إن المروءة قُوَّة في النَّفس تبعثها على فعل الْأَفْعَال الجميلة المقتضية للمدح عرفاً، واجتناب الأفعال المذمومة عرفاً وشرعاً.
ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “لَيْـسَ لِلَئيـمٍ مُـرُوءَةٌ”.
وكيف يكون له مُروءة وهو الدَّنيءُ الأصلِ، الشحيحُ النفس، البخيل، المُهانُ، الذَّليلُ، فهو على النقيض من الكريم، ومن يكُ هذا حاله فكل شَرٍ يُتَوَقَّع منه، وكل خير لا يكون منه، فهو الحَقود، الحَسود، الذي يعتمل صدره بالشَّرِّ تُجاه الآخرين، يقضي عمره في الكيد لهم والمكر بهم، وإيقاع الضرر بهم. وجميع هذه الصفات تخالف المروءة وتتناقض معها.
والمُروءَةُ: كمال الرُّجُولة، يُقال: مَرُؤَ الرَّجل، يَمْرُؤُ، مُرُوءَةً، فهو مَرِيءٌ: إذا كان كامِلَ الرُّجُولَةِ. وتأْتي بِمعنى الحُسْنِ، فيُقال: مَرُأَت الأَرْضُ، مَراءَةً، أيْ: حَسُنَ هَواؤُها، وطَعامٌ مَرِيءٌ، أيْ: حَسَنٌ هَنِيءٌ نافِعٌ. وتُطْلَقُ المُرُوءَةُ على الأَدَبِ والخُلُقِ الحَسَنِ.
وأَصْلُها مِن المَرِيءِ، وهو مَجْرى الطَّعامِ والشَّرابِ، وقِيل: مِن المَرْءِ، وهو: الرَّجُلُ أو الإِنْسانُ، والمُرُوءَةُ: الإِنْسانِيَّةُ. ومِن مَعانِيها أيضاً: العِفَّةُ، والكَرَمُ، والنُّبْلُ، والاسْتِقامَةُ.
فالمروءة قُوَّة في النَّفس تبعثها على فعل الْأَفْعَال الجميلة المقتضية للمدح عرفاً، واجتناب الأفعال المذمومة عرفاً وشرعاً. وقيل: هي فعل ما يجمل، ويَزِين، وترك ما يُدَنِّسُ ويَشِين عادة.
وقال بعضهم: المروءة كمال الإنسان مِنْ صِدقِ اللسان، واحتمال عثرات الإخوان، وبذل الإحسان إلى أهل الزمان، وكف الأذى عن الجيران”.
وهذا ما جاء عن الإمام أمير المؤمنين (ع) حيث ذكر أن المروءة اسمٌ جامِعٌ لسائرِ الفَضائلِ والمَحاسِنِ، وأنها تحثُّ على المكارم، وتمنع من كل دَنِيَّةٍ، وأن الرجل صاحب المروءة لا يكون منه لُؤمٌ، ولا فُحشٌ، ولا غَدرٌ، ولا عمَلٌ دَنيءٌ.
ورُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال لرجل من ثقيفٍ سأله: ما المُروءَةُ فيكُم؟ فقالَ (ص): “الصَّلاحُ في الدِّينِ، وإصلاحُ المَعيشَةِ، وسَخاءُ النَّفسِ، وحُسنُ الخُلقِ”، فقالَ الرَّجل: كذلكَ هِي فِينا.
ويخرم المُروءَةَ كلُّ ما يَحُطُّ من قَدْر الإنسان في عرف المجتمع. ومنها اللؤم، والحقد، والحسد، والبُخلُ، والشُّحُّ، والحِرص، والخوف، والفرار، وضَعف اليقين، والفُحشُ، والبذاءة، وقِلَّة العقل.
وجاء في الخبر عن الإمام أمير المؤمنين (ع): “مَن لا دِينَ لَهُ لا مُروءَةَ لَهُ، مَن لا مُروءَةَ لَهُ لا هِمَّةَ لَهُ”، وجاء عنه أيضاً: “لَم يَتّصِفْ بالمُروءَةِ مَن لَم يَرعَ ذِمّةَ أَوْلِيائِهِ، ويُنصِفْ أَعْداءَهُ”.
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي