Search
Close this search box.

دعاء أهل الثغور: مدد المجاهدين

دعاء أهل الثغور: مدد المجاهدين

الشيخ عبد القادر قطيش

من المعروف أهميّة الدعاء في حياة الإنسان، فهو طلب المدد والعون من الله تعالى، الذي تكفَّل بالإجابة.
قال تعالى: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ (غافر: 60).

والمؤمن ينطلق في حياته من خلال تسديد الله تعالى له وتوفيقه. وإذا كان الهدف سامياً كالجهاد في سبيل الله تعالى كانت الإجابة أقرب؛ لأنّ الأمور بأهدافها، ومن كان مع الله كان الله معه.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله: «دعوة الإسلام الناس إلى الجهاد، تعني أنْ وظِّفوا كافّة قابليّاتكم في سبيل الجهاد، وإذا فعلنا ذلك فإنّنا سنبلغ الهدف الإلهيّ بسرعة»(1).

* الدعاء للمرابط
دعاء «أهل الثغور»، هو الدعاء السابع والعشرون من أدعية الصحيفة السجّاديّة، مرويّ عن الإمام السجّاد عليه السلام. كان يدعو فيه لمن يحافظ على الدولة الإسلاميّة من هجوم المعتدين، ممّن يرابط في الثغور التي تقع في أطراف البلاد الإسلاميّة. وقد زخر هذا الدعاء بالكثير من المضامين العالية التي تؤثّر في حركة المجاهد المرابط وتساعده على استجلاب النصر.

* الدعاء للمجاهدين
يقول الإمام السجّاد عليه السلام في دعاء أهل الثغور:
«اللهمّ! وأيّما مسلمٍ خلّف غازياً أو مرابطاً في داره، أو تعهّد خالفيه في غيبته، أو أعانه بطائفةٍ من ماله، أو أمدّه بعتاد، أو شحذه على جهاد، أو اتّبعه في وجهه دعوة…».

بملاحظة ما قاله الإمام عليه السلام نجد أنّ الدعاء من جملة مسؤوليّات الأمّة تجاه المجاهدين، وهو من المدد المعنويّ للمجاهد، وبذلك تكون الأمّة حاضرة في ميدان الجهاد كما المجاهد، وتلك ثقافة الدعاء والمؤازرة. ومن الجدير الوقوف مع الذين هجروا الديار ووقفوا في وجه الأعداء ولو بالدعاء. ومن جملة الكلمات المؤثّرة في وصف المجاهدين المرابطين، ما قاله الإمام القائد الخامنئي دام ظله: «إنّ شبابنا الأعزّاء يعبرون هذا الميدان بحماس وعشق ومحبّة وبوعي وبصيرة، ويحوزون بذلك على الفخر في الدنيا، والأجر في الآخرة وعند الله تعالى»(2).

فإذا كانت هذه صفات المجاهد الذي نال أعلى أوسمة الفخر، كان الوقوف معه ومؤازرته فخراً أيضاً، وفيه من الأجر الكثير، وقد قال الإمام السجّاد عليه السلام في دعائه: «فأجرِ له مثل أجره وزناً بوزنٍ ومثلاً بمثلٍ».

* من يهمّه أمر الإسلام
المسلم يحافظ على سيرته في حياته من خلال محافظته على معتقداته وما يؤمن به، وكذلك من خلال جهاده والسير فيه.

وقد قال الإمام السجّاد عليه السلام: «اللهمّ! وأيّما مسلمٍ أهمّه أمر الإسلام، وأحزنه تحزّب أهل الشرك عليهم فنوى غزواً، أو همّ بجهاد فقعد به ضعف، أو أبطأت به فاقة أو أخّره عنه حادث، أو عرض له دون إرادته مانع، فاكتب اسمه في العابدين…».

إنّ العبارة الأولى في الفقرة المذكورة، تستوجب الوقوف عندها، والتفكّر فيها، فإذا كان الإنسان مسلماً حقيقة، ويعيش الإسلام واقعاً، يجد أنّ أمر الإسلام أساسٌ في حياته، يضيره ما يضيره، ويسعده ما به يستمرّ أمر الإسلام، ويحصل بذلك على صفات المجاهدين، وإنْ لم يخرج لمانع. وقد ذكر الإمام عليه السلام ما هي جائزة من يهتمّ لأمر الإسلام، ومنها:
1- يُكتب اسمه في العابدين.

2- ينال ثواب المجاهدين.

3- يُكتب اسمه في سجلّ الشهداء والصالحين.

* في ساحة الله تعالى
استعرض الدعاء بعض الصفات التي يتحلّى بها المجاهد في الميدان تجعله مجاهداً ربّانيّاً وبعين الله تعالى، ومنها:
1- مؤيّدٌ بنصر الله.
2- حَسن النيّة.
3- معافى في طاعة الله.
4- شجاع.
5- جريء.
6- غير مراءٍ.
7- لا يرى في جهاده غير الله تعالى.
8- يرى الأعداء قليلين في عينه.
9- خاتمته سعيدة.

إلى غير ذلك ممّا نجده في فقرات الدعاء من صفات دقيقة المعاني، عالية المضامين حلوة المذاق وكلّها بعين الله تعالى، وما أجمل عبارة الإمام عليّ عليه السلام في وصيّته لمحمّد ابن الحنفيّة: «أعر الله جمجمتك، تِدْ في الأرض قدمك»(3).

المجاهد ثابت في الميدان لا تهزّه الرياح، وعقله ووجوده مع الله والنصر حليفه بإذن الله، والملائكة أعوانه.

في الختام، كان هذا غيضاً من فيض دعاء أهل الثغور، لتتّحد قلوب القاعدين مع إرادة المجاهدين المرابطين، فيضيفون إلى عزمهم عزماً، وإلى يدهم إيماناً ومدداً، فتكون يد الله هي العليا.

(1) الكلمات القصار، الإمام الخامنئي دام ظله، ص122.
(2) خطاب الوليّ 2012، ص379.
(3) نهج البلاغة، خطب الإمام عليّ عليه السلام، ج1، ص43.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل