سر كمال الإيمان من منظور الإمام الهادي (ع)

سر كمال الإيمان من منظور الإمام الهادي (ع)

تعلمنا الزيارة الغديرية هذا الدرس بأن الهداية الحقة لا تتأتى إلا في ظلّ التمسك بولاية أهل البيت (ع)، وأي انحراف عن هذا الطريق يؤدي إلى الضلال والخطأ.

تعد واقعة غدير خم من أهم الأحداث في تاريخ الإسلام، حيث قدّم فيها النبي الأكرم (ص) أمير المؤمنين (ع) خليفةً ووليّاً للمؤمنين من بعده. ووقعت هذه الحادثة في السنة العاشرة من الهجرة، عند رجوعه من حجة الوداع، وأعلن فيها النبي (ص) رسمياً ولاية الإمام علي (ع) وإمامته بقوله الشهير:

                              «مَن كُنتُ مَولاهُ فَهذا عَلِيٌّ مَولاهُ» 

ليس الغدير مجرد حدث تاريخي، بل هو إكمال للدين واكتمال للنعم الإلهية، كما أشار القرآن الكريم في قوله تعالى: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ»(سورة المائدة: 3).

إن تأكيد النبي الأكرم (ص) على ولاية الإمام علي (عليه السلام) يدل على مكانته الجليلة في هداية الأمة الإسلامية. كما أن الزيارة الغديرية للإمام الهادي (ع) هي تعتبر من النصوص العميقة والمعبرة التي توضح مكانة الإمامة والولاية، وتبين الصلة الوثيقة بين الإيمان بالله والرسول والإمام (ع).

فنقرأ في فقرات من هذه الزيارة:

«وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ قَسَمَ صِدْقٍ أَنَّ مُحَمَّدا وَآلَهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ سَادَاتُ الْخَلْقِ وَأَنَّكَ مَوْلايَ وَمَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنَّكَ عَبْدُ اللَّهِ وَوَلِيُّهُ وَأَخُو الرَّسُولِ وَوَصِيُّهُ وَوَارِثُهُ وَأَنَّهُ الْقَائِلُ لَكَ وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا آمَنَ بِي مَنْ كَفَرَ بِكَ وَلا أَقَرَّ بِاللَّهِ مَنْ جَحَدَكَ وَقَدْ ضَلَّ مَنْ صَدَّ عَنْكَ وَلَمْ يَهْتَدِ إِلَى اللَّهِ وَلا إِلَيَّ مَنْ لا يَهْتَدِي بِكَ وَهُوَ قَوْلُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحا ثُمَّ اهْتَدَى إِلَى وِلايَتِكَ».

هذه الجملة تدل بوضوح على أن قبول ولاية الإمام علي (عليه السلام) شرط أساسي للإيمان، وإنكارها إنكار لرسالة النبي (ص). ويشير الإمام الهادي (ع) في هذه الزيارة إلى نقطة مهمة، وهي أن من صد الناس عن ولاية الإمام علي (ع) فقد ضل ولم يبلغ سبيل الله ورسوله. وهذا القول تحذير لكل من غفل عن سبيل الإمامة بعد النبي (ص) وأضل الأمة الإسلامية بتخليه عن الإمام علي (ع).

في الواقع، لا يمكن الهداية الحقيقية إلا عبر الالتزام بولاية أهل البيت (ع)، وأي انحراف عن هذا الطريق يؤدي إلى الضلال والخطأ؛ كما روى الشيعة والسنة “حديث الثقلين“، أن رسول الله (ص) قال:

“«إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ اَلثَّقَلَيْنِ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي كِتَابَ اَللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي وَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ اَلْحَوْضَ».

وفي نهاية هذه المقطع يستند الإمام الهادي (ع) إلى الآية الشريفة «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى»(طه: 82)، التي تعد بالمغفرة الإلهية لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى.

لكن النقطة الأساسية هنا هي أن الهداية الحقيقية تكمن في قبول ولاية الإمام علي (عليه السلام) وأهل البيت (عليهم السلام).

لذلك، فإن من تاب إلى ولاية أهل البيت (ع) بعد الإهمال أو الإنكار، ستشملهم الرحمة الإلهية. وهذا الجزء من الزيارة الغديرية هو تحذير لمن ينكر الولاية وبشرى لمن تاب وعاد إلى الحق.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل