Search
Close this search box.

الإِمَامُ عَلِيّ (عَ) الحَاكِمُ المِثَال فِي التَّارِيخِ الإنسَانِي

الإِمَامُ عَلِيّ (عَ) الحَاكِمُ المِثَال فِي التَّارِيخِ الإنسَانِي

الحسين أحمد كريمو

10 / رجب الأصب / 1444ه

الحديث عن الإمام علي (ع) هو في الحقيقة حديث عن القيم والفضائل والمكرمات في قمَّتها وذروتها العالية، والتي تنقطع دونها الرِّقاب وتتنازل عنها الرِّجال، فهو المثال الأرقى للرجال ألم يقل في خطبته المشهورة: (يَنْحَدِرُ عَنِّي اَلسَّيْلُ وَلاَ يَرْقَى إِلَيَّ اَلطَّيْرُ) (نهج البلاغة: خ3)

وفي هذا العصر الرقمي والحضارة العملاقة التي يدَّعي فيها أربابها وأصحابها دفاعهم عن الإنسان ومحاولاتهم في تكريس حقوقه وتنمية شخصيته والحفاظ على كرامته وأنشؤوا لأجل ذلك هذه المنظمات الحقوقية التابعة للأمم المتحدة وراحوا يقتلون البشر ويدمرون الحضارة باسم حقوق الإنسان، وضرورة نشر الديمقراطية واللبرالية رغم أنف الجميع، لأنه لا ديمقراطية لأحد إلا لأصحاب إمبراطورية الشر العالمي، والشيطان الأكبر فالديمقراطية هي تنفيذ أوامرها وقراراتها من قبل الجميع، واللبرالية في تحقيق مصالحها.

ولكنَّهم في مسيرة بحثهم وجدوا حكيم الشرق كما يسمونه، الإمام علي بن أبي طالب (ع) فوجدوا كنوزاً من الحكمة، وتاريخاً من العدالة، فقرروا في جلساتهم وبالإجماع منهم، حيث جاء في نصِّ القرار إن “خليفة المسلمين علي بن أبي طالب يعتبر أعدل حاكم ظهر في تأريخ البشر“، مستندة بوثائق شملت 160 صفحة باللغة الإنكليزية.  (لجنة حقوق الإنْسَان، في نيويورك عام 2002)

ثم اتخذوا عهده لمالك الأشتر عندما أرسله إلى ولاية مصر العدية، وقتله معاوية بجنوده من العسل قبل أن يصل، واعتبروها وثيقة عالمية إنسانية ومثالاً للحُكم العادل والصالح في كل زمان ومكان، وجعلوا من تلك الدُّرة العلوية شعاراً لهم في كل محافلهم وهي قوله (ع): (النّاسُ صِنْفانِ: إمّا أَخٌ لَكَ في الدِّيْنِ، أو نَظِيرٌ لَكَ في الخَلْقِ). (نهج البلاغة: عهد مالك الأشتر)

الإمام علي (ع) أحيا القيم

ولذا جميل وواقعي وحقيقي ما يقوله سماحة السيد القائد علي الخامنئي (دام عزه): (إذا كانت مفاهيم الحقّ، والعدل، والإنسانية، وغيرها من المفاهيم الّتي لها قيمة إنسانية بالنسبة لأصحاب الفهم في هذا العالم، قد بقيت وازدادت قوّة ورسوخاً يوماً بعد يوم، فذلك بسبب تلك المجاهدات والتضحيات، فلو لم يكن أمثال عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) – والّذين هم عبر تاريخ البشرية قلّة نادرة – لما كان اليوم لأيّة قيمة إنسانية من وجود، ولما كانت هذه العناوين الجذّابة للناس تمتلك أيّة جاذبية، ولما كان للبشر حياةٌ، وحضارةٌ، وثقافةٌ، وآمالٌ، وقيمٌ، وأهدافٌ ساميةٌ، ولتبدّلت البشرية إلى حيوانية وحشية وسبعية.. إنّ البشريَّة مرتهنة لأمير المؤمنين (عليه السلام) ولكلّ إنسانٍ بلغ من السموّ مرتبته، في حفظ المفاهيم السامية، إنّ كلّ ذلك الجهاد ترك هذا الأثر). ) إنسان بعمر 250 سنة)

الإمام علي (ع) قيمة عليا

وعند التحقيق والتدقيق في التاريخ البشري ومراجعة سيرة ومسيرة هذا الإنسان المثال، فإننا بحق نجده أضاف قيمة من القيم إلى سِفر الإنسانية، فكم هو عظيم وجود مثل علي بن أبي طالب (ع) في البشر؟، وكم يتسامى، ويتعالى، ويرتقي الإنسان عندما يقرأ عن هذا الإنسان الكوني؟، الإنسان الكامل والشامل والشخص الإلهي، بكل ما في هذه الكلمات من معنى وإن قصَّرنا فالقصور فينا وبكلماتنا التي لا تخدمنا بوصف شأن من شؤونه (عليه السلام)، ولهذا يجب أن نعرف ونتعرَّف عليه أكثر بمراجعة حياته، وندقِّق في خطبه، ورسائله، وكلماته، فما أحوج الإنسانية جمعاء لهذه الكنوز والدُّرر العلوية الراقية؟

الإمام علي (ع) الحاكم المثال

وبما أن الرأس في الحكومات والدول والملوك والسلاطين هم الذين يتربعون على قمَّة الهرم في المجتمعات البشرية إلا أنهم لا يتمتعون بأدنى مراتب الإنسانية لأن مثالهم في ذلك النمرود، وفرعون، وهامان، وقارون، ومعاوية، وهارون، وهؤلاء طغاة البشرية وكل مآسيها منهم نبعت وإليهم تعود، ولذا جاء النداء من الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان لهم أن يقتدوا بالإمام علي بن أبي طالب (ع)، فدَعَت الحكام والملوك إلى الاقتداء بنهجه الإنْسَاني السليم في الحُكمِ المتجلي بروح العدالة الاجتماعية والسلام لأنه الحاكم الأعدل في التاريخ البشري كله، وليتهم يفعلون.

فالبشرية اليوم وفي هذا العصر الحضاري وفي ظلِّ الثورة الرقمية والتكنولوجية العملاقة التي أخرجها الطغاة وأصحاب الثروات من خطها الإنساني وأرادوها لعبة لهم لتحقيق مصالحهم الشخصية، أو الإمبراطورية الخاصة، فجعلوا الكرة الأرضية على فوهة بركان من كل أنواع وصنوف أسلحة الدَّمار الشامل والتي تدمِّر الكرة الأرضة أكثر من مئة وخمسين مرة كما يقولون، فإذا أراد العقلاء وأهل المنطق السليم إنقاذ البشرية من هذا الظلم والجور فما عليهم إلا بالتقدُّم إلى منهج أعدل حاكم في التاريخ، ألا وهو الإمام علي بن أبي طالب (ع) الحاكم المثال، والإنسان المقياس للإنسانية حقاً.

فخلاص العالم وانقاذه بنهج، ومنهج، وطريقة، وأسلوب حكم الإمام علي (ع) الذي كان يقول: (لَوْ شِئْتُ لاَهْتَدَيْتُ اَلطَّرِيقَ إِلَى مُصَفَّى هَذَا اَلْعَسَلِ، وَلُبَابِ هَذَا اَلْقَمْحِ، وَنَسَائِجِ هَذَا اَلْقَزِّ، وَلَكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ وَيَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ اَلْأَطْعِمَةِ، وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوْ اَلْيَمَامَةِ مَنْ لاَ طَمَعَ لَهُ فِي اَلْقُرْصِ وَلاَ عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ، أَوْ أَبِيتَ مِبْطَاناً وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وَأَكْبَادٌ حَرَّى… أَ أَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ هَذَا أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ اَلدَّهْرِ أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ اَلْعَيْشِ)؟ (نهج البلاغة: رسالة 45)

فأين ستجد البشرية حاكماً يقول ويفعل كعلي بن أبي طالب (ع)؟

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل