الحسد، هذه الآفة التي تنخر في قلب الإنسان وتُفسد علاقته بالله وبالناس، هي إحدى المساوئ الأخلاقية التي حذر منها الدين الإسلامي في مواضع عدّة في القرآن الكريم، فقد وردت إشارة مباشرة إلى الحسد في قوله تعالى: ﴿ومِنْ شَرِّ حاسِدٍ إذا حَسَدَ﴾، لتحذر المؤمنين من شرور هذه الصفة وآثارها المدمرة.
وقد خاطب الله تعالى نبيّه موسى (عليه السلام) قائلاً: «يا ابن عمران، لا تحسدن الناس على ما آتيتُهم من فضلي»، معرفاً الحاسد بأنّه: «ساخط لنعمتي، صادٌّ لقسمي الذي قسمته بين عبادي»، وحكم عليه بحكم قاطع: «لست منه وليس مني» (الكافي: 2/307)، معلناً براءته منه إلى يوم الدين.
وقد أكّد الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله) خطورة الحسد بقوله: «إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب» (بحار الأنوار: 70/255)، ومن بلاغة الإمام علي (عليه السلام) قوله: «لله درُّ الحسد ما أعدلَه، بدأ بصاحبه فقتله» (إرشاد القلوب: 1/129).
وشخّص الإمامُ الحسن (عليه السلام) الحسد بوضعه في قائمة المهلكات الثلاث للإنسان، مع الكِبر الذي لُعن إبليس بسببه، والحرص الذي أخرج آدم من الجنة.
وما أبلغ هذا القول في علامات الحاسد: «يتملّق إذا شهد، يغتاب إذا غاب، ويشمت بالمصيبة».
والحسد ليس سوى تفكير مؤلم بمزايا الآخرين، يحصد صاحبه الغمّ والسخط الإلهي، ويُغلَق عنه باب التوفيق.. والحلُّ الوحيد يكمن في اللجوء إلى الله تعالى بالتوبة والرضا بقسمته، ففي ذلك شفاء القلوب وسلامة النفوس.