يشير ضيق الخلق إلى سرعة الغضب، والتذمر، والعجز عن تحمل الآخرين، وقلة الصبر، وهو عكس الحلم وسعة الصدر. غالباً ما يكون الشخص ضيق الخلق متوتراً، متشائماً، ومكتئباً، لأنه يضع نفسه في صراعات مستمرة مع من حوله، ويتبنى نظرة سلبية تجاه الحياة.
ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “مَنْ ضاقَ خُلْقهُ مَلَّهُ أَهْلُهُ”.
حتمية تقوم على الترابط بين ضيق خُلُق الشخص وبين مَلَل الآخرين منه، زوجه، أفراد أسرته، عائلته الكبيرة، إخوانه، مجالسوه، العاملون معه.
مِمّا لا شكَّ فيه أن أخلاق الإنسان تقوم بدور أساس ومحوري في تكوين علاقاته الاجتماعية
فالناس يتعاملون بأخلاقهم لا بأجسامهم، الأجسام هياكل وأدوات وآلات للذات
أما الأخلاق فقيم وفضائل أو رذائل وهويَّة حقيقية للإنسان تعبر عن مكنونه وطبعه الحقيقي، وبها يمتاز عن سواه، فإما أن يكون جذَّاباً محبوباً
أو يكون طارداً منفِّراً، فأخلاق الإنسان تؤثِّر تأثيراً حاسما في استقرار علاقات الإنسان مع محيطه الأسري والعائلي والاجتماعي، وهذا ما أشار إليه الإمام أمير المؤمنين (ع) بعبارته الكريمة شديدة الإيجاز: “مَنْ ضاقَ خُلْقهُ مَلَّهُ أَهْلُهُ”
وإنما ذكر مَلَل أهله منه باعتبارهم أقرب الناس إليه، وأكثرهم معاشرة له.
إن ضيق الخلق يشير إلى سُرعة الغضب، والتذَمُّر، والعجز عن تحمُّل الآخرين، وقلَّة الصبر،
وهو نقيض الحلم وسعة الصدر، وغالباً ما يكون الشخص ضيق الخلق متوتراً، متشائماً، مكتئباً، لأنه يضع نفسه في صراعات دائمة مع من حوله، ويتبنى نظرة سلبية تجاه الحياة
مما يزيد من إحباطه ويؤثر على حالته العاطفية، ويميل إلى العزلة، ويصبح عاجزاً عن التعامل بهدوء مع المشاكل اليومية.
والمَلَل في هذا السِّياق يشير إلى النفور والاستياء، فالشخص الذي يضيق خلقه يصير أكثر ميلاً للنزاع
فيصبح مصدر إزعاج لأهله وأسرته، لكثرة مشاحاناتهم المستمرة معه، فتتدهور علاقاته معهم
مِمّا يؤدي إلى تناقص مشاعر الود بينهم، وبالتالي النفور والجفاء والتباعد العاطفي
فيصبح الشخص غير مرغوب في وجوده بين الناس بسبب أسلوبه المُنَفِّر.
وكما تلاحظ قارئي الكريم فإن جوهرة الإمام (ع)
تتسم بطابع حتمي لأن سوء الخُلُق يولّد ردَّة فعل طبيعية عند الآخرين
حيث يؤدي الاستمرار في المعاملة السيئة إلى فقدان المودة
والارتباط العاطفي، وعليه، فإن العلاقة بين السبب (ضيق الخلق)
والنتيجة (مَلَل الأهل) ليست احتمالية، بل حتمية مؤكدة ما لم يتغيَّر الشخص ويُصلح نفسه وسلوكه.
وقد يسأل قارئي الكريم عن الأسباب التي تجعل الإنسان ضيِّق الخُلُق؟
والجواب: إن أسباب ذلك عديدة: أهمها الضغوط، الحياتية مثل المشاكل المالية أو ضغوط العمل
وقد يكون سبب ذلك معاناة الشخص من اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب
وضعف قدرته على ضبط نفسه، وقِلَّة تمَرُّس على الحلم والصبر
ناهيك عن تأثُّر بالبيئة المحيطة به، حيث يتعلم العصبية وسرعة الغضب من المحيطين به.
والطريق إلى علاج ذلك أن يروِّض نفسه ويهذِّبها باستمرار
وأن يتدرَّب على ضبطها من خلال التدبُّر في أفعاله ومواقفه وانفعالاته، ويعمل على تعزيز مهارات التواصل بينه وبين الآخرين
فيتواصل معهم بإيجابية، ويتحدث إليهم بلطف ولين، ويعزز سَعَة صدره، وتسامحه، وإغضائه عن الهَفَوات، والمرور الكريم حين يواجه مواقف مُزعجة، وتبني أسلوب حياة مَرِنٍ، ويعمل على الاقتداء بسيرة النبي (ص) وأهل بيته (ع): حيث كانوا مثالًا في الحلم والصبر وحسن المعاملة.
بقلم الباحث والكاتب اللبناني في الدراسات الدينية السيد بلال وهبي