Search
Close this search box.

بين الهجرة الخارجية والهجرة المعنوية

بين الهجرة الخارجية والهجرة المعنوية

يذكر أهل الأخلاق أن هجرة الإنسان المؤمن لا ينبغي أن تقتصر على الهجرة الخارجية الصورية، بل يلزم أن تتعداها إلى الهجرة المعنوية، التي هي الهجرة الحقيقية والمؤثرة والتي تعتبر الغاية من وجود الإنسان في هذه الدنيا.

فإذا كان الإنسان بالهجرة الخارجية يؤمّن ويحمي نفسه وعائلته وذويه من أخطار خارجية كالفقر والفاقة أو المرض والكوارث الطبيعية أو الإهانة والذل، أو الموت… إلخ، فإنه بالهجرة المعنوية يؤمّن ويحمي وجوده وروحه من أن تبقى بين براثن الشيطان والنفس الأمارة بالسوء. ومن المعلوم أن طريق الآخرة مشروط بما نصت عليه الآية القرآنية التي تقول: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)[1].

وبعض الروايات الشريفة ناظرة إلى هذه الزاوية، نذكر بعضاً منها:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفضل الهجرة أن تهجر ما كره الله[2].
وعنه (صلى الله عليه وآله): أفضل الهجرة أن تهجر السوء[3].
وعنه (صلى الله عليه وآله) – لأم أنس -: اهجري المعاصي، فإنها أفضل الهجرة[4].
وعنه (صلى الله عليه وآله): أشرف الهجرة أن تهجر السيئات[5].
وعنه (صلى الله عليه وآله): المهاجر من هجر السوء[6].
وعنه (صلى الله عليه وآله): المهاجر من هجر الخطايا والذنوب[7].
وعنه (صلى الله عليه وآله) – لما سئل عن أفضل الإيمان -: الهجرة، قيل: وما الهجرة؟ قال: أن تهجر السوء..[8].
وعنه (صلى الله عليه وآله): أقم الصلاة، وأد الزكاة، واهجر السوء، واسكن من أرض قومك حيث شئت، تكن مهاجرا[9].
وعنه (صلى الله عليه وآله): أفضل الإسلام أن يسلم المسلمون من لسانك ويدك، وأفضل الهجرة أن تهجر ما كره ربك[10].

ويلفت الإمام روح الله الخميني (قدسره) إلى هذا البعد الأخلاقي المهم والحساس فيقول: ” فكل سالك يسلك بخطوة الأنانية ورؤية النفس ويطوي منازل السلوك في حجاب الإنيّة وحب النفس تكون رياضته باطلة ولا يكون سلوكه إلى الله بل إلى النفس (أمّ الأصنام صنم نفسك) (مصراع بيت للعارف الرومي مشهور: مادربت هابت نفس شما است) قال تعالى: (ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله)[11].

فالهجرة الصورية وصورة الهجرة عبارة عن هجرة البدن “المنزل الصوري” إلى الكعبة أو إلى مشاهد الأولياء، و”الهجرة المعنوية” هي الخروج من بيت النفس ومنزل الدنيا إلى الله ورسوله، والهجرة إلى الرسول وإلى الوليّ أيضاً هجرة إلى الله، وما دام للسالك تعلّق ما بنفسانيّته وتوجّه منه إلى إنّيّته فليس هو بمسافر وما دامت البقايا من الأنانية على امتداد نظر السالك وجدران مدينة النفس وأذان أعلام حبّ النفس غير مختفية فهو في حكم الحاضر لا المسافر ولا المهاجر .

وفي مصباح الشريعة قال الصادق (ع): “العبودية جوهرة كنهها الربوبية فما فقد في العبودية وجد في الربوبية، وما خفي من الربوبية أصيب في العبودية”[12].

* إعداد قسم الانتاج الثقافي في شبكة المعارف الإسلامية


[1] سورة الشعراء: 88 – 89.
[2] ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 4 – ص 3430.
[3] م. ن: ج 4 – ص 3430.
[4] م. ن: ج 4 – ص 3430.
[5] م. ن: ج 4 – ص 3430.
[6] م. ن: ج 4 – ص 3430.
[7] م. ن: ج 4 – ص 3430.
[8] م. ن: ج 4 – ص 3430.
[9] م. ن: ج 4 – ص 3430.
[10] م. ن: ج 4 – ص 3430.
[11] سورة النساء: 100.
[12]  الآداب المعنوية للصلاة، الإمام الخميني (قدسره).

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل