قال الباحث والمفكر الاسلامي الجزائري “الدكتور نورالدین بولحیه” : مثلما كان الامام الخميني (رحمه الله) حيّا في حياته وازداد حياة بعد وفاته، هكذا سماحة السيد حسن نصر الله (رض) سيزداد تألقا وسيزداد حياة بعد استشهاده، وسيزداد جنوده قوة، وسيزدادون شراسة على اعدائهم.
جاء ذلك في كلمة الدكتور بولحية خلال ندوة “الشهيد نصر الله حبل الوحدة وجبل المقاومة”، التي عقدت برعاية المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية (صباح الثلاثاء 26 تشرين الثاني / نوفمبر 2024م)، بمشاركة جمع من المفكرين والباحثين الاسلاميين من ايران وخارجها.
وفيما يلي نص هذا المقال :-
اولا اشكركم على الاستضافة واقدم لكم واجب العزاء في استشهاد القائد الكبير سماحة السيد حسن نصر الله رحمة الله ورضوان الله عليه وقدس الله سره؛ هذا القائد العظيم ليس فقط في لبنان بل في الامة الاسلامية جميعا.
ولا استطيع ان أقول ان فقدنا له خسارة فهذا قدر الله، والباري تعالى لا يقدر لنا ولهذه الامة ولمحور الابرار ولمحور المقاومة ولمحور المجاهدين في سبيل الله، الا الخير؛ بل نقول هذا مكسب كبير فالشهداء احياء عند ربهم يرزقون.. وسماحة السيد حسن نصر الله (رض) لم يمت وكلماته لا تزال تتردد في اذاننا واذان جميع المقاومين.
لقد راينا في لبنان كيف ان الصهاينة انفسهم يذكرون بان اسود ورجال الله في جنوب لبنان كانوا يجاهدون وكانوا يرفعون صيحات “لبيك نصر الله”، هذه الصيحة لا زالت حية ولا زالت قائمة ولا زالوا مستبسلين وما حصل لقائدهم وارتقائه لم يزدهم الا قوة وهكذا كل محور الشرفاء.
نعم نتألم لذلك الفقد الجسماني ولكن روحه وكلماته والمعاني التي كان يطرحها، هذه لا تزال حية ولن تموت ابدا.
مثلما كان الامام الخميني (رحمه الله) حيا في حياته وازداد حياة بعد وفاته، هكذا سماحة السيد حسن نصر الله سيزداد تألقا وسيزداد حياة، وسيزداد جنوده قوة، وسيزدادون شراسة على اعدائهم.
ولذلك هم مثلما حصل لحزب الله عندما استشهد القائد السابق السيد عباس موسوي (رض)، وهكذا في اليمن عندما استشهد شهيد القران السيد حسين بدر الدين الحوثي (رض) وهكذا في جمهورية ايران الاسلامية عندما ارتقى الى الله الشهيد الحاج قاسم سليماني (ره)، وهكذا في العراق عندما ارتقى ابو مهدي المهندس (ره) وهكذا قبل ذلك عندما ارتقى السيد محمد باقر الصدر (رض)؛ فهؤلاء جميعا احياء في التاريخ، واستشهاد الامام الحسين عليه السلام كانت دماءه بركات على هذه الامة.
لذلك لا نقول بان ما حصل خسارة، فالخير فيما وقع حتى في هذا التوقيت بالضبط، لكي يعلم الاعداء بان قوة حزب الله في ايمانه، وقوة الشرفاء في ايمانهم وفي تقواهم، وان القائد مهم ولكن فقده في الساحة لن يؤثر فيها؛ [وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ].
ولهذا الشهيد مازال حيا في قلوبنا وفي قلوب الملايين وفي قلوب كل احرار العالم، بل استشاده في هذا الدرب زاده قوة وزاده حياة، وتعاليمه وثباته ومنهجه سيبقى.
ان قول السيد نصر الله (رض) بان “اسرائيل اوهن من بيت العنكبوت” هذه القولة هي التي ستقضي على الكيان الصهيوني؛ وعندما قالها كان الكثير من العرب يشعرون وكان الكيان الصهيوني قوة لا يمكن ردعها وانها ثابتة على هذه الأرض وانها ستستاصلهم، ولذلك كانوا يجنحون للسلم لها وكانوا يذلون انفسهم لها ويخضعون ويتوددون، لكن جاء سماحة السيد ليذكر بانها اوهن من بيت العنكبوت، وحفر لها قبرها والى الان يُحفر لها قبرها.
“اسرائيل” الان هي ضعيفة مهما حاولت ان تظهر بمظهر القوة، وان ما تقوم به من جرائم لن يزيدها الا ضعفا، ولن يزيدها الا هوانا، وكل ما كسبته في تاريخها من محاسن على حد زعمها في العالم، فهي الان تفقده.
لقد عادت القضية الفلسطينية من جديد بسبب هذا الرجل المبارك، وبسبب اخوانه من المؤمنين الصادقين، ولذلك عندما نعزي انفسنا ونعزي الاحرار باستشهاده، نشعر بهذه المعاني ونعلم ان الله تعالى اختاره في الوقت المناسب لينال ما تمناه.
السيد حسن (رض) منذ شبابه الباكر، كان يتمنى ان يكون شهيدا، وهناك تسجيل في اليوتيوب عندما التقى به بعض الصحفيين وسأله “ما هي اعظم امنية لك؟”، فقال، “ان اُقتل في سبيل الله”.
ولذلك فإن ما حصل للسيد حسن نصر الله (رض) او استشهاده، لن يؤثر ابدا، لا في قوة المقاومة ولا في صلابتها ولا في ثباتها، ولن يمنح الكيان الصهيوني اي قوة جديدة بل سيزيده ضعفا جديدا والله تعالى ينتقم لاوليائه كما انتقم للامام الحسين (ع) والامام زيد الشهيد بسقوط الدولة الاموية التي تكبرت وتغطرست، وهكذا سينتقم الله تعالى لهذا الدم المبارك وسيضعف هذا المحور الشر محور الشيطان الأكبر.
وقد راينا حقدهم، هؤلاء لن يكتفوا فقط بارسال عشرات الاطنان (اكثر من 80 طنا) من المتفجرات، مما يشكل دليلا على مشاركة امريكا في جرائم الكيان الصهيوني؛ وطبعا كل هذه الامور سيذكرها التاريخ، وستعلم الاجيال من هو الرجل الذي اشتبع العالم، وطبعا عندما استهدفوه (الشهيد نصر الله) كانوا قد خططوا لذلك منذ سنوات طويلة، واستعملوا كل ادوات التجسس وكل تقنياتهن ولكن الله تعالى سيرد كيدهم في نحورهم.
وسماحة السيد، القائد الكبير، الملهم الرشيد الذي وصفه السيد القائد ولي امر المسلمين السيد علي الخامنئي (ادام الله ظله وحفظه) بتلك الاوصاف الجبيلة، وكما يقال “الفاضل لا يشهد له الا فاضل”؛ فتلك الشهادة الكبيرة العظيمة وخطبة الجمعة التي خطبها السيد القائد، وتلك الصليات التي رجم بها الكيان الصهيوني ولاول مرة في التاريخ من الجمهورية الاسلامية الايرانية، طبعا هذا كله دليل على ان سماحة السيد حسن نصر الله لا يزال حيا ولن يستطيعوا قتله، بل ان استهدافهم لهم لم يزده الا حياة ولم يزده الا قوة، وان شاء الله دماءه المباركة ستجرفهم وستكون طوفانا جديدا يجرف الكيان الصهيوني.
وقد راينا كذلك المتخاذلين، وراينا المنافقين كيف يشككون حتى في شهادته بدلا من ان يقول واهذا الرجل العظيم الذي حرر بلاده وحرر لبنان، والذي قضى على اسطورة الكيان الصهيوني واستطاع ان يحرر جنوب لبنان من غير قيد ولا شرط، ومن غير أي اتفاقيات وهي الحالة الوحيدة الاولى التي حُررت فيها ارض من غير اي اتفاقية سلام؛ فبدل ان يقولوا هذا الكلام، صاروا يشمتون وصاروا يسخرون، مثل ما سخر اجدادهم وسلفهم من المنافقين من المؤمنين.
ولذلك فإن دماء سماحة السيد حسن نصر الله، لن تجرف فقط للكيان الصهيوني، ولن تجرف فقط المشروع الامريكي في المنطقة، بل ستجرف كذلك هؤلاء المتخاذلين، كما جرفتهم من قبل.
لقد كان سماحة السيد وحزبه الشريف من ابرز من دافع عن سوريا، والتي كان يريد العدو وأمريكا وغيرها، ان يحولوها ظلعا من اظلاع المسدس الصهيوني، كانوا يريدون ان يحولوها الى المحور الذي ذكره نتنياهو في هيئه الامم المتحدة، “محور الاعتدال” كما يسميه، وهو في الحقيقة محور الخضوع ومحور الذلة.
ولذلك، فإن سماحة السيد هو حي عند ربه يرزق، دائما ننظر ونتامل هذه المعاني، ونعلم بان الله تعالى سيجيب وسينجز وعده، كان السيد يقول دائما “لقد ولّى زمن الهزائم”؛ هذه الكلمة ستبقى وستحيى وستمدد الى ان يجرف كل الكيان الصهيوني وكل أعداء الامة سواء كانوا من المستكبرين او كانوا من المنافقين، والحمد لله رب العالمين وشكرا جزيلا.