Search
Close this search box.

الدين يصون الانسان ويدفع عنه المفاسد

إن الدين يحمي، ويصون، ويدفع عنا المضارَّ والمفاسد، ويجلب إلينا الخيرات والمنافع والمصالح، إنه يُحدِّد لنا مبدأنا، ويعرّفنا على خالقنا، وعلى منزلتنا بين بقية المخلوقات، ودورنا في الحياة، ويهدينا إلى الغاية من وجودنا

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “صَيِّرِ الدِّينَ جُنَّةَ حَياتِكَ وَالتَّقْوى عُدَّةَ وَفاتِكَ”.
يدعونا الإمام أمير المؤمنين (ع) إلى الحرص على أمرين في منتهى الأهمية تتأسَّسُ عليهما الحياة الفاضلة المطمئنة الوادِعة في الدنيا، والحياة الطيبة الخالدة في الآخرة، بهما نجمع خير الدارين، ونحقق لأنفسنا أعلى وأهم رغبة من رغباتنا المادية والمعنوية، أن نعيش الحياة الدنيا آمنين مطمئنين، وأن نُبعث في الآخرة من السُّعَداء في أعلى عليين مع الأنبياء والمُرسلين والأولياء والصِّدّيقين.
الأمر الأول: أن نجعل الدين حامياً لنا، وذاباً عناً، ودِرعاً يدفع عنّا الضلال والانحراف والتِّيه والضَّياع، ويصُدُّ عنّا الشياطين وتغريرهم وإضلالهم، يقول (ع): “صَيِّرِ الدِّينَ جُنَّةَ حَياتِكَ” الجُنَّة: الدِّرعُ وكل ما واراك وأخفاك ووقاكَ من السِّلاح واسْتَتَرتَ به، فهي ما يحمي الإنسان ويصونه ويدفع عنه الأذى. يُقال: “الصَّومُ جُنَّةٌ” أي: يقي صاحبهُ ما يؤذيهِ من الشهوات، وفي الحديث: “الإمامُ جُنَّة” لأنهُ يقي المأموم الزللَ والسهوَ.

فالدين يحمي، ويصون، ويدفع عنا المضارَّ والمفاسد، ويجلب إلينا الخيرات والمنافع والمصالح، إنه يُحدِّد لنا مبدأنا، ويعرّفنا على خالقنا، وعلى منزلتنا بين بقية المخلوقات، ودورنا في الحياة، ويهدينا إلى الغاية من وجودنا، والغاية التي ننقلب إليها بعد الموت، ويضع لنا الطريق السَّوي الذي ينتهي بنا إلى تلك الغاية، والذي إن سلكناه ولم ننحرف عنه عشنا آمنين مطمئنين، وينظِّم علاقتنا مع الله، ومع أنفسنا، ومع الناس، ومع الطبيعة، ويحدِّد واجباتنا وحقوقنا. ويمنع عنا جميع ما يضرّنا، ويوجِب علينا ما ينفعنا في الدنيا وفي الآخرة.

فلا حياة مستقرة وادعة من دون الدين، وبالأخص الدين الإلهي الذي جاء به أنبياء الله ورسله وخُتِمَ برسالة النبي الأكرم محمد (ص)، وقد أثبتت التجربة الإنسانية أن الدين هو القادر على إخراج الإنسان من الظلمات إلى النور، وهدايته إلى الحياة الإنسانية المثلى، وأثبت الدين لا سيما الإسلام الحنيف أن شريعته أقوم الشرائع وأكملها وأكثرها قدرة على معالجة مشاكل البشرية والترقي بها في مدارج الكمال، لا أقول ذلك جُزافاً ولا تعَصُّباً، بل من مقارنة واعية بين عقيدة الدين الحق الإسلام وشريعته -التي تتعامل مع مختلف شؤون الإنسان النفسية والمادية والفردية والاجتماعية- وبين ما تبقى من شرائع سماوية أو شرائع وضعية، فإننا نجِد الفرق هائلاً والبَون شاسِعاً، فمن شرائع تساير الإنسان حتى في خطئه وانحرافه، وشرائع تحمِله على الانحراف والشُّذوذ عن الفطرة السليمة، وشرائع تتردَّى به إلى ما دون الحيوانية.

ولو أن أهل الأرض قاموا بمراجعة شاملة للشرائع ومن ضمنها الشريعة الإسلامية ثم قارنوا بينها بإنصاف وعقلانية ورغبة بالحقيقة لوجدوا الإسلام عقيدة وشريعة الدين الوحيد القادر أن يُخرج الإنسانية مما تتخبط فيه الآن، خصوصاً بعد انهيار الحضارة الرأسمالية الليبرالية التي توحَّشت وقامت على الحروب والاستبداد والطغيان، وهَوَت بالإنسان إلى دَرَكات خطيرة لا تليق به.

الأمر الثاني: أن نجعل التقوى عُدَّة لآخرتنا، أي نَدَّخِرها لتلك الحياة الدائمة الخالدة حيث الدرجات العُليا فيها لا تُنال إلا بالتقوى، فكما أن كل أمر نريد أن ننجزه يحتاج إلى عُدَّة وآلة أو آلات ووسائل نُنجِزه بها، كذلك النجاة في الآخرة متوقفة على التقوى، والتقوى تعني أن نهاب أمر الله ونخشى جلاله فلا نعصيه فيما أمر به ونهى عنه وبكلمة أخرى: أن نكون حيث أمر الله، وألا نكون حيث نهى.
ولو عُدنا إلى القرآن الكريم لوجدناه يؤكد أن الجَنَّة مقام المُتَّقين، قال تعالى: “لَٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ” ﴿آل عمران/ 198﴾.

وقال تعالى: “وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ”﴿الزُّمر/ 73﴾ وقال تعالى: “إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ” ﴿الحِجْر/ 45﴾.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل