بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد للّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمّدٍ، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المهديين، [ولا] سيّما بقيّة الله في الأرضين.

أهلًا وسهلًا بكم، أيها الإخوة الأعزاء، والأخوات العزيزات، أبنائي الأعزاء، الشباب، تلامذة المدارس وطلاب الجامعات.

قبل أن أبدأ حديثي، أودّ الإشارة إلى النقاط التي ذكرها هؤلاء الشباب الأعزاء كمقترحات ووجهات نظر بشأن مواجهة الاستكبار[1]. أودّ أن أقول إن على الجميع أن يعلم، وأن يعرف شبابنا الأعزاء، أننا في مواجهة الاستكبار، سنقوم حتمًا بكلّ ما هو ضروريٌّ ومطلوبٌ لضمان استعداد الشعب الإيراني، سواء على المستوى العسكريّ، أو من ناحية التسليح، أو لناحية الشؤون السياسيّة، والحمد لله أنّ المسؤولين منهمكون الآن في تحقيق ذلك. لا شكّ في أنّ التوجّه العام للشعب الإيراني ومسؤولي البلاد يسير نحو التصدّي للاستكبار العالمي، والنظامِ المجرم المهيمن على النظام العالمي اليوم، وهم لن يرتكبوا أدنى تقصير حتمًا، للحقّ والإنصاف. ثِقوا بهذا الأمر. المسألة ليست فقط بشأن الانتقام، بل بشأن مسارٍ منطقي. المواجهة تستند إلى الدين، والأخلاق، والشريعة، وتتوافق مع القوانين الدوليّة، وإنّ الشعب الإيراني ومسؤولي البلاد لن يتهاونوا ويتلكؤوا إطلاقًا ضمن هذا الإطار. ثِقوا بهذا الأمر.

الجلسة مع الشّباب هي بطبيعة الحال جلسة نورانيّة، فالقلوب الشابّة أقلّ تلوّثًا وأكثر نورانيّة. وولا يمكن أن أفوّت لقاءكم اليوم من دون أن أقدّم نصيحةً معنويّةً لكم، وفي جمعكم الغفير هذا، أيّها الشباب الأعزّاء. توصيتي هي التوصية بـ«الذكر» و«الشّكر». المسار الذي نطويه ليس مسارًا قصيرًا، وهو ليس سهلًا أيضًا. إنّه مسارٌ تتحمّلون – أنتم الشّباب – المسؤوليّة الأساسيّة في طيّه. العالم المُقبل هو عالمكم، والبلاد في الغد لكم، والنظام العالمي في المستقبل سيكون بأيديكم؛ لذا مهمّتكم ثقيلة. الهمّة لازمة، وكذلك المعرفة، وبذل الجهود في هذا المسار، لكن ما هو لازم وأكثر حاجة من أيّ شيء آخر هو الرصيد المعنويّ. سوف ألخّص اليوم ذلك الرصيد المعنويّ في هاتين العبارتين: «الذكر» و«الشكر». الذّكر يعني تذكّر الله، فلا تغفلوا عن ذكر الله. لا تجعلوا بينكم وبين المناجاة والدعاء وتلاوة القرآن مسافة. إنّ توصيتي الدائمة هي أن تأنسوا بالقرآن، وأن تتلقّوا المعارف القرآنيّة. فهذا يُعينكم ضمن هذا المسار العظيم. الشُّكر يعني أن تعرفوا نعمة الله، ولا تنسوها. لقد تلقّيتم اليوم نعمًا عظيمة من الله؛ نعمة وجود نظام وأجهزة تسعى من أجل مقارعة الظّلم، والاستكبار، وغطرسة العصابات الدوليّة وإجرامها. هذه أعظم نعمة، وهناك نعمٌ كثيرة أخرى أيضًا. وردت هذه العبارة في أدعية عدة، وهي: «لا تجعلني ناسيًا لذكرك في ما أوليتني ولا غافلًا لإحسانك في ما أعطيتني»[2]. يجب ألّا نغفل عن الإحسان الإلهيّ، والنعم الإلهيّة والتفضّلات الإلهيّة. إنّ نفس صحوتكم هذه، واستعدادكم، وروحيّتكم هذه، وهذا الشعور بالقوّة لديكم، إذ تشعرون بقدرتكم على التحرّك والمضي قدمًا ومقارعة القوى الماديّة الخاوية حول العالم، هي نعمة إلهيّة كُبرى. لا تضيّعوا هذه النعمة. اعرفوا النعمة ووظّفوها في موضعها المناسب؛ هكذا يتحقّق الشكر. تذكّروا أنّنا قادرون على قطع هذا المسار بمساعدة الله المتعالي، وعونه، وهدايته لنا، هو وعباده الخالصين والصالحين: النبيّ الأكرم (ص)، وأهل بيته المكرّمين، وشهداء هذا النّهج، والشهداء الذين استُشهدوا على مرأى من عيوننا، [مثل] الشهيد نصر الله، والشهيد هنيّة، والشهيد سليماني، والشهيد السِّنوار و[غيرهم من] أمثال شهدائنا الأعزّاء هؤلاء. فلنستمدّ العون من أرواح هؤلاء، ولنحثّ الخُطى نحو الأمام. هذا في ما يتعلق بالموضوع الأول والنقطة الأولى لدي.

هذه المناسبةُ مناسبةٌ في غاية الأهمية؛ لذا يجدر بذل كل الجهود الفكرية والعملية للحفاظ عليها. إن تخصيص يوم في الجمهورية الإسلامية بعنوان يوم «مقارعة الاستكبار» هو من أجل ألّا يغفل الشعب الإيراني عن هذه التجربة التاريخية؛ وإلا فإنّ مقارعة الاستكبار ليست مقتصرة على يوم واحد؛ بل هي أمر دائم. ينبغي أن تجعلوا وتعدّوا مقارعة الاستكبار، ومقارعة مظاهر الظلم والعدوان، ومقارعة الأنظمة الظالمة العالمية، صلبَ حياتكم؛ لذا، لا يوجد يومٌ خاصٌّ لمقارعة الاستكبار، ولكننا حدّدنا هذا اليوم، وذلك حتى لا تغفل الذاكرة التاريخية للشعب الإيراني، ولكي لا ننسى.

ثمة أيادٍ تعمل على أن توضع حركة الشعب الإيراني الشجاعة والواعية في مواجهة أمريكا المتغطرسة في العالم وعملائها في المنطقة، أولًا محطّ تشكيك، ثم بعد ذلك إنكار؛ ويجب ألّا نسمح بذلك. ذاكرة الشعب الإيراني التاريخية ترفض هذا الأمر. لا يمكن أن تكون قضيّة وكر التجسّس [الأمريكي] محلّ شكّ أو تردّد. بعض الأشخاص يبثّون هذه الشكوك في أوساط الرأي العام، والشباب على نحوٍ خاص. «حسنًا، لماذا سيطر طلابنا الجامعيّون على سفارة إحدى الدول. كان ذلك خطوة تتعارض مع القوانين الدوليّة»؛ إنهم ينشرون هذا الكلام. والحقيقة التي يتعمّدون إخفاءها هي أنّ السفارة الأمريكيّة، في بدايات الثورة الإسلاميّة وحتى سيطرة طلابنا الجامعيّين عليها، لم تكن مجرّد مكانٍ للأعمال الدبلوماسيّة، ولا مكانًا للأعمال الاستخباراتيّة فحسب. نعم، كلّ السفارات في العالم تنقل الأخبار المُعلنة والسريّة للبلد الذي تُوجد فيه إلى مراكزها؛ لكن القضيّة لم تكن هذه، بل إنّ السفارة الأمريكيّة كانت مقرًّا للتخطيط من أجل تحرّكات داخليّة ضدّ الثورة الإسلاميّة، وتسعى لإنهائها، وتهديد الحياة المباركة للإمام [الخميني] الجليل أيضًا. شبابنا لم يكونوا في البداية مدركين لهذه النقطة، ودخلوا السفارة لسبب آخر، لكن عندما وصلوا إلى هناك، وحصلوا على مستندات السفارة، اكتشفوا هذه الأمور.

هذا هو السبب في تأكيدي على ضرورة أن يقرأ الشباب الكتب، ويطّلعوا على الوثائق والمستندات. فقد كانت سفارة أمريكا منذ الساعات الأولى للثورة، ومن الأيام الأولى لها، مركزًا للتخطيط والتآمر ضد الثورة. بالطبع، في البداية، هم ارتبكوا، ولم يدركوا ما الذي يحدث، لكن بمجرد أن خرجوا من هذه الحيرة، بدؤوا في التخطيط لانقلاب، والتحريضِ – تحريض القوميات، وتحريض مختلف المكوّنات – لبث الخلاف، وجمْعِ فلول «السافاك» التابعين للنظام البهلوي من أجل مناهضة الثورة. لم تكن السفارة [مجرّد] سفارة؛ بل كانت مركزًا لمناهضة الثورة، ومناهضة الشعب الإيراني، ولإفشال الحركة العظيمة التي سطّرها الشعب الإيراني عبر ثورته. لذلك، تُعدّ هذه الحادثة حادثة بارزة، وتاريخية، ولا تُنسى، ونقطة تحوّل في تاريخنا. حتى لو افترضنا أنّ أولئك الذين شاركوا في هذه الخطوة يومًا ما قد أصبحوا مترددين اليوم – كما قد يكون بعضهم كذلك حقًّا – فإنّ الحقيقة هي أن هذه الخطوة كانت عملًا عظيمًا وضروريًّا. ولهذا، أيّد الإمام الجليل برؤيته الثاقبة هذه الخطوة، وأيّد حركة الطلاب؛ فقد كانت هذه الخطوةُ خطوةً ضروريةً.

من أين ينجم نضال الشعب الإيراني ضدّ الاستكبار الأمريكي؟ هذا سؤال. الجواب الواضح والجلي والدقيق هو أنّه كان ينجم من الهيمنة الظالمة والوقحة للحكومة الأمريكيّة على شعبنا العزيز، وبلدنا العزيز إيران. هذا كان منطلق المواجهة. يحاول المؤرّخون المُحرِّفون لهذه الحقائق الادّعاءَ أنّ بدء الخلاف بين إيران وأمريكا كان من يوم الثالث عشر من آبان 1358 هـ.ش. (4 تشرين الثاني/ نوفمبر 1979 م)، وهذا ادّعاءٌ كاذب. الأمريكيّون، منذ بدايات الثورة الإسلاميّة، وحتى قبلها، قبل وقوعها بسنوات، تصادموا مع الشعب الإيراني، وبذلوا ما أمكنهم من الجهود ضدّه، على الأقل منذ [انقلاب] الثامن والعشرين من مرداد[3]. قبل الثامن والعشرين من مرداد عام 1332 ه.ش. (19 آب/ أغسطس 1953 م) أيضًا، هناك قصّة طويلة لوجود الأمريكيّين ومساعيهم، لكن ما كان ماثلًا أمام عيون الجميع، كان [انقلاب] الثامن والعشرين من مرداد. كانت في إيران حينها حكومة وطنيّة وشعبيّة، وخاض الأمريكيّون الميدان، وخانوا ثقة تلك الحكومة التي وثقت بالأمريكيّين بسذاجة، فأطاحوا بتلك الحكومة، وأسّسوا الحكومة الظالمة للشاه. لمس الشعب الإيراني على مدى أعوام طويلة عداء أمريكا، وقد لمس [ما جرى في] حادثة الثامن والعشرين من مرداد. فلتذهبوا يا أيها الشباب الأعزّاء، ولتطالعوا في الكتب أحداث العام 1332 ه.ش. (1953 م)، والحركة الوطنيّة، وحضور أمريكا. على أولئك المهتمّين بمجال البحث والتأليف أن يبحثوا ويدوّنوا ويكتبوا. إنّها نقاط تحوّل بالنسبة لشعبنا، وهذه نقاط التحوّل في تاريخنا. الأمريكيّون أطلقوا انقلابًا في إيران، وأسّسوا السافاك في الخمسينيات، فكان مقرّ التعذيب وممارسة الضغوط على المناضلين والمطالبين بالحريّة. كم من الشباب، والمؤمنين، والمطالبين بالحريّة توفّوا خلال تعذيب العناصر والعاملين المجرمين في جهاز السافاك التابع للشاه – المقرّ الاستخباراتي التابع للشاه – أو فقدوا أحد أعضائهم، أو جرى تعذيبهم! هذا ما رآه الشعب الإيراني بأمّ العين. مَن الذي أسّس السافاك؟ أسّسه العناصر الأمريكيّون، وهم من علّموا أساليب التعذيب. لقد جاؤوا بعشرات آلاف المستشارين إلى إيران حتى يتمتّعوا بالمقدّرات المجانيّة، ويتدخّلوا أيضًا في شؤون الجيش والاستخبارات والحكومة وكلّ شيء، ويتجسّسوا، ويمارسوا النفوذ، ويغيّروا ثقافة الشّعب، ويبسطوا هيمنة أمريكا على البلاد أكثر فأكثر مع مرور الأيام.

كان النظام البهلوي الخبيث – بمساعدةٍ من أمريكا – أحد عوامل تجذّر الكيان الصهيوني الغاصب. في ذلك اليوم الذي قطعتْ كلّ هذه المنطقة – تقريبًا غالبيّة حكومات هذه المنطقة – علاقاتها بالكيان الصهيوني، كان نظام الشاه يُقدّم النفط للكيان الصهيوني، ويمدّه بالإمكانات، ويسانده. لا يُمكن نسيان هذه الخيانة. واليوم أيضًا، يفعل بعض الأشخاص الأمر ذاته. اليوم أيضًا، يرتكب الكيان الصهيوني أفظع الجرائم في المنطقة، وبعض الأشخاص؛ بدل أن يعارضوا ويتصدّوا، وبدل أن يدعموا الشعوب – شعبَي فلسطين ولبنان – يساعدون العدوّ الخبيثَ الظالمَ الدّموي. يمدّونه بالدعم الاقتصادي، وبعضهم يقدّمون له المساعدات العسكريّة أيضًا! [المُقدّم للمساعدات] هو من هذه المنطقة، ناهيكم عن أمريكا. القضيّة هي قضيّة التصدّي لظلمٍ دولي. بالنسبة للشعب الإيراني، فإنّه، وبالاستلهام من تعاليم الإسلام، يعدّ التصدّي للظلم فريضةً. إنّ التصدّي للاستكبار فريضة. الاستكبار يعني الهيمنة الاقتصاديّة والعسكريّة والثقافيّة الشاملة، وإذلال الشعوب. لقد أذلّوا الشعب الإيراني. أذلّوه على مدى أعوام. لذلك كان نضال الشعب الإيراني ضدّ الاستكبار، وسيكون كذلك في المستقبل حتمًا أيضًا.

هناك نقطة أساسيّة في هذا المجال، وهي عبارة عن نجاح الشعب الإيراني، وتقدّم هذا العمل. بعض الأشخاص يبثّون الشكوك: «هل يمكن مواجهة جهازٍ متقدّمٍ وحديثٍ ومهيمنٍ وقويّ كالنظام الأمريكي والحكومة الأمريكيّة؟ هل النّضال ضدّهم أمرٌ معقول؟». نعم، الشعب الإيراني ناضل، وأقولها لكم: لقد حقّق الشعب الإيراني النجاحَ حتمًا حتى اليوم. استطاع الشعب الإيراني اليوم في وجه أمريكا – هذا العدوّ الكبير، وهذه القوّة المهيبة التي كان بمقدورها إرعاب الشعوب بهيبتها وتهديدها وإجبارها على التراجع – أن يُوهن هذه القوّة. لقد بلغت الأمور مكانًا جَعَلَ اللجان العلميّة للطلاب الجامعيّين داخل أمريكا نفسها يُصدرون البيانات ضدّ الحضارة الغربيّة، والحضارة الأمريكيّة، ومساعي أمريكا. هذا واقعٌ، وقد حدث بالفعل. في أحد البيانات التي نشرها عددٌ كبير من اللجان العلميّة للطلاب الجامعيّين في أمريكا، يقولون هم أنفسهم: نحن أنفسنا، نحن الغربيّين، نهتف ونُعلي الصوت ضدّ الحضارة الغربيّة والثقافة الغربيّة، وقد خُضنا الميدان خدمةً لمصلحة الدول والشعوب المظلومة. هذا ما أوردوه في بيانهم الذي صدر قبل أشهر قليلة. سيتعزّز هذا يومًا بعد يوم، وسوف يحقّق الشعب الإيراني والشعوب المظلومة وجبهة المقاومة التقدّم حتمًا.

طبعًا، إنّ الفجائعَ التي تحدث في المنطقة فجائع مهولة. ما يحدث طيلة الليل والنهار في لبنان، وما يجري في غزّة، 50 ألف شهيد خلال عامٍ واحد، وغالبيتهم من النساء والأطفال، هل هذا بالأمر الهيّن؟ الأمريكيّون مع ادّعائهم [الدفاع عن] حقوق الإنسان، يدعمون هذه الجرائم. ولا يكتفون بالدعم، [بل] يشاركون في هذه الجرائم [أيضًا]. السّلاح سلاحٌ أمريكي، والمخطّط مخطّطٌ أمريكي، والمساعي الدوليّة أمريكيّة. يقول الأمريكيّون بمنتهى الوقاحة: «نحن نساند الكيان الصهيوني وندعمه». يقولون هذا بصراحة.

هذه المواجهة مواجهةٌ عقلانيّة، وحكيمة، ومنطقيّة؛ فلا يحاولنّ بعض قصار النظر والرؤية – وأنا لا أقول الخونة ولا أتّهمهم بالخيانة أو تعمّد ذلك، لكنّهم قصار النظر في الحدّ الأدنى – تصويرَ حركة الشعب الإيراني ضدّ الاستكبار على أنّها غير منطقيّة. كلّا، إنّها حركةٌ منطقيّة، وصحيحة، ومتوافقة مع المنطق الصحيح العقلاني والإنساني والدولي. وهذا ما يجعل الشعب الإيراني عزيزًا لدى الرأي العام عند شعوب العالم. نعم، تحاول الأجهزة الإخباريّة والإعلاميّة للأعداء وقوى الهيمنة إظهار خلاف ذلك، لكن ذاك هو واقع الأمر. عندما تنفّذون [عمليّة] الوعد الصادق، تجدون الناس في شوارع الدول التي تفصلها عنكم المسافات يُعبّرون عن فرحتهم أيضًا، فماذا يعني هذا؟ هذا يعني أنّ حركةَ الشعب الإيراني حركةٌ تحظى بتأييد المنطق الدولي، والمنطق الإنساني، والمنطق الإسلامي والقرآني طبعًا؛ يجب أن تستمرّ هذه الحركة. لكن، يجب أن تستمرّ هذه الحركة وفق خطّة صحيحة.

إنكم، أيها الشباب الأعزّاء وتلامذة المدارس وطلاب الجامعات من الفتية والفتيات في أرجاء البلاد، قادرون على تأدية دورٍ في هذا الصدد. عزّزوا الأفكار، وتقدّموا بالعلوم إلى الأمام؛ إذ لا يمكن إنجاز العمل بالنحو الصحيح من دون العلم، والفكر، وخريطة طريق. نحن بحاجة إلى التقدّم العلمي، وإلى التقدّم التكنولوجي في شتّى القطاعات.

طبعًا، أولئك الذين يبذلون قصارى جهودهم، بما يتوفّر لهم من إمكانات، مشغولون بالعمل، ولن يتهاونوا في مواجهة العدوّ، ولن يُبقوا أيّ حركةٍ له دون رد. ثِقوا في هذا الأمر. ليس الأمر على هذا النحو، بأن يُنسى تحرّك العدو من قِبل أولئك الذين يسعون، بصفتهم ممثّلي الشعب الإيراني، من أجل التصدي للعدو. كلّا، لن يُنسى، والأعداء؛ سواء الكيان الصهيوني أو الولايات المتحدة الأمريكيّة، سيَلقون، بلا شك، ردًّا قاصمًا حيال ما يفعلونه تجاه إيران والشعب الإيراني وجبهة المقاومة.

لم تعُد حقوقُ الإنسان الأمريكيّة، التي تُنفخ في مختلف الأبواق، قادرةً على خداع أحد. هذا الوضع الذي يشهده لبنان، والوضع السائد في غزّة وفلسطين، وهذه الجريمة التي يرتكبها عناصر الكيان الصهيوني في المنطقة بدعم من أمريكا، وتدخّلٍ منها، ومع مشاركتها، بات لا يسمح بأن يؤيّد ويصدّق أحدٌ في العالم حقوق الإنسان الخاطئة والفارغة التي يدّعيها الأمريكيّون. لم يَعُد لحقوق الإنسان أيّ معنى. أولئك الذين يدّعون حقوق الإنسان مع ارتكاب هذه الجرائم؛ ينعتون شخصيّات كبيرة ووجوه نورانيّة مثل السيّد حسن نصرالله، وهنيّة، وسليماني، وسائر الشهداء العظام، بالإرهابيين، ويُطلقون عليهم هذا المُسمّى، بينما هم أنفسهم العصابة الإرهابيّة، وهم أنفسهم العصابة المجرمة. وهذا ما تُدركه [شعوب] العالم اليوم، وقد علموه وأدركوه، بحمد الله.

ما ينبغي أن يحدث، هو عبارةٌ عن الحركة العامّة للشعوب ضمن هذا الاتجاه. ليكن لدى شبابنا تواصلٌ مع نظرائهم في سائر الدول، وليتواصل طلاب مدارسنا مع طلاب المدارس في الدول الإسلامية والمنطقة. وليتواصل طلابنا الجامعيّون مع الطلاب الجامعيّين في الدول الإسلامية وبلدان المنطقة، بل حتى ما وراء المنطقة. فإمكانات التواصل اليوم ليست قليلة. بمقدوركم التواصل معهم، وتبيان الحقائق لهم، وأن تذكّروهم بمسؤوليّة جميع الشباب في العالم وكلّ الدول، لتنطلق حركة عظيمة وشاملة ضدّ الاستكبار في العالم، وسوف تنطلق، وستكون للشعب الإيراني وهذه الحركة الإسلاميّة والإنسانيّة الشاملة لجبهة المقاومة مكانتها في العالم، وهي ستُكبّد العدوّ الهزيمة حتمًا.

كان هذا اليوم يومًا مميّزًا جدًّا بالنسبة إليّ. هذا اللقاء، لقاءٌ عذبٌ للغاية، ونأمل أن يحفظكم الله جميعًا ويُسدّدكم، وأنا أدعو لكم جميعًا. نأمل أن يُنزل الله المتعالي توفيقاته عليكم، إن شاء الله.

والسّلامُ عليكم ورحمة الله


[1] في بداية هذا اللقاء، تحدّث عدد من تلامذة المدارس وطلاب الجامعات بكلمات.

[2] «إقبال الأعمال»، ج. 1، ص. 188.

[3] 28 مرداد 1332 هـ.ش. (19 آب/ أغسطس 1953 م).