إنَّ تلاوة القرآن من أهم السُّبُل التي بها ينمو الإيمان ويقوى في قلب المؤمن، لأن القرآن كلام الله تعالى، والله عرَّفنا نفسه، وعرَّفنا غاية خلقنا، وعرَّفنا ماذا يريد منا بكلامه، وتلاوة القرآن من أهم الوسائل التي تقوي إيمان الإنسان وتعرِّفه على الله تعالى وماذا يريد منه.
ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “لِقاحُ الإيمانِ تِلاوَةُ القرآنِ”.
الإيمان بالله تعالى واحداً أحداً فرداً صَمداً، خالقاً للكون وما فيه، ومُدَبِّراً له، ومُنعِماً عليه، ولطيفاً به، منه صدر الخلق وإليه يرجعون، هو أساس حياة المسلم، فعليه تقوم وعليه تمضي، وعليه يأتي يوم الدين آمناً مطمئناً، وهو الذي يصوغ فكره، وعمله، ومواقفه، وخياراته، وعلاقاته، وبه يمتاز عن سواه من الناس، وهو قبل ذلك وبعده يعزِّز الصلة بين الإنسان وخالقه.
ومِمّا لا شَكَّ أن الإيمان يقوى ويَضعُف لأسباب كثيرة لا مجال لعرضها الآن، كما أن مِن الإيمان ما يكون مُستَقِراً ثابتاً، ومنه ما يكون مُستَودعاً يزول، كالوديعة يودعها صاحبها عند شخص ثُمَّ يستردها بعد حين.
وإذا كان الإيمان كذلك فهو بحاجة إلى تغذية مستمرة وتقوية دائمة، في هذا السياق تأتي جوهرة الإمام عَلِيّ (ع): “لِقاحُ الإيمانِ تِلاوَةُ القرآنِ”، لتبرز دور القرآن في تغذية الإيمان وتقويته.
إنَّ تلاوة القرآن الكريم من أهم السُّبُل التي بها ينمو الإيمان ويقوى في قلب المؤمن، لأن القرآن كلام الله تعالى، والله عرَّفنا نفسه، وعرَّفنا غاية خلقنا، وعرَّفنا ماذا يريد منا بكلامه، وتلاوة القرآن من أهم الوسائل التي تقوي إيمان الإنسان وتعرِّفه على الله تعالى وماذا يريد منه، قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴿2/ الأنفال﴾ تدل الآية الكريمة على أن المؤمنين حقاً لهم إيمان حَيٌّ، ينمو ويزيد يوماً بعد يوم بتلاوة آي القرآن الكريم، لأن القرآن يفتح لهم كل يوم آفاقاً جديدة من المعرفة والعلم، فإن كتاب الله لا ينضب معينه، ولا يتوقَّف مَدَده، والقارئ له يقف كل مرة من قراءته على معاني جديدة، لأنه لا يَخْلُق مع كرور الأيام، وكلّما قرأوه ارتعشت قلوبهم خشية وخشوعاً فيغشاها جلال الله، وتتمثل عظمة الله ومهابته.
والقلب المؤمن يجد في آيات هذا القرآن ما يزيده إيمانا، و ما ينتهي به إلى الاطمئنان، لأن القرآن يتعامل مع القلب البشري بلا وساطة، ولا يحول بينه وبينه شيء، وحين يجد القلب حلاوة هذا القرآن، يجد في إيقاعاته المتكررة زيادة في الإيمان تبلغ إلى الاطمئنان، لكن الشرط لذلك أن تكون القراءة واعية، وأن يتدبَّر القارئ فيما يقرأ،وأن يبذل الجهد ليستنبط مراد الله من كلامه، وأن يعيش القرآن في سلوكياته وأعماله ومواقفه، فإن ذلك يجعل التفاعل مع القرآن مضاعفاً.
وجاء في الحديث عن رسول الله(ص) أنه قال: “علَيكُم بالقرآنِ، فإنّهُ شافِعٌ مُشَفَّعٌ وماحِلٌ مُصَدَّقٌ، مَن جَعَلَهُ أمامَهُ قادَهُ إلَى الجَنّةِ، ومَن جَعَلَهُ خَلفَهُ ساقَهُ إلَى النارِ، وهُو الدليلُ يَدُلُّ علَى السَّبيل، وهو كتابُ تَفصيلٍ وبَيانٍ وتَحصيلٍ، هُو الفَصلُ ليسَ بالهَزلِ، ولَهُ ظَهرٌ وبَطنٌ، فظاهِرُهُ حُكمُ اللَّهِ وباطِنُهُ عِلمُ اللَّهِ تعالى، فظاهِرُهُ وَثيقٌ، وباطِنُهُ عَميقٌ، لَهُ تُخومٌ، وعلى تُخومِهِ تُخومٌ، لا تُحصى عَجائبُهُ ولا تُبلى غرائبُهُ، فيهِ مَصابيحُ الهُدى، ومَنارُ الحِكمَةِ، ودليلٌ علَى المَعرِفَةِ لِمَن عَرَفَ النَّصَفَةَ”.
وجاء عن الإمام أمير المؤمنين (ع) أنه قال: “اعلَمُوا أنَّ هذا القرآنَ هُو الناصِحُ الذي لا يَغُشُّ، والهادي الذي لا يُضِلُّ، والمُحَدِّثُ الذي لا يَكذِبُ، وما جالَسَ هذا القرآنَ أحَدٌ إلّا قامَ عَنهُ بزيادَةٍ أو نُقصانٍ، زيادَةٍ في هُدىً، أو نُقصانٍ مِن عَمىً”.
إن تلاوة القرآن هي عملية اتصال وتواصل دائم بين المؤمن وربه، ومن يتصل قلبه وفكره بالله فمن الطبيعي أن يتحسَّن سلوكه بشكل دائم، وأن يطمئن قلبه في معترك الحياة، والأبحاث الحديثة تؤكِّد أن قراءة القرآن توَلِّد شعوراً بالراحة والاستقرار النفسي، كما تساعد على تقليل القلق والتوتر، فعندما يتأمَّل المؤمن في الآيات، ويتدبر معانيها، تتحقق لديه الطمأنينة والإيمان الذي يعينه على التغلُّب على التحديات النفسية والروحية.
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي