اللُحمة الوطنية هي أهم إنجاز للحرب الأخيرة بين إيران والكيان الصهيوني

اللُحمة الوطنية هي أهم إنجاز للحرب الأخيرة بين إيران والكيان الصهيوني

اعتبرمتولي العتبة الرضویة المقدسة أن أهم إنجاز لمقاومة الشعب الإيراني ضد عدوان الكيان الصهيوني هو اللُحمة الوطنیة غير المسبوقة بين جميع شرائح المجتمع، وأكد: اليوم، إلى جانب القوة العسكرية، فإن المُنتصر الحقيقي هو من يستطيع إيصال الرواية الصحيحة؛ ومن هنا فإن من واجب المثقفین والخطباء وأبناء الأمة أن يقوموا بدور فاعل في مجال سرد ما حصل في هذه الحرب للحفاظ على هذا الإنجاز الوطني وتعزيزه.

وبحسب وكالة أنباء آستان نيوز، في اجتماع تحليلي وتوضيحي عُقد عصر 24 تموز 2025 تحت عنوان «الفتح القریب» بحضور زوار وجيران وخدام العتبة الرضویة المقدسة في الحرم الرضوي الشریف، شرح آية الله أحمد مروي أبعاد الحرب الأخيرة بين إيران والكيان الصهيوني.

وفي بداية كلمته ثَمّن التضحیات التي قدمها الشهداء الأبرار من القادة العسكريين وقوات الدفاع والشهداء المظلومين من أبناء الشعب الذين استشهدوا على أيدي المجرمين الصهاينة، وأكد على أهمية الحضور الفعال في ساحة المعركة لشرح ما حصل خلال هذه الحرب وقال: في الوضع الراهن، فإن مهمتنا الرئیسیة هي الحضور بشكل فعال في هذه الساحة، ويجب ألا نسمح للإنجازات الوطنية أن تبقی مخفية في ظل إمبراطورية العدو الإعلامیة.

وأضاف آية الله مروي: إن الأعداء يحاولون تجاهل الإنجازات الاستراتيجية لهذه الحرب وتصوير الكيان الصهيوني على أنه المُنتصر، لكن الحقيقة هي أن العدو لم يحقق أيًا من أهدافه الخبیثة.

وأكد على اللحمة الوطنیة الفريدة التي ظهرت بین أطیاف الشعب الإيراني في الظروف الأخيرة، وأضاف: على الرغم من تنوع الإعتقادات الدينية والثقافية والسياسية، فإن الشعب الإيراني لم یظهر مثل هذه الوحدة والتماسك على مدى السنوات الـ47 الماضية؛ وفي هذه الأوقات العصیبة ساندت كافة التیارات، القوات المسلحة، مما عزز الروح المعنوية والإرادة الوطنية، وهو التماسك الذي يعُد الإنجاز الأهم في هذه الفترة الحرجة.

أهداف العدو الفاشلة في الهجوم الأخير

وفي إشارة إلى الأهداف الخبیثة للعدو في الحرب الأخيرة على إيران، قال متولي العتبة الرضوية المقدسة: إن الجمهورية الإسلامية لم تبدأ الحرب، بل إن العدو هو الذي بدأها من خلال التخطيط لتحقیق عدة أهداف عدوانية.

وكان من بين أهدافهم محاولة وقف دورة التخصيب والقضاء علی الصناعة النووية الإيرانية، والاستيلاء على 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، والتسبب في انهيار اجتماعي، وإضعاف القدرات الدفاعیة والصاروخیة في البلاد؛ لكنهم فشلوا في تحقيق أي من هذه الأهداف.

وأكد آية الله مروي أن الإطار والبنية الأساسية للصناعة النووية الإيرانية بخیر، مضيفا: تسبب العدو ببعض الأضرار، لكن يجب أن يعلم أن الصناعة النووية الإيرانية محلية وليست منتجا مستوردا يمكن تدميره بالقصف.

وأشار إلى أن العدو حاول في السابق إيقاف هذه الحركة العلمية من خلال اغتيال عدد من العلماء البارزين، لكن العِلم الإيراني لم یتوقف، بل إنه يواصل التقدم ولا يوجد أي مؤشر على التراجع.

وأكد متولي العتبة الرضویة المقدسة أن الأعداء لا يملكون معرفة دقيقة بالشعب الإيراني؛ ظنوا أن قدرة الشعب الإيراني على الصمود قد استنفذت، وأن العقوبات القاسية قد سلبته صبره، وأن المجتمع على شفا التمرد والانهيار؛ لكن ما حدث كان عكس ذلك تمامًا، فقد تجلّى التلاحم والتضامن والتشبث العميق بالوطن في المجتمع الإيراني أكثر من أي وقت مضى، وقد وصل هذا المستوى من التضامن حدًا غير مسبوق على مدى السنوات السبع والأربعين الماضية.

الرد الحاسم والسريع للقوات الإيرانية شکّل صدمة كبيرة للکیان الصهيوني

واستذكر متولي العتبة الرضوية المقدسة أحداث حرب الأيام الستة عام 1967 بين مصر وسوريا والأردن والكيان الصهيوني، قائلاً: إن إسرائيل وأميركا كانتا تنويان تنفيذ السيناريو نفسه الذي نفذتاه في مصر عام 1967، وهذه المرة في إيران. في ذلك العام، كانت مصر على وشك الدخول في حرب مع إسرائيل، لكن إسرائيل ومن خلال عملیة استباقیة، دمرت نظام الدفاع الجوي المصري في عملية مفاجئة، وانتهت الحرب لصالح الکیان الصهيوني في ستة أيام فقط.

كان الأعداء يظنون أن وضع إيران يشبه وضع تلك الحقبة التاریخیة، إلا أن الرد الحاسم والسريع والمنظّم للجمهورية الإسلامية الإيرانية غیّر حساباتهم.

وأضاف: بدأت عملية الوعد الصادق 3 خلال ساعات قليلة، وتم تعیین القادة البُدلاء واستلموا مهامهم بسرعة، وهو الأمر الذي أظهر جاهزية وقدرة البنية الدفاعية للبلاد وكان هذا الأمر غير متوقع بالنسبة للأعداء.

الوحدة الوطنية؛ أهم منجزات هذه الأحداث

وتابع آية الله مروي قائلا: خلال هذه الأحداث تحققت إنجازات مهمة داخل، وأهمها تعزيز الوحدة والتضامن الوطني. لقد تصور الکیان الصهيوني أن الشعب الإيراني، مثل سكان الأراضي المحتلة، عبارة عن مجموعة من القوميات المتناثرة التي تفتقر إلى التماسك، في حين أن إيران بلد یتمتع بحضارة وثقافة وهوية عريقة، وشعبه، على الرغم من تنوعه، یتلاحم مع بعضه البعض ويتحد في الأوقات الحرجة.

وأضاف: لقد كان تضامن الشعب واضحا ومُدهشا لدرجة أن حتى البعض من ذوي وجهات النظر والخلفيات المختلفة وقفوا في خط واحد ضد العدو ودافعوا عن وحدة أراضيهم وهويتهم الوطنية. كان العدو يأمل أن ینقسم المجتمع الإيراني ویتفرق، إلا أن تضامن الشعب أحبط كل مخططاتهم.

وتابع آية الله مروي: لقد قال رئيس وزراء إحدى الدول: إن الشعب الإيراني هو الذي يجب أن يُنهي المهمة، وهذا ما حدث بالضبط؛ فالشعب الإيراني، بوحدته ضد الکیان الصهيوني، أكمل المهمة بنجاح. كان العدو يظن أن مهاجمة إيران ستؤدي إلى تأخر عودة البلاد إلى وضعها الطبيعي لفترة طويلة، لكن استراتيجية القائد الأعلى للثورة الإسلامية أحدثت بلبلة واضطرابا لدى الأعداء، وتم إحباط مؤامرات العدو واحدة تلو الأخرى.

قوة الردع؛ نتيجة المعرفة الوطنية والإيمان

وفي إشارة إلى أهمية القدرة الدفاعية للبلاد، قال متولي العتبة الرضویة: منذ سنوات، كان هذا السؤال يدور في أذهان البعض حول سبب اهتمام ایران بالحصول على المعرفة النووية وتكنولوجيا الصواريخ، لكن اليوم أصبح الجواب على هذا السؤال واضحا.

لو لم تكن هاتان القوتان الرادعتان في متناول أيدينا، لتكررت في إيران أحداثٌ مشابهة لما حدث في غزة، وکان العدو لن يتردد ولو للحظةً في العدوان على الشعب الإيراني، وهذه هي الحقيقة التي يشير إليها القرآن الكريم أيضًا: «وَأَعِدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ»

وأضاف آية الله مروي: قبل انتصار الثورة الإسلامية، كان الأعداء يستولون على جزء من الأراضي الإيرانية في كل عدوان؛ لكن خلال فترة الدفاع المقدس، ورغم الدعم العالمي لصدام، لم يتمكنوا من الاستيلاء على شبر واحد من أراضي البلاد. لقد انتهى زمن الاعتداء على الأراضي الإيرانية، وهُزمت هيمنة الكيان الصهيوني أمام مقاومة الشعب الإيراني.

كشف الوجه الحقيقي للمنظمات الدولية والأنظمة الغربية

وانتقد الشیخ المروي أداء المنظمات الدولية، قائلاً: إن العديد من المنظمات الدولية تصرفت خلافاً لالتزاماتها، ولم تكن حتى مستعدة لإدانة العدوان الصارخ للولايات المتحدة وإسرائيل على إيران.

في الواقع، مهّدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، باعتمادها القرار الأخير، الطريق للهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، وقد كشفت حرب الأحد عشر يومًا الأخيرة للعالم عن الوجه الحقيقي والتبعية للعديد من هذه المنظمات.

وتابع آية الله مروي: فضيحة الدول الأوروبية كانت أيضًا من إنجازات هذه الحرب. استمر البعض في الداخل بالحديث عن المباحثات، لكن سلوك أمريكا وأوروبا والخيانات التي ارتكبوها في خِضم المباحثات أثبتت أن ادعاءاتهم حول حقوق الإنسان لم تكن سوى غطاء لنوایاهم الخبیثة.

وأكد قائلاً: ربما لا يدرك الجيل الجديد جرائم وسرقات واعتداءات النظام البهلوي وأمريكا قبل الثورة، لكن هذه الحرب كشفت مجددًا حقيقة الغرب، وفضحت أعداء الشعب الإيراني، وقد أزال هذا الاختبار الإلهي قناع الخداع والنفاق عن وجوه الأعداء.

وتابع آية الله مروي حديثه بالإشارة إلى ادعاء الکیان الصهيوني الكاذب بمحبة الشعب الإيراني، وقال: لطالما ادعت إسرائيل صداقتها مع الشعب الإيراني، ولكن في هذه الحرب، كان غالبية شهدائنا من الناس المدنیین الذين استهدفهم الکیان الصهيوني في منازلهم؛ فهل هذا السلوك دليل على الصداقة؟

الدبلوماسية الذكية والحكومة النشطة في الميدان

أكد متولي العتبة الرضوية المقدسة،على أهمية الدبلوماسية الفاعلة إلى جانب القوة العسكرية، وأضاف: لا ينبغي إغفال دور الدبلوماسية. خلال هذه الأحداث، تغيرت مواقف بعض دول المنطقة تجاه إيران، وأصبح دعمها لها أكبر وأكثر فعالیة من الماضي.

ضرورة سرد الإنجازات بدقة، والدور المهم للشعب في حرب التبیین

واعتبر آية الله مروي أن حرب التبیین مرحلة جديدة من المعركة، وأكد: الآن وبعد المعركة الصعبة بدأت المعركة الرئيسية في مجال الرواية الدقیقة لمجریات الحرب.

إن من واجب كل مثقف أو خطیب أو وسيلة إعلامية أن يروي حقائق وإنجازات هذه المعركة العظيمة للشعب، وخاصة جيل الشباب، حتى لا یتبنوا أحكاماً خاطئة في ظل الأجواء الضبابية لروايات العدو المشوهة.

وحذّر من أن العدو يحاول تعويض ما لم يحققه في المجال العسكري ومن خلال العقوبات عبر حرب الروايات، وبالتالي فإن اللامبالاة في هذا المجال تعني تسليم الميدان للعدو.

وفي ختام كلمته، أكد متولي العتبة الرضویة المقدسة: لم يحقق العدو أيًا من أهدافه الخبيثة. وقد خرج الشعب الإيراني، بوحدته وإيمانه وعزيمته، من هذا الاختبار الصعب، فخورًا ومنتصرا.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل