Search
Close this search box.

ما هي الأهداف الإسلامية لبناء الأسرة؟

ما هي الأهداف الإسلامية لبناء الأسرة؟

إذا عدنا إلى الروايات الشريفة نجد عن رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله وسلم): “إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق اللَّه في النصف الباقي”([1]).

وفي رواية أخرى عنها تظهر فائدة أكبر للشباب: “ما من شاب تزوج في حداثة سنّه إلا عجّ شيطانه: يا ويلاه يا ويلاه عصم مني ثلثي دينه، فليتقِ اللَّه العبدُ في الثلث الباقي”([2]).

يمكن أن نقول: هذا نوع من التشجيع على الزواج، ولكنه ليس كذلك، بل هو وصف للواقع. إن مقومات الزواج الذاتية قبل أن ندخل إلى تفاصيلها، تحقق نصف الدين، لأنها تشكل حماية حقيقية من مجموعةٍ من العقد والمشاكل والعقبات بمجرد حصول الزواج بين الشخصين، فالزواج في الحقيقة يحقق مجموعة من الأهداف الشرعية.

فما هي الأهداف التي يريد الشارع المقدس تحقيقها من خلال الزواج، وبناء الأسرة؟ وكيف صار نصف الدين أو ثلثيه؟ هناك عدد من الآيات القرآنية الكريمة تشير إلى هذه الأهداف:

الآية الأولى:
يقول تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾([3]). يذكر تعالى سبب ومبرر الزواج في عبارة ﴿لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾. وهذه العبارة تعني الاستقرار والاطمئنان والراحة، فالزواج يؤدي إلى الاستقرار، وهذا الاستقرار شامل ومتنوع:

1-  على المستوى النفسي: حيث يصبح الإنسان مرتاحاً يعيش حالة حب وانسجام في كل العناوين التي لها علاقة بالعامل النفسي، بشكل ينعكس على حياته كلها، وفي الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ” زَوِّجُوا أياماكُم ([4])،فَإنَّ اللَّهَ يُحسِنُ لَهُم في أخلاقِهِم، ويُوَسِّعُ لَهُم في أرزاقِهِم، ويَزِيدُهُم في مُرُوّاتِهِم “([5]).

2- على المستوى الجسدي: هناك متطلبات للجسد عند الرجل وعند المرأة لا يمكن معالجتها إلا بالزواج، الذي يؤدي إلى استقرار الجسد ويلبي متطلباته.

3- على المستوى الاجتماعي: هو سكن اجتماعي، لأن الإطلالة من خلال علاقات الزواج مع الآخرين تمكّن من أن يبني الإنسان أسرة ويتفاعل مع الآخرين.

4- على المستوى المادي: فهو أيضاً سكن مادي فيه تنظيم الأداء اليومي لحياة الأسرة.

5- على المستوى الإداري: هو سكن إداري فيه تنسيق للأدوار بين الزوجين.

فكل أنواع الاستقرار موجودة في الزواج، سكن نفسي وجسدي واجتماعي ومادي وإداري، لأن الزواج لم يشرَّع ليعالج زاوية واحدة فقط.

وقد وقع الكثيرون في الخطأ عندما نظروا الى الزواج كمعالج لزاوية واحدة. فعندما ينظر الإنسان إلى الزواج بجزء منه دون الأجزاء الأخرى يعطِّل السكن، لأن السكن أشبه بأعمدة لا يمكن أن يستقر البناء بدون أحدها أو بعضها.

لذلك عندما يقع خللٌ ما في الحياة الزوجية فقد يكون من البداية بسبب طريقة التفكير. فإذا سُئلَ الرجل لماذا تزوجت؟ يقول لأنني أريد من يخدمني، يعني أنه أخذ جانباً من هذا الزواج. وإذا سُئلت المرأة لماذا تزوجت؟ تقول: أنا تزوجت لأني لم أعد أحتمل البقاء عند أهلي. إذاً كل واحد منهما أخذ جانباً ولم يلتفت للجوانب الأخرى، لذلك يمكن أن تتعرض مؤسسة الزواج بينهما إلى مشاكل، ويقول كل واحد منهما أنا لا أشعر بسكن في الزواج، نعم لأنهما لم يُكملا مقومات السكن، فمقومات السكن مشتركة ومتعددة وبالتالي لا بد من العمل معاً لهذا التعدد من أجل تحقيق السكن فيما بينهما.

* كتاب الزواج الناجح، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


([1]) ميزان الحكمة، حديث7807.
([2]) بحار الأنوار، ج100، ص221.
([3]) سورة الروم:21.
([4]) الأيم، الأيامى: الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء.
([5]) ميزان الحكمة، ج2، ص1179.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل