Search
Close this search box.

الوحدة الإسلامية والعناصر المقوّمة لها

الوحدة الإسلامية والعناصر المقوّمة لها

مفهوم هذه الوحدة وحقيقتها بخدمة نجده إذا رجعنا إلى الأصل اللغوي للفظة الوحدة، يعود هذا اللفظ إلى الانفراد يقول: وَحَد، يَحِدُ، وحداً، وحوداً، وحدةً، ووحدةً، أي بقي منفرداً، ومنه اتَحَدَ أي انفرد وعندما نقول تَوَحَّدَ أي توحّد الأمران والشيئان ليصبحا شيئاً واحداً، وكل شيءٍ على حِدِتهِ إن أردنا أن نميز الشيء عن الآخر، ويقصد بالوحدة الإنسانية، أي اتحاد الشعوب فكرياً وسياسياً، واجتماعياً واقتصادياً وكذلك إذا قلنا بالوحدة الإسلامية، أي اتحاد الشعوب المسلمة لهذه المحاور الأربع، أي وكأن الأمة المسلمة باتحادها وانفرادها تكونت مميزة عن الأمم الأخرى، وإن قلنا بالمستوى الأعم وهي الوحدة الإنسانية، فتكون الإنسانية مميزة عن باقي المخلوقات والموجودات بهذه الصفات الأربع.

العناصر المقوّمة للوحدة
إذا كان ذلك هو المفهوم بالإجمال فإن الأمر لهذه المسائل يحتاج إلى مزيد بيان لحقيقة الوحدة وطبيعتها من خلال إبراز أهم عناصرها ومقوماتها، وهي الأشياء الأربعة التي ذكرناها.

“الفكر والاعتقاد” فمعنى الفكر والاعتقاد كما ذكر صاحب المصباح المنير، أي تردد القلب بالنظر والتدبر لطلب المعاني، وفي العصر الحديث صار للفكر مدلول أوسع، وهو جملة النشاط الذهني من تفكير وإرادة ووجدان وعاطفة، كما ذكر صاحب المعجم الفلسفي، والمقصود بالفكر هنا الجانب العقلي من الإنسان، وهو التعليم والتربية والتفكير، وأما الاعتقاد فهو عقد القلب على الشيء وإثباته في نفسه، وأما العقيدة الإسلامية هي أعلى ما يمكن أن تقوم عليه وحدة المسلمين، فهي الوشيجة الحقيقية التي تقوم عليها الأمة، ثم تنطوي تحتها كل العلاقات الأخرى التي تقوم عليها باقي الأمم، كالأرض واللغة والجنس واللون وغير ذلك. فتكون هذه روافد إضافية إذا وجدت، ولكنها لا تكون هي التي تكوِّن أمة ولو اجتمعت كلها في غياب العقيدة، فلا تكون الأمة من خلال اللون واللغة وغير ذلك فحسب، بينما تكوِّن العقيدة وحدها لو غابت الروافد الأخرى كلها الأمة. فإذاً العقيدة والفكر هو أمر مهم في تكوين وحدة الأمة.

أما الشيء الثاني هو العمل من خلال المجتمع، فالمجتمع ضروري بوحدته لتشكيل الوحدة العامة، وأعني بالعمل الاجتماعي كل العلاقات التي تكون بين الفرد والفرد، وبين الفرد والمجتمع، وبين المجتمع والفرد، فإذاً هذا الأس الثاني الضروري لتكوين الوحدة في الأمة.

وأما الأس الثالث هي السياسة، السياسة أمرٌ مهم لتوحيد الأمة، وما يتصل بنظام الحكم والإدارة والعلاقات الدولية، كل هذا أمر ضروري لتتكون الأمة في وحدتها.

والأمر الرابع هو الاقتصاد، وما يتصل بالجوانب المادية ونظمها.

فإذا توافرت هذه الأمور ممكن أن نسمِّي المجموعة بكليتها هي أمة مجتمعة.

وهناك معوقات في أمة إن صحَّ أن يقال عنها أو إن أردنا أن نكون بها أمة واحدة متحدة، فإذا فقدت فلا يمكن للأمة أن تكون متحدة، بفقد السياسة الواحدة، أو بفقد التواصل الاجتماعي، أو بفقد التواصل العقدي، أو التواصل الفكري فيما بينها. لذلك نرى أن الله تعالى ركَّز علينا أن نكون أمة واحدة، وفرض أن نكون من خلال هذه الأمور على أمرٍ واحدٍ بمقابل الأمم الأخرى. فالوحدة بين المسلمين ليست أمراً اختيارياً بل هي فرضٌ دينيٌ إلزاميٌ.


* الوحدة الإسلامية المرتكزات والنتائج – مركز الإمام الخميني الثقافي

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل