رغم أن الإمام الخميني (قدس سره) كان قد شارف على التسعين من عمره الشريف، إلاّ أنه لم يتوان لحظة عن السعي على طريق رقي المجتمع الإسلامي؛ وكان يعتبر أحد أكثر الزعماء السياسيين نشاطاً في العالم. فإضافة إلى اطّلاعه اليومي على أهم أخبار وتقارير الصحافة الرسمية، وقراءة عشرات الملفّات الخبرية الخاصة، والاستماع إلى أخبار الراديو والتلفزيون الايراني، كان يحرص على الاستماع للإذاعات الأجنبية أيضاً.
رغم أن الإمام الخميني (قدس سره) كان قد شارف على التسعين من عمره الشريف، إلاّ أنه لم يتوان لحظة عن السعي على طريق رقي المجتمع الإسلامي؛ وكان يعتبر أحد أكثر الزعماء السياسيين نشاطاً في العالم. فإضافة إلى اطّلاعه اليومي على أهم أخبار وتقارير الصحافة الرسمية، وقراءة عشرات الملفّات الخبرية الخاصة، والاستماع إلى أخبار الراديو والتلفزيون الايراني، كان يحرص على الاستماع للإذاعات الأجنبية أيضاً.
كان سماحة الإمام يؤمن بشدّة بالبرمجة والنظام والانضباط في الحياة، فقد كانت لديه ساعات معينّة من الليل والنهار يتفرّغ فيها للعبادة والتهجّد وتلاوة القرآن. كما أن رياضة المشي وفي الوقت ذاته ذكر الله والتأمّل والتدبّر، كانت جزءاً من برنامجه اليومي.
كذلك كان سماحته حريصاً على اللقاء بطبقات الشعب لا سيّما الطبقات المحرومة والمستضعفة، فحتّى الأسابيع الأخيرة من عمره المبارك كان لديه كل أسبوع الأخيرة من عمره المبارك كان لديه كل أسبوع لقاء مع عوائل الشهداء، ولم تؤثر نشاطاته اليومية المكثّفة ولا حضوره المستمر اجتماعات مسؤولي النظام الإسلامي دون ذلك.
ومع أن الإمام الخميني (قدس سره) كان يعاني من مرض القلب وكان قد مكث فترة في مستشفى القلب بطهران عام 1979م، إلاّ أن سبب رحيله من هذه الدنيا الفانية كان مرض جهازه الهضمي. إذ أُجريت له عملية جراحية بناءً على نصائح الأطباء. وبعد عشرة أيام من معالجته في المستشفى، ودّع الإمام (قدس سره) هذه الدنيا الفانية في الساعة العاشرة وعشرين دقيقة من مساء يوم السبت الثالث من حزيران عام 1989م، وفي اليوم التالي نقل جثمانه الطاهر إلى مصلّى طهران الكبير ليتسنّى للشعب الايراني المنجب للشهداء، إلقاء النظرة الأخيرة على قائده الكبير.
وشيّعت الملايين من النساء والرجال، والشيوخ والشباب من مختلف أنحاء إيران، الجثمان الطاهر للقائد العظيم بمشاعر من الحزن والألم التي لا يوصف، وكان الحضور المليوني في هذه المراسم بدرجة أثار حيرة ودهشة وكالات الأنباء الغربية التي قدّر بعضها عدد المشيّعين بأكثر من سبعة عشر مليون شخص. ووري جسده الطاهر الثرى بالقرب من “جنة الزهراء”، مقبرة شهداء الثورة الإسلامية.
أعلنت الجمهورية الإسلامية في إيران الحداد العام أربعين يوماً في رثاء قائدها. وأينما كنت تنظر تشاهد لباس السواد ومواكب العزاء التي كان ينظّمها المفجوعون برحيل المدافع عن القيم الإسلامية. وفيما بعد أضحى المرقد المقدّس لهذا العزيز مزاراً لكل المسلمين والأحرار ودعاة الاستقلال والحرية في شتى بقاع الأرض.
الإمام الخامنئي واستمرار المسيرة
لم يشهد التاريخ الإسلامي السياسي المعاصر حدثاً فريداً وبارزاً كحدث انتصار الثورة الإسلامية المباركة بقيادة الإمام الراحل الخميني العظيم. حيث استطاع قلب المعادلات وتغيير أحد أهم وأبرز الأنظمة السياسية التي تحمل لواء العداء للإسلام وقوانينه. وكان في طليعة نتائج هذه الثورة أنها قدمت للعالم نماذجاً رائعاً، كما قدّمت له أطروحة قانونية فريدة لم يعرف لهما العالم من قبل مثيلاً.
هذه الأطروحة تجسّدت في إعادة بعث الروح من جديد للنظرية الإسلامية في مجال الحكومة والولاية التي هي معتقدنا إكمال للدين وإتمام للنعمة الإلهية الكبرى على البشرية.
ولا يختلف اثنان في أن إعادة طرح الإمام الخميني العظيم لشكل النظام السياسي الإسلامي من خلال طرحه لنظرية ولاية الفقيه قد لعب دوراً مهماً وبارزاً في إغناء الفكر السياسي وتذكير الأمة بالدور الكبير للفقيه والحاكم الولي وقيادة الأمّة في عصر الغيبة.
هذا وقد جاء تشكيل الإمام (قده) للدولة الإسلامية في إيران بعد فترة طويلة من غياب الإسلام عن مسرح الأحداث السياسية في العالم، مما أكسب هذه الدولة بالمبادئ والأفكار والأسس التي قامت عليها لوناً خاصاً المستوى الإسلامي العام باعتبار أنها قد حققت الحلم الذي طالما انتظرناه، وأشعلت النور الذي طالما أملناه. وفي ظل غياب الإمام ورحيله إلى الرفيق الأعلى ظهر نور مشرق بالأمل أضاء على الأمّة كلها.
وكان بمثابة عزاء للأمّة في مصابها ولا زال ذلك هو الرمز المنير سماحة آية الله العظمى السيد عليّ الخامنئي دام ظلّه قائد الأمّة وولي لأمرها، وخليفة للإمام الراحل، فالرجل الذي اختاره كبار علماء الأمّة لهذه المهمة الصعبة وهذا الحمل الثقيل، هو امتداد حقيقي للإمام الراحل قدس سره. لشخصية الإمام، ولفكر الإمام، ولخطه الأصيل، الأمر الذي حمل السكينة والطمأنينة تجاه مستقبل الثورة الإسلامية المباركة. فالإمام الخامنئي دام ظلّه هو ابن الإمام البار وتلميذه، وأحد أقرب أصحابه إليه، ولعّل ثلاثين عاماً من العلاقة المتينة كافية لتجعل آية الله الخامنئي بضعة للإمام الخميني قدس سره حيث ستبقى الثورة تستلهم فكر الإمام وخطاه، وسيبقى فكر الإمام هو فكر الثورة، وخطه خطها.
وكما قال سماحة السيد القائد في أول بيان له بعيد انتخابه: إن أية حادثة وأية غاية لن تتمكن من فصل فكر الإمام وتعاليمه عنا، لأنّها جزء من وجودنا، وأنا في مسؤوليتي الخطيرة الجديدة التزم وأتعهد بتطبيق تلك التعاليم الإلهية بحذافيرها.