Search
Close this search box.

المَعونة من الله تأتي على قَدْر التكاليف

إن المَعونة من الله تعالى تأتيك على قَدْر التكاليف التي تؤديها، والحاجة التي تحتاجها، والمَؤونة التي تنفقها، وهذا أمر مجرَّب محسوس.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “عَلى قَدْرِ الْمَؤُنَةِ تَكُونُ مِنَ اللّهِ الْمَعُونَةُ”.

ما من شيء تريد الحصول عليه، أو هدف تريد أن تحقِّقه، أو عمل تريد أن تنجِزه، أو تكليف تريد أن تؤدِّيه، إلا وأنت محتاج إلى إمكانيات وقدرات ووسائل وظروف مؤاتية وبذل جهود قد تكون مضنية فيما لو كان الذي تريده صعب المنال، أو كان الهدف الذي تسعى إليه سامياً ومكلفاً، فلا شك أن ذلك سيتطلَّب منك الكثير من التضحيات، والكثير من الجهد، والكثير من المعاناة، وفي الطريق إليه ستواجه أعداءً لا يألون جهداً في منعك من تحقيق أهدافك، وصَدِّك عن بلوغ غاياتك، وسيهجمون عليك بكل ما أوتوا من قوة، ولن يرعووا عن أي فعل شَنيع يفعلونه بك، من قتل مادي ومعنوي، وتشويه سمعة، وحصارات متنوعة، وأنت لا تملك ما يملكون، فهل يتركك الله تُدَبِّر أمرك بذاتك، وهل يَكِلُكَ إلى نفسك؟

الإمام أمير المؤمنين (ع) يُذَكِّركَ بهذه الحتمية، وهذه السُّنَّة الربانية العظيمة، وهي سُنَّة إن آمنتَ بها اندفعتَ إلى الأمام ولم تفكر للحظة أن تتراجع إلى الخلف، أو تتخلَّى عن مواصلة الطريق إلى هدفك، إن الله يعينك، ويسبب لك الأسباب، وييسِّرُ الأمور الصعبة، بل يمدُّك بمَدد غَيبي لا يخطر على بالك، وكلما كان المطلوب منك أكثر وكان العمل شاقاً أكثر كان عون الله لك بقدر ذلك.

المَعونة من الله تعالى تأتيك على قَدْر التكاليف التي تؤديها، والحاجة التي تحتاجها، والمَؤونة التي تنفقها، وهذا أمر مجرَّب محسوس، وكل واحد منا قد حدث معه هذا، وأعانه الله على ما سعى إليه وقد كان يُحَدِّثُ نفسه أن ما يطلبه صعب، وما يريد أن ينجزه لا يتحمَّل مشقاته، فإذا بالصعوبات تخِفّ، والأمور المُتعسِّرة تتيَسَّر، والأبواب المُؤصَدة تُفتَح، وإذا بالمَعونة تأتيه من حيث لم يحتسب، فيجد نفسه وقد أنجز ما كان يراه صَعباً، وتحقَّقَ له ما كان يرى أنه بعيد المنال.

وترى الطالب يستصعب الدرس ويستبعد النجاح، ولكنه يطلب العلم وينفق الوقت اللازم لذلك، فإذا به يتخرَّج من الجامعة حاملاً شهادة علمية عالية، أليس الله الذي أعانه على ذلك، وترى شاباً يريد أن يتزوَّج ليَعُفّ نفسه لكنه يستصعب ذلك لِقِلَّة الإمكانيات المادية وكثرة المتطلبات فإذا به يتزوج ويُنجِب ويؤسِّس أسرة. وترى شخصاً يريد بناء منزل وليس معه إلا القليل وما إن يبدأ حتى تتيسر الأمور وشيئاً فشيئاً يبني منزله الخاص، أو يشتريه.

وإن شئت قارئي الكريم فلك أن تستحضر نموذجاً محسوساً الآن لإعانة الله للمقاومات الحُرَّة في منطقتنا، من غَزة إلى لبنان فالعراق واليمن والتي تواجه أعتى قوة عرفتها المنطقة، تساندها أعتى قوة عرفها التاريخ، وتأتيها المَعونات المختلفة من دول الاستكبار العالمي، وهذه المقاومات لا تملك مِمّا تملك تلك القوى إلا النَّزر القليل، وهي متأخرة عنها أشواطاً كثيرة في العدد والعُدَّة، ورغم ذلك حقَّقَت انتصارات باهرة وهي الآن في طور تحقيق إنجاز تاريخي إن شاء الله، لقد عزَم هؤلاء الأحرار على تحرير أرضهم، وامتلاك قرارهم، وبذلوا الجهود الكافية وأعدوا ما يستطيعون إعداده وكان الله تعالى ولم يزل ينصرهم ويؤيِّدهم ويعينهم ويثبِّتهم ويمدهم بمَدَد غيبي قد لا نَدرك حقيقته ولا نعرف تفسيره.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل