إن الله تعالى يعلم حاجات العبد بالتأكيد، ولا يحتاج أن يشكو العبد إليه ما ينوبه ويحدث له، ولكنه أراد له أن يدعوه ويسأله ليتقرَّب بذلك إليه وليتكامل به، ووعده أن يستجيب له ووعدُه تعالى مأتِيٌّ بلا ريب، قال سبحانه: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ…”﴿186/ البقرة﴾.
لا تعجَب قارئي الكريم وأنت تقرأ الروايات الشريفة الحاثَّة على الدعاء، والتي اعتبرته مُخّ العبادة، وعمود الدين، ونور السماوات والأرض، وسلاح المؤمن، وسلاح الأنبياء، وأنه ما من شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء.
فالآية الشريفة دعت إلى الدعاء، واعتبرته من أجلى مصاديق العبادة، واعتبرت تركه استكباراً على الله وهو من أسوأ وألأم مراتب الاستكبار، فمن ذا الذي يستكبر على خالقه ورازقه ومن بيده حياته وموته؟! ومن ذا الذي يستكبر على مالك الملك الذي يُؤتي المُلك مَن يشاء ويَنزع المُلك مِمّن يشاء، ويُعِزُّ مَن يشاء، ويُذِلُّ من يشاء.