يعتبر علماء الأخلاق الاستهزاء والسخرية هو تقليد أقوال أو سلوكيات أو صفات شخص من أجل إضحاك الآخرين وبالتالي الاستهزاء يتكوّن من أولاً: تقليد الآخرين وثانياً: بُغية إضحاك الآخرين.
ومن السلوكيات الرذيلة التي يستخدمها البعض لإضحاك الآخرين هي الاستهزاء والسخرية وهي مرض نفسي يؤدي إلى العداء والانتقام ويهدّد الوحدة والوئام في المجتمعات.
وبحسب علماء الأخلاق يتكون الاستهزاء من عنصرين الأول: تقليد الآخرين، والثاني: إضحاك الآخرين.
وقد نهى القرآن الكريم والحديث الشريف عن مثل هذا السلوك الذي يؤدي إلى تحقير الآخرين كما نهى العقل عن ذلك، وفي هذا السياق قال الله تعالى في الآية الـ11 من سورة “الحجرات” المباركة “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ”، كما جاء في الآية الـ49 من سورة “الكهف” المباركة “وَ وُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ..”.
وقال ابن عباس في قوله تعالى: “يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها” “الصغيرة: التبسم بالاستهزاء بالمؤمن، والكبيرة: القهقهة بذلك”، وفيه إشارة إلى أن الضحك على الناس من الجرائم العظيمة.
إن الاستهزاء إذا ما تم في غياب الشخص وعن عيوبه الخفية فهو بالإضافة إلى السخرية والاستهزاء، فهو يكون أيضاً الغيبة، وهي من كبائر الذنوب اللسانية.
ولتجنب مثل هذا الذنب يجب التوقف عند نتائجه والتفكير في عواقبه فإنه ذنب يؤدي إلى العداوة في الدنيا والعذاب في الآخرة كما إنه يؤدي إلى الاستحقار لأنه قد يجعل الشخص يتصف بالصفة التي استهزأ بها.
ويروي التاريخ أن “الحكم والد مروان” (أحد الخلفاء الأمويين) كان يمشي خلف رسول الله (ص) بطريقة هزلية يقصد أن يهزأ بها من مشية النبي(ص) فقال له رسول الله: كن كذلك (دعا عليه أن يبقى يمشي بهذه الطريقة) فبقي حياته كلها يمشي و يتأرجح.
إن إستهزاء الآخرين يعتبر من أسباب ضيق الرزق ونكد العيش، كما ينبغي للمستهزئ أن يفكّر في هذه المسألة، فإذا كان هو نفسه يستهزئ به، فهل يسره؟ من خلال التفكير في هذه القضايا، يمكن للمرء أن يأمل أن يتوقف عن الإستهزاء السخرية بالآخرين ويحاول شفاء نفسه.