بقلم د. حسن أحمد حسن *
نعم… لقد ارتقى الشهيد الأقدس إلى الفردوس النوراني لدى مليك مقتدر… نؤمن ونرضى ونسلم بقضاء الله وقدره الذي اجتبى إليه الأنبل والأكمل… الأنفس والأقدس… الأشجع والأروع … الأبهى والأزهى… الأسمى والأعلى… الأنقى والأرقى سماحة سيد شهداء العصر وقائد المقاومة الأشرف في التاريخ سماحة السيد حسن نصر الله رضوان الله عليه وسلامه وغفرانه، فطوبى لروحه النورية المقدسة وقد عاد النور إلى معدنه، والطهر إلى منبعه، والقداسة إلى بارئها العزيز المقتدر الجبار.
نؤمن ونرضى ونسلم بحقيقة اليتم الذي نعيشه، والفقد الذي يؤلمنا ما فوق حدود الألم والوجع، وفي الوقت نفسه نؤمن بأنه لا يحق لأي منا بالتهرب من قيمة الوفاء الذي زرعها سيد شهداء العصر في نفوس كل عشاق المقاومة والكرامة…
الوفاء الذي يفرض على كل فرد ــ فرض عين لا فرض كفاية ــ أن يحمل دمه الشريف الطاهر، ويتبنى نهجه، ويساهم بإبقاء رايته عالية خفاقة، كل من موقعه وحسب استطاعته…
الوفاء للشهيد الأقدس يفرض على الجميع العضَّ على الجراح والارتقاء إلى مستوى المسؤولية والتحدي، لضمان الانتصار في حرب التحدي ومكاسرة الإرادات في عصر القوة وجبروت العسكرة ونزعة القتل والتدمير والإبادة التي ارتجت دعائمها، واهتزت فرائص أصحابها، وتكسرت قوائم فرعونها الأطغى بفضل الله ونهج المقاومة التي أرسى أسسها ورفع مداميمكها وأعلى أسوارها شهيدنا الأقدس وهو يحمل إلى أنصار الحق والإنسانية نصر الله بعمامته الشريفة ويقود أجيال الأمة من نصر إلى نصر…
نعترف ونقر بأننا مكلومون حزانى، وإن لوعة الفقد لن تخفت في حنايانا، ولأننا الأوفياء للشهيد الأقدس نخاطب روحه الطاهرة الساكنة في عقولنا وجوارحنا ونقول: يا سيدنا ورمزنا وقدوتنا وعنوان انتصاراتنا السابقة واللاحقة! أبناؤك الأوفياء ورجالك الميامين تعلموا منك الشمم والشموخ، والعزة والكبرياء والعنفوان والإباء، ولو لم يكن لدى أي منهم سبب إلا الثأر لدمائك الزكية والانتقام من القتلة المجرمين لكفى بذلك دافعاً وحافزاً وتكليفاً شرعياً بإتمام المهمة وفعل كل ما يمكن لقهر الغزاة وتكسير أنوف أبناء الأفاعي وقتلة الأنبياء، ولو وقف معهم كل من هب ودب، فكيف وواقع الحال يقول: إن أنصارهم وداعميهم في تقهقر وانحسار وإن داعمي المقاومة ونهجها في ازدياد وتمدد وانتشار، وفي كل يوم يسطر أبناؤك الصيد أسمى آيات الرجولة والفداء والتضحية والاستبسال، وإذا كان المقاومون الأبطال يحملون مع نبضهم وجع الفراق ولوعة الفقد فإنهم على خطوط التماس والاشتباك من المسافة صفر يذلُّون جيش الاحتلال بكل ما تعنيه كلمة الذلّ، ويذلُّون المجرم الأكبر نتنياهو وزبانيته السفاحين على مدار الساعة حتى في أوكارهم التي يتحصنون بها والقادم أعظم وأدهى وأشد وأمر…
قبل شهر من اليوم شاءت إرادة السماء أن تسترجع إلى مشكاتها القدسية مصباح هداية ورشد ويقين وإيمان وإرادة وعزيمة وإصرار على اجتراح الانتصارات رغم أنوف طواغيت الكون وأعداء الله والإنسانية… مصباح حمل إلينا “نصر الله” فكان الحسن الأحسن الأمين المؤتمن على الأرواح والدماء…. كان ويبقى صادق الوعد والوعيد بسبابة طاهرة لطالما أرغمت أصحاب الرؤوس الحامية على إعادة الحسابات قبل ارتكاب الحماقات التي لا تحمل لعاقري ناقة الحق إلا الويل والثبور وعظائم الأمور…
عدد المستوطنين المهجرين يتضاعف، وعداد القتلى والإصابات في صفوف جيش الاحتلال بتسارعٍ يفرض على مقص الرقابة العسكرية أن يخفف من غلوائه، دباباتهم ومدرعاتهم وعرباتهم وتحصيناتهم ومقرات قيادتهم تدك على مدار الساعة.
صفارات الإنذار لا تتوقف، والداخل الاستيطاني يزداد هلعاً ورعبا، وما زلنا في بداية جولة الانتقام لدمائك الزكية، وإننا لعلى موعد مع نصر حتمي وناجز وقريب إن شاء الله.