الحياة قائمة على المصاعب والمتاعب

الحياة قائمة على المصاعب والمتاعب

إن النجاح في الحياة لا يأتي بسهولة ويُسر، فالحياة قائمة على المصاعب والمتاعب، والكدح والجهد، وفيها يواجه المرء خصوماً وأعداءً، فلا يمكنه النجاح فيها إلا إذا صبر وتحمَّل وتقبَّل الأثمان العالية، والتضحيات الجسيمة، وصبر على المشاق والصعوبات والمرارات.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “مَنْ لَمْ يَحْتَمِلْ مَرارَةَ الدَّواءِ دامَ أَلَمُهُ”.
من يرد دفع الألم عن نفسه عليه أن يتناول الدواء مهما كان مُراً، هذه هي المعادلة، فلا علاج من دون آلام، ولا شفاء من دون احتمال مرارة الدواء.
هذه المعادلة لا تقتصر على صعيد الطبابة والعلاج للأبدان، بل تتسع لتعكس مبدأً مهما من مبادئ الحياة الإنسانية، وهو أن رفض الإنسان تحمّل المرارات والأثمان والصبر على العقبات والصعوبات اللازمة للنجاح والتغيير، يؤدي إلى استمرار الألم والمعاناة، ويبقى حيث هو لا يتقدَّم خطوة إلى الإمام، بل يتراجع ويتقهقر وينتهي به الحال إلى الفشل الذريع.
إن مرارة الدواء، ترمز إلى الصعوبات والمتاعب والمشقات التي يتطلبها تغيير الواقع وتحقيق الآمال والطموحات، كما ترمز إلى الإجراءات الصعبة والقرارات الجريئة التي قد تكون غير مريحة على المدى القصير، لكنها ضرورية لتحقيق الأهداف وبلوغ الغايات، ودوام الألم يرمز إلى المعاناة المستمرة الدائمة إذا لم يتحمَّل المَرءُ الصعوبات وفضَّل الراحة والسلامة.
وإذا: فالإمام أمير المؤمنين (ع) يعتمد لبيان هذه المعادلة على استعارة بلاغية مهمة، فالدواء رغم مرارته هو السبيل للشفاء من المرض، كذلك فإن التحمُّل والصبر على المواقف الصعبة أو القرارات والخيارات المُكلفة التي قد تبدو للوهلة الأولى كبيرة وعظيمة الكُلفَة تُعَدُّ السبيل الأمثل لتغيير الواقع وصناعة واقع جديد مختلف، فكما أن الدواء يُزعِج مؤقتاً لكنه السبيل الأوحد للشفاء، كذلك الشأن في الصعوبات والمشاكل، فإن تحمّلها والصبر عليها هو السبيل الوحيد للفوز والانتصار.
الفوائد التي نستنبطها من هذه المعادلة كثيرة، أهمها:

أولاً: ضرورة تحمُّل الآلام والمصاعب والتضحيات، والصبر على المحن والمصائب والخسارات من أجل تحقيق الأهداف القريبة والبعيدة.
ثانياً: إن الآلام والمعاناة جزء لا يتجزأ من أي مسار يسلكه الإنسان إلى تحقيق أهدافه، فلا شيء في الحياة يمكن الحصول عليه دون متاعب ومصاعب ومشقات، هذه حقيقة مشهودة، الواهم وحده هو الذي يتوهم أن حصول المَرء على ما يريد في الحياة يأتي بسهولة ويُسر.
إن ذلك يعني أن نتوقع تحديات الحياة وأن نتقبلها، ونجعل من مواجهتها فرصة نحو التغيير، وخطوة على طريق تحقيق الأهداف، ويعني أيضاً أن نتمتع بقدرة فائقة على الصبر والتحُّمل، وأن نكون أهل عزم ويقين وإرادة قوية في مواجهة تحديات الحياة، ومصاعب الصراع مع الأعداء وأدواتهم، فنثبت رغم ما ندفعه من أثمان، ونصمد رغم ما نواجهه من اعتراضات أو تكذيب واتهامات.
ويعني أن نستفيد من تجاربنا وتجارب الأفراد والقادة والجماعات والدول، ونلاحظ كيف صمدوا، وكيف صبروا، وكيف تعاملوا مع كل لاقَوه من مصاعب ومتاعب.
ويعني أن نقوم بفرز أهدافنا بين المهمة والأهم، ثم نختار الأهم منها دنيوياً وأخروياً، ثم نضع خطة محكمة لتنفيذ ذلك، ونضع لكل مرحلة خططاً تتلاءم مع ظروفها وطبيعتها.
خلاصة القول: إن النجاح في الحياة لا يأتي بسهولة ويُسر، فالحياة قائمة على المصاعب والمتاعب، والكدح والجهد، وفيها يواجه المرء خصوماً وأعداءً، فلا يمكنه النجاح فيها إلا إذا صبر وتحمَّل وتقبَّل الأثمان العالية، والتضحيات الجسيمة، وصبر على المشاق والصعوبات والمرارات.

بقلم الباحث اللبناني في الدراسات الدينية السيد بلال وهبي

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل