إن الذي يغضب لله ولعباده وكرامتهم وحقوقهم، وينهض للقيام بما يمليه عليه ضميره الأخلاقي والديني والإنسان، يؤيِّده الله، ويهيئ له ما يعجز عنه من أسباب، ويحيطه بعنايته، ويمده بمدد غيبي، ويعطيه من القوة والقدرة ما لم يكن في حسبانه، ولا بد وأن ينتصر في نهاية المطاف.
الغضب لله ولدينه وللمظلومين، هو سُنّة الأنبياء، وسيرة الأوصياء، وواجب المؤمن الغيور، ألم يغضب النبي (ص) حين رأى الأصنام تُعبَد من دون الله، وقيم الجاهلة الأولى تسود بدل قيم السماء، وحين رأى المولودة توأد، والعصبية القبلية تتحكَّم في العقول، والقبيلة تغزو القبيلة، والمَظلوم لا يُنصَر، والحُرُماتُ تُنتَهك، والزنا يفشو، والرِّبا يُتَعامَل معه تعامل البيع والشراء؟ بل كما رُوِيَ عن الإمام أمير المؤمنين (ع) يصف رسول الله (ص) فيقول: “كانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لا يَغضَبُ للدنيا، فإذا أغضَبَهُ الحقُّ لَم يَعرِفْهُ أحَدٌ ولم يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيءٌ حتّى يَنتَصِرَ لَهُ”.