آنٍ معاً، ولأنها تفتقر للشعور بالأمان فهي تميل للبقاء وحيدة، وتفضِّل العمل الفردي.
أما سوى هذه الشخصية فالجميع يرغب في تكوين صداقات عديدة، والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية العامَّة، ومِمّا لا شك فيه أن إيجاد الصديق المُحِبّ الناصح قد لا يتوفر لكل راغب، خصوصاً إذا كان الزمان وأهله سَيِّئَين، إذ تقوم الصداقة فيه على المَنفعة المرجوة من الصديق، أو المصلحة المشتركة التي تجمع الصديقين، فإذا انعدمتا انهارت الصداقة وصار الصديق نَسْياً مَنسياً.
إن أوثق الأصدقاء وأنصحهم وأخلصهم وأوفاهم عقل المَرءِ، والعقل هو أحد القوى الإدراكية للإنسان، فهو الذي يُدرِك المفاهيم الكلية، وله وظيفتان: الأولى: إدراك البديهيات، والثانية: اكتشاف المعارف النظرية، ولهذا قسَّمَه العلماء إلى قسمين: العقل النظري وهو الذي يُدرك الواقعيات، والعقل العملي وهو الذي يدرك الأوامر والقوانين، وهو بكلا قِسميه يُمَيِّز بين الخير والشر، والحُسْنِ والقُبح، ويصون الإنسان من الجهل، ويحميه من الضَّلال والخطأ والانزلاق فِكراً وعَملاً.

وما سُمِّيَ بالعقل إلا لأنه يعقِل الإنسان عن كل ما يضرُّه وينال من كرامته، يعقله عن الشر والظلم والعدوان وعن كل قبيح وخبيث، ويدعوه إلى الخير والصلاح وكل أمر حَسَن، وعليه فهو أنصح وأخلص وأوفى ما يكون للمَرءِ، وعلى المَرء أن ينقاد له ويطيعه ويُسَلِّم لأمره، ويجعله حاكماً على أفعاله وأقواله وأحواله.

والعقل يقابله الجَهل وبهذا اسْتُعْمِل في النصوص الدينية الشريفة، فمن لم يكن عاقلاً فهو جاهل، قال الإمام أمير المؤمنين (ع): “مَن قَعَدَ بِهِ العَقلُ قامَ بِهِ الجَهلُ” فكل ما يقوم به العقل من أدوار في حياة الإنسان، يدفعه الجهل إلى فعل ضدها، فلا يكون منه خير أبداً، لا يكون منه إلا الشَّرُّ، والضُّرّ، والقُبح، والفساد، وهو الداء والعَياء، وتحدث الإمام أمير المؤمنين (ع) عن الجهل فقال: “الجَهلُ مَوتٌ” وتحدث عن ضرره الخطير على الإنسان فقال: “الجَهلُ في الإنسانِ أضَرُّ من الآكِلَةِ في البَدَنِ”.

والجهل يفسد كل شيء، يفسد عليه دنياه وآخرته، ويجلب إلى الإنسان كل قبيح، ويوقعه في كل شر، لأنه أصل كل شَرٍّ ومعدنه، فبه يكون الضَّلال والتِّيه، وبه يكون الكُفر والجُحود والفِسق، وبه يكون العُدوان والظُّلم والطُّغيان، والغُرور والعُجب والاستكبار، وبه يكون العِصيان والذّنب، وبه يكون اللَّهو واللغو، وبه يتقهقر المَرء ويتراجع وينحدر ويتردّى. وبهذا فهو أعدى أعداء الإنسان، وهو عدو يقدر الإنسان على دفعه ومواجهته بل وقتله، ولا يقتله إلا بالاعتماد على عقله والاسترشاد بهديه.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل