إن إصلاح النفس يعني تهذيبها من العيوب الأخلاقية، وتنمية فضائلها، ومحاسبتها بشكل دائم لتكون أكثر انسجاماً مع القيَم الأخلاقية السامية، وأكثر قُرباً من الله تعالى الذي هو مبدأ ومَعدِن الفضائل والكمال.
ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “مَنْ لَمْ يُصْلِحْ نَفْسَهُ لَمْ يُصْلِحْ غَيرَهُ”.
معادلة تربط بين إصلاح الفرد وإصلاح المجتمع، إذا صلح الأفراد صلح المجتمع، والعكس صحيح، من هذَّب نفسه وأصلحها أمكنه من دون شك أن يُصلِح نفوس الآخرين ويهذِّبها، لأنه يُقرن فعله بقوله، فيصبح قدوة للآخَرين، تؤثِّر فيهم من دون قول، أما الذي لا يستطيع تهذيب نفسه وقيادتها على طريق الحق والهدى والفضيلة لا يمكنه أن ينجح في إصلاح الآخرين أو إرشادهم.
إن إصلاح النفس يعني تهذيبها من العيوب الأخلاقية، وتنمية فضائلها، ومحاسبتها بشكل دائم لتكون أكثر انسجاماً مع القيَم الأخلاقية السامية، وأكثر قُرباً من الله تعالى الذي هو مبدأ ومَعدِن الفضائل والكمال.
لقد ركَّب الله في النفس البشرية ما يلهمها التقوى (الفضائل)، وما يلهمها الفجور مثل الغرائز والشهوات (الرذائل) وزوّدها بالعقل الذي يميز بين الإثنين، وبين الخير والشر، والحق والباطل، وحَثَّ الإنسان على تهذيب نفسه بواسطة العقل والمعرفة والرياضة الروحية، فمن البشر من ينجح في ذلك –والنجاح متاح لهم فرداً فرداً- وبعضهم من يُخفِق لأسباب تتصل بإرادته، ومعرفته، وبيئته التي يعيش في كنفها، وتربيته التي يتلقاها، فينحرف بفعل الغرائز والشهوات، من هنا تأتي أهمية العمل على إصلاح النفس أولاً، قبل محاولة التأثير على الآخرين.
وإنما يجب البَدء بالنفس قبل الآخرين لأن الإصلاح الحقيقي يبدأ من داخل الإنسان وبإرادته واختياره، فالنفس هي محور التغيير، إذا أصلح الإنسان نفسه سيمنحه ذلك مصداقية كبيرة لدى الآخرين، وسيكون أكثر تأثيراً فيهم.
إنه لمن غير المنطقي أن يُصلح الشخصُ الآخرين وهو فاسد مليء بالعيوب، يقول الإمام أمير المؤمنين (ع) في هذا المجال: “مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ إِمَاماً ْ فَلْيَبْدَأْ بِتَعْلِيمِ نَفْسِهِ قَبْلَ تَعْلِيمِ غَيْرِهِ، وَلْيَكُنْ تَأْدِيبُهُ بِسِيرَتِهِ قَبْلَ تَأْدِيبِهِ بِلِسَانِهِ، وَمُعَلِّمُ نَفْسِهِ وَمُؤَدِّبُهَا أَحَقُّ بِالْإِجْلاَلِ مِنْ مُعَلِّمِ النَّاسِ وَمُؤَدِّبِهِمْ”.
إن الذي يعجز عن إصلاح نفسه هو بلا شك أعجز عن إصلاح غيره، إذ يراه الآخرون متناقضاً، بل قد يرونه منافقاً، فضلا عن معاناته من الصراع الداخلي الذي قد يؤدي به إلى مقت نفسه أمام نفسه، وظهوره عاجزاً أمامها.
خلاصة الكلام: إن قول الإمام أمير المؤمنين (ع): “مَنْ لَمْ يُصْلِحْ نَفْسَهُ لَمْ يُصْلِحْ غَيرَهُ” دعوة صريحة لكل إنسان للبدء بإصلاح ذاته أولاً، فعندما يُصلح الفرد نفسه، يمكنه أن ينطلق إلى سواه لإصلاحه، وعلينا جميعاً أن نتبنى هذه الحكمة ونجعلها منهجاً لحياتنا.
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي