هناك العديد من الآثار الحسنة الّتي تنعكس خيراً على الإنسان جرّاء أدائه واجب شُكر المنعِم والمفضِل عليه وهو الله عزّ وجلّ، وهذه الآثار الحسنة لا تقتصر على الدنيا فقط، بل تشمل حتّى الأخرى. ومن تلك الآثار الحسنة ما يلي:
1- الزيادة في النعمة والسعة في الرزق، قال تعالى: ﴿.. لئِن شكرْتُمْ لأزِيدنّكُمْ ولئِن كفرْتُمْ إِنّ عذابِي لشدِيدٌ﴾([1]). وورد عن الإمام الصادق عليه السلام: “ما أنعم الله على عبد من نعمة فعرفها بقلبه، وحمد الله ظاهراً بلسانه فتمّ كلامه، حتّى يؤمر له بالمزيد”([2]).
وعن الإمام عليّ عليه السلام: “من أُعطي الشكر لم يُحرم الزيادة”([3]).
ولذا فإنّ المزيد من عطاء الله وجوده وكرمه على الإنسان لا ينقطع، إلا إذا انقطع الشكر، كما يقول الإمام الباقر عليه السلام: “لا ينقطع المزيد من الله حتّى ينقطع الشكر على العباد”([4])، ولهذا يجب أن لا نعيش حالة العجز والإهمال في شكر الله تعالى، ثمّ نبتغي الزيادة في النعم والخير من الله، وهذا ما أشار له الإمام عليّ عليه السلام حينما يقول: “لا تكن ممّن يعجز عن شكر ما أُوتي، ويبتغي الزيادة فيما بقي”([5]).
2- القطع بأنّ كلّ النعم والخير النازل علينا هي من الله وحده، يوجب الرحمة والمغفرة الإلهية على الإنسان قبل أن نبادر بالشكر والحمد والثناء عليه تبارك وتعالى، فعن الإمام الصادق عليه السلام: “ما من عبد أنعم الله عليه نعمة فعرف أنّها من عند الله، إلّا غفر الله له قبل أن يحمده”([6]).
3- نفي العذاب الإلهيّ عن الشاكر لله على نعمه والمؤمن بفضله وكرمه، إذ ورد في الآية الكريمة: ﴿مّا يفْعلُ اللهُ بِعذابِكُمْ إِن شكرْتُمْ وآمنتُمْ وكان اللهُ شاكِرًا علِيمًا﴾([7])، بل الشاكر مأمون من غضب الله وحلول النقم، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: “شُكر النعمة أمان من حلول النقمة”([8]).
4- إنّ الله غنيّ كلّ الغنى عن شكرنا وحمدنا وثنائنا له، بالتالي حتّى هذا الأمر أراده لنا عزّ وجلّ نعمة علينا، فالشاكر يشكر لنفسه واقعاً، كما جاء في الآية الكريمة: ﴿ومن شكر فإِنّما يشْكُرُ لِنفْسِهِ ومن كفر فإِنّ ربِّي غنِيٌّ كرِيمٌ﴾([9])، وفي الآية: ﴿ولقدْ آتيْنا لُقْمان الْحِكْمة أنِ اشْكُرْ لِلّهِ ومن يشْكُرْ فإِنّما يشْكُرُ لِنفْسِهِ ومن كفر فإِنّ الله غنِيٌّ حمِيدٌ﴾([10]).
وعن الإمام الصادق عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “الطاعم الشاكر له من الأجر كأجر الصائم المحتسِب، والمعافى الشاكر له من الأجر كأجر المبتلى الصابر، والمعطي الشاكر له من الأجر كأجر المحروم القانع”([11]).
5- يتّصف الإنسان الشاكر لله بالقناعة والإيمان بالعدل الإلهيّ في توزيع النعم طبقاً لما تقتضيه المصلحة الإلهية، قال الإمام عليّ عليه السلام: “أشكر الناس أقنعهم، وأكفرهم للنعم أجشعهم”([12])، بل ينال الشاكر لله درجة أكرم الناس، فعن الإمام الصادق عليه السلام – لمّا سئل عن أكرم الخلق على الله – قال: “من إذا أُعطي شكر، وإذا ابتُلي صبر”([13]).
أما في المقابل فإنّ عدم الشكر يجعل الإنسان متّصفاً بالجشع واللؤم وعدم القناعة بما يُنعم به الله عليه، فعن الإمام الحسن عليه السلام: “اللؤم أن لا تشكر النعمة”([14]).
6- إنّ الشاكر لله تعالى يفوز بنعمة ذكر الله له، وما أعظمها من نعمة، وهنيئاً لمن يفوز بهذه النعمة الموعودة في قوله تعالى: ﴿فاذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ واشْكُرُواْ لِي ولا تكْفُرُونِ﴾([15]).
فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “فإنّه تعالى أخبر عن نفسه فقال: أنا جليس من ذكرني”([16])، وعن الإمام الصادق عليه السلام: قال الله تعالى: “ابن آدم اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي، ابن آدم اذكرني في خلاء أذكرك في خلاء، أذكرني في ملأ أذكرك في ملأ خير من ملائك”([17]).
وعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال الله سبحانه: “إذا علِمتُ أنّ الغالب على عبدي الاشتغال بي نقلت شهوته في مسالّتي ومناجاتي، فإن كان عبدي كذلك وأراد أن يسهو حُلْت بينه وبين أن يسهو”([18]).
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم قال تعالى: “فاذكروني أذكركم بنعمتي، اذكروني بالطاعة أذكركم بالنعم والإحسان والراحة والرضوان”([19]).
ولهذا لا بُدّ للمؤمن أن يكون شاكراً وذاكراً لله تعالى في كلّ الأحوال والظروف الحسنة منها أو السيّئة، لأنّ لطف الله غير بعيد في كلّ هذا، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كان يقول إذا ورد عليه أمر يسرّه: “الحمد لله على هذه النعمة. وإذا ورد عليه أمر يغتمّ به قال: الحمد لله على كلّ حال”([20]).
ومن هذا المبدأ فإنّه لا بدّ أن يكون شعار المؤمن الشكر دائماً وأبداً، وهذا ما يؤيّده قوله تعالى: ﴿بلِ الله فاعْبُدْ وكُن مِّنْ الشّاكِرِين﴾([21]).
* مظاهر الرحمة – جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1]) إبراهيم: 7.
([2]) الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 95، ح 9.
([3]) نهج البلاغة، الحكمة 135.
([4]) ميزان الحكمة، الريشهري، ج 2، ص 1487.
([5]) نهج البلاغة، حكمة، 15.
([6]) الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 427، ح 8.
([7]) النساء: 147.
([8]) ميزان الحكمة، الريشهري، ج2، ص 1484.
([9]) النمل: 40.
([10]) لقمان: 12.
([11]) الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 94، ح 1.
([12]) الإرشاد، ج 1، ص 304.
([13]) التمحيص، الإسكافي، ص 68، ح 163.
([14]) تحف العقول، الحراني، ص 233.
([15]) البقرة: 152.
([16]) بحار الأنوار، العلّامة المجلسيّ، ج 90، ص 163.
([17]) المحاسن، البرقي، ج 1، ص 39، ح 44.
([18]) بحار الأنوار، العلّامة المجلسيّ، ج 90، ص 162.
([19]) م. ن، ص 163.
([20]) الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 97، ح 19.
([21]) الزمر: 66.