رسالة الحقوق للإمام السجاد (ع) نموذج للعدالة

رسالة الحقوق للإمام السجاد (ع) نموذج للعدالة

صرّح سماحة آية الله نوري همداني قائلاً: “إن من الشواهد التاريخية البارزة على سيرة الإمام السجاد (عليه السلام) هو ثباته وعدم مساومته أمام الحكام الظالمين. كما أن خطبه المعروفة في الكوفة والشام تُعتبر دليلاً واضحًا على ذلك.”

وفقاً لما نقلته وكالة الحوزة، فقد قال سماحة آية الله حسين نوري همداني في رسالته إلى المؤتمر الدولي للإمام السجاد (عليه السلام): رغم أنّ بعض الأصدقاء غير الواعين، إلى جانب الأعداء المتآمرين، سعوا إلى تحريف صورة الإمام السجاد (عليه السلام) و تصويره كشخص دائم المرض و بعيد عن القضايا السياسية، إلا أنّ التاريخ يشهد بوضوح على أنّ أحد أبرز ملامح حياته كان عدم المساومة أمام الحكّام الظالمين، و خطبه في الكوفة و الشام تُعدّ برهاناً واضحاً على هذا الموقف الصلب.

و فيما يلي نص هذه الرسالة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، و على أهل بيته الطيبين الطاهرين، لا سيما بقية الله في الأرضين.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، و أهنئكم بمناسبة الأعياد الشعبانية و أبارك انعقاد هذا المؤتمر المبارك.

إنّ من أهم الفترات التاريخية في حياة الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) تلك التي واجه فيها التحديات العصيبة التي فرضها الحكام الظالمون.

و رغم أن بعض الأصدقاء غير الواعين و الأعداء المدركين حاولوا تحريف شخصية الإمام السجاد (عليه السلام) و تصويره على أنه شخص مريض دائماً و منعزل عن القضايا السياسية، إلا أنّ التاريخ يشهد بأنّ أحد أبرز مواقفه كان عدم المساومة مع الحكام الجائرين، و خطبه الشهيرة في الكوفة و الشام دليل واضح على ذلك.

لقد سعى الإمام السجاد (عليه السلام) إلى فضح ظلم و جور الحكم الأموي، و الأهم من ذلك أنه عرّف الناس بأهل بيت النبوة (عليهم السلام) بصفتهم القادة الحقيقيين للأمة، مما أدى إلى يقظة الناس في الكوفة و الشام. و على الرغم من أنّه عاش في أصعب الظروف الزمنية و تحت أشد الضغوط من قبل الحكام الظالمين، إلا أنه كان نموذجاً فريداً في نشر الإيمان و إحياء الإسلام المحمدي الأصيل و سيرة جده العظيم، رغم الرقابة المشددة التي فرضتها السلطات الأموية على تحركاته و منعها لأي إصلاح.

لقد وصف العديد من العلماء و المحققين المسلمين عصر الإمام السجاد (عليه السلام) بأنه من أحلك العصور سياسياً و ثقافياً، حيث تراجعت القيم الإسلامية إلى أدنى مستوياتها، و لم يبق من الإسلام سوى اسمه، الذي استُخدم لتحقيق مكاسب سياسية و مادية، في وقت لم يكن الناس مهتمين بمعرفة تعاليم الإسلام الحقيقية.

و قد وصف الإمام السجاد (عليه السلام) وضعه قائلاً:

إنّ زماننا يشبه زمان بني إسرائيل في عهد فرعون، حيث كان يقتل أبناءهم و يستحيي نساءهم. و اليوم، حالنا قد ضاق علينا إلى حدّ أن الناس يتقربون إلى أعدائنا بسبّنا على المنابر.

لقد سعى الإمام السجاد (عليه السلام) إلى فصل الإسلام عن الانحراف، و استخدم الدعاء – الذي كان يُنظر إليه آنذاك فقط كوسيلة للتقرب إلى الله – كأداة لمواجهة الانحرافات و البدع التي رسّخها الحكم الأموي، و أودع في أدعيته معارف عظيمة وصلت إلى محبي الحقيقة عبر “الصحيفة السجادية”، التي بقيت خالدة حتى يومنا هذا.

و رغم أنّ العدل و المساواة من الأركان الأساسية للإسلام، إلا أن العصر الأموي شهد ظلماً و تمييزاً شديداً فُرض على المجتمع الإسلامي. و من هنا، تُعدّ “رسالة الحقوق” للإمام السجاد (عليه السلام) نموذجاً مهماً لإحياء القيم الإسلامية، و تجسيداً لمبدأ العدالة، و حرصاً على المساواة، و تحذيراً للناس من التعدي على حقوق الآخرين.

و في هذه الرسالة، يُلزم الإمام السجاد (عليه السلام) الحاكم بالعدل، و يعتبره مسؤولاً عن التصرف كأب رحيم يسعى إلى تحقيق الخير العام لجميع الناس، بحيث يكون نظام الحكم قائماً على رعاية حقوق الجميع و ليس محاباة لفئة معينة. و يجب أن يكون الحاكم نصيراً لكل المواطنين، لا وصياً عليهم، و أن يعمل بإنصاف لمنع الظلم و التفرقة و إهدار حقوق المحرومين.

و في الختام، أود أن أشكر جميع القائمين على هذا المؤتمر، و خاصة ممثل الولي الفقيه في محافظة هرمزغان، الذي سعى بكل جهده خلال هذه السنوات لإحياء هذا الموضوع. و أسأل الله تعالى التوفيق للجميع.

و السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

حسين نوري همداني

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل