بحسب ما أفاد به مراسل جماران، في السابع والعشرين من شهر تير عام 1367 هجري شمسي (يوليو 1988)، قبلت إيران قرار مجلس الأمن رقم 598 التابع للأمم المتحدة، وبذلك وُضع رسمياً حدّ للحرب المفروضة التي استمرت ثماني سنوات ضد إيران، رغم أن البعثيين واصلوا اعتداءاتهم العشوائية، وبدعم من المنافقين اعتدوا مجدداً على الأراضي الإيرانية.
اللواء الشهيد غلام علي رشيد، الذي استشهد فجر الثالث والعشرين من خرداد 1404 هجري شمسي (يونيو 2025) خلال العدوان الصهيوني، روى ذكرى مؤثرة ومميزة من تلك الأيام حيث قال:
قبل 48 ساعة من إعلان القبول الرسمي بقرار 598 عبر وسائل الإعلام، عُقد اجتماع في رئاسة الجمهورية حول هذا الموضوع. من قادة الحرس، كنت أنا والسيد شمخاني حاضرين. قُرئت الرسالة الأولية من سماحة الإمام الخميني (قده) حول الموضوع بواسطة السيد أحمد الخميني.
ونظراً لما كنا نعرفه من صلابة الإمام وثباته، بدا لنا من المستبعد جداً أن يوافق الإمام على قبول القرار. فبدأت أتخيل في نفسي، لا سمح الله، ربما توفي الإمام، ورأى المسؤولون أن من المصلحة الوطنية إعلان قبول القرار باسمه، وتأجيل الإعلان عن وفاته عدة أيام. طرحت هذا التصور على السيد شمخاني، مما أثار عنده نفس الشك. وبلغنا هذا الظن إلى السيد أحمد عبر السيد رفيقدوست.
وبعد عملية مرصاد، ذهبنا أنا والسادة شمخاني وباقري ونجات إلى لقاء الإمام لتقديم تقرير. كان ذلك بعد الظهر، وجلسنا أولاً عند السيد أحمد لبعض الوقت، حيث قُدمت لنا ضيافة بسيطة من الشاي والبطيخ. ثم أخبرنا السيد أحمد أنه يمكننا الذهاب لرؤية الإمام.
عندما وصلنا إلى حضرته، وبما أن السيد أحمد كان مطلعاً على تصوراتنا الخاطئة من ذلك الاجتماع، قال لنا ممازحاً: “المسوا بيدكم، لتروا بأنفسكم أنه حاضر بنفسه!” وبكلامه هذا وبأسلوب المزاح أوصل لنا الرسالة: كيف فكرتم بمثل هذا الظن!
كان الإمام قد وضع قدميه على مقعد، وهذا المشهد أثر فينا بشدة. استمر اللقاء قرابة ربع ساعة. بعد التقبيل على يد الإمام، قدّم السيد شمخاني تقريراً حول مجريات العمليات، وطريقة هجوم المنافقين، خططهم وأهدافهم، وكيف علمنا بهجومهم، وكيف تصدينا لهم. وقال للإمام: لقد انتقمنا لدماء شهداء أوائل الثورة (في إشارة إلى شهداء حزب الجمهورية الإسلامية ورئاسة الجمهورية).
أجاب الإمام بهدوء شديد: “الحمد لله”، ثم دعا للمجاهدين.
القسم العربي، الشؤون الدولية، مقتطف من كتاب “الإمام والدفاع المقدس”، ص ۲۰-۲۱، الطبعة السادسة ۱۳۹۴ هـ ش.