Search
Close this search box.

لَنْ يَصْفُوَ لَكَ الْعَمَلُ حَتّى يَصِحَّ الْعِلْمُ

لن يستقيم عملك، ولن يعطيك ما تؤمِّل منه، إلا إذا كان صادراً من علم حقيقي صحيح، فإن العلم أساس والعمل هو الثمرة، فإن كان علمك صحيحاً جاء عملك صحيحاً صافياً وآتاك الثمار الطيبة التي ترجوها.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “لَنْ يَصْفُوَ لَكَ الْعَمَلُ حَتّى يَصِحَّ الْعِلْمُ”.
لن يستقيم عملك، ولن يعطيك ما تؤمِّل منه، إلا إذا كان صادراً من علم حقيقي صحيح، فإن العلم أساس والعمل هو الثمرة، فإن كان علمك صحيحاً جاء عملك صحيحاً صافياً وآتاك الثمار الطيبة التي ترجوها، وإن كان ضَحلاً أو خاطئاً جاء عملك خاطئاً لا ينفعك في شيء، يستوي في هذا الأمر عمل الدين وعمل الدنيا، إن الجهل لم ينتج يوماً عملاً طيباً صالحاً، وإن العلم الحقيقي لم ينتج يوماً إلا العمل الصالح.
وإذاً فالعمل من دون عمل لا يستقيم، لأن لكل عمل مقدمات وشروط وأركان وزمان إن لم يعرفها المَرءُ خَبَطَ فيه وتاه، وبدل أن يقترب من غاياته ابتعد عنها، وبدل أن يحقق أهدافه أخفق فيها، فهو كمن يُصلّي الصلاة وهو جاهل بشرطية الطهارة، ووجوب الوضوء، وإباحة اللباس والمكان الذي يصلي بهما، وشرطية التوجُّه إلى القبلة، ودخول الوقت، وسوى ذلك من الأركان والأجزاء، فكيف ستكون صلاته؟ وكمن يبني داراً دون مراعاة للقواعد الهندسية الضرورية، أو يباشر إصلاح سيارة وهو لا يعرف كيف يعمل محركها، سيكون ما يُفسِده أكثر مما يُصلِحه، بل سيُفسِد كل شيء.

رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: “مَنْ عَمِلَ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ كَانَ مَا يُفْسِدُ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُ”
ورُوِيَ عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: “العامِلُ عَلى غَيرِ بَصيرَةٍ كالسَّائِرِ عَلى غَيرِ الطَّرِيْقِ، لا يَزيْدُهُ سُرْعَةُ السَّيْرِ مِنَ الطَّريْقِ إِلّا بُعْداً”
ورُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: “مِثْلٌ اَلْعَابِدِ اَلَّذِي لَا يَتَفَقَّهُ كَمَثَلِ اَلَّذِي يَبْنِي بِاللَّيْلِ وَيَهْدِمُ بِالنَّهَارِ”
وهكذا الحال في الذين بَنوا حياتهم على عقائد زائفة وسلوكيات باطلة متوهَّمين أنهم على الحَقِّ وما هم على الحَقِّ، فهؤلاء أَضّلُّ الناس أعمالاً، لأن أعمالهم لم تنطلق من قاعدة الحق، إنهم عملوا ولكن أعمالهم ذهبت هباء، وكان سعيهم هباء، كما قال تعالى: “قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ﴿103﴾ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا” ﴿الكهف/104﴾.
وعليه: فاحرص قارئي الكريم على أن تكون عالِماً بما تعمل من أمور دنياك ودينك، فأما في أمور الدنيا فاعمل فيما أنت متخصص به، ولا تتطفَّل على عمل آخر لا تفهم فيه ولا تعرف قواعده وكيفية إنجازه، فإن المَرءَ إذا تطفَّل على عمل لا يفهم فيه أساء إلى نفسه فضلا عن خسارته العمل، وإن كان من أعمال الدِّين فتعلَّم أحكامه التي جاءت في الشريعة الغرَّاء، كي لا يضيع جهدك، تعمل وتحسب أن ذِمَّتك قد برئت عند الله تعالى ثم عندما تلاقي أعمالَك يوم القيامة لا تجدها إلا باطلة، أو ناقصة قد أصابها الخَلَلُ، ولهذا قالت الشريعة المقدسة: إن على المُكلَّف أن يتعلَّم جميع الأحكام التي عادة ما يُبتلى بها، مثل أحكام الطهارات والنجاسات، والوضوء والتيمم والأغسال والصلاة والصيام والزكاة والخمس وسوى ذلك، وإن كان تاجراً فعليه أن يتعلم أحكام البيع والتجارة، وإن كان طبيباً فعليه أن يتعلم أحكام الطبيب وهكذا.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل