لا يخفاكم أنّ الله جلَّ وعلا رتّب على وجود المساجد أجوراً عظيمة، وخيرات عميمة، وعَظّم منزلة المشَّائين إليها، فجعل سبحانه المشي إليها سبيلاً لرفعة الدرجات، فقد روى عبدالله بن جعفر بن محمد، عن أبيه عن آبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “قال الله تبارك وتعالى: ألا إنّ بيوتي في الأرض المساجد، تُضيء لأهل السماء كما تُضيء النجوم لأهل الأرض، ألا طوبى لمن كانت المساجد بيوته، ألا طوبى لعبدٍ توضّأ في بيته ثم زارني في بيتي، ألا إنّ على المزور كرامة الزائر، ألا بشّر المشّائين في الظلمات إلى المساجد بالنور الساطع يوم القيامة”[1].
من فضائل صلاة الجماعة
المصلّي في المسجد مع الجماعة يحصل له من صلاة الجماعة مثل أجر صلاة المنفرد خمس وعشرين مرّة، وقد روى أبو سعيد الخدري عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: “صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بخمس وعشرين درجة”[2].
وروي عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: “إنّ الله يستحي من عبده إذا صلّى في جماعة ثم سأله حاجته أن ينصرف حتى يقضيها”[3].
فعن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “من صلّى المغرب والعشاء الآخرة وصلاة الغداة في المسجد في جماعة، فكأنّما أحيى الليل كلّه”[4].
وقد سأل زرارة الإمام الصادق عليه السلام: عن ما يروي الناس أنّ الصلاة في جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمس وعشرين صلاة، فقال عليه السلام: “نعم، صدقوا، فقلتُ: الرجلان يكونان جماعة، قال عليه السلام: نعم ويقوم الرجل عن يمين الإمام”[5].
وتزداد عظمة صلاة الجماعة في المسجد ويزداد ثوابها، لذا ورد الحثّ الشديد عليها في الأحاديث الشريفة وروى الشيخ الصدوق بسنده إلى الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: “وإنّ الله عزّ وجلّ ليهمّ بعذاب أهل الأرض جميعاً حتى لا يُحاشي منهم أحداً، فإذا نظر إلى الشُّيّب ناقلي أقدامهم إلى الصلوات، والولدان يتعلّمون القرآن رحمهم الله، فأخّر ذلك عنهم”[6].
وإذا كان حضور الجماعة بهذه المنزلة، فإنّه يجب على قاصد المسجد لأداء هذه العبادة العظيمة أن يتحلّى بأشرف الصفات، وأحسن الخصال، واعلم أيّها القارئ الكريم: أنّ الله أمر نبيّه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وأمّته بصلاة الخوف جماعة في حال الحرب، وهو وقت عصيب، يواجه المسلمون فيه عدوّهم، فقال عزّت آلاؤه: ﴿وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ﴾[7]، فهل تظنّ يا أخي الحبيب أنّ صلاة الجماعة تجب على هؤلاء في هذه الظروف الحالكة، ولا تجب على رجل يتقلّب في فراشه الناعم آمناً مطمئنّاً معافى؟!
فيا أخي المسلم حافظ على صلاة الجماعة، وكن من عُمّار بيوت الله تعالى، وبادر لحضور المسجد، ففي ذلك الأجر العظيم، والخير الكثير في الدنيا والآخرة، وإيّاك والكسل في عبادة عظيمة هي أشرف العبادات وأفضل الطاعات، وستجد إنْ شاء الله ثواب صلاتك، ومحافظتك على الجماعة أحوج ما تكون إليه.
* من كتاب: طلائع القلوب – جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
[1] الحُر العاملي، وسائل الشيعة، ج1، ص381، باب استحباب الطهارة لدخول المساجد.
[2] الشيخ الصدوق، الخصال، ج2، ص521.
[3] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 85، ص4، باب 1: فضل الجماعة.
[4] الحُر العاملي، وسائل الشيعة، ج8، ص295
[5] الشيخ الكليني، الكافي، ج3، ص371، باب فضل الصلاة في الجماعة.
[6] الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، ص39، ثواب نقل الأقدام إلى الصلاة وتعليم القرآن .
[7] سورة النساء ، الآية 102 .