الجواب: اذا ما أردنا معرفة الاسباب الكامنة خلف النهضة الحسينية فخير من يستطيع بيانها نفس صاحب النهضة والقيام على الامبراطورية الأموية الجائرة. وابرز كلمة صدرت عن الإمام الحسين عليه السلام في رسالته لاخيه محمد جاء فيها( قال : « وأنّي لم أخرج أشَراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنَّما خرجت لطلب الاصلاح في اُمّة جدِّي صلّى الله عليه وآله اُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدِّي وأبي عليّ بن أبي طالب »بحار الأنوار « للشيخ المجلسي » / المجلّد : ٤٤ / الصفحة : ۳۲۹ / الناشر : مؤسسة الوفاء / الطبعة : ۲.
فالسبب هو الإصلاح الكامن خلف القيام الحسيني، وهو إصلاح يتواءم مع الشخصية الحسينية والواقع الذي عاشه ويعيشه والتحولات التي تجددت بموت معاوية وتنصيب ابنه يزيد ملكا جديدا.
والإصلاح لا يقوم على شكل واحد وصورة مسبقة نرسمها في الذهن حسب طبيعة البيئة والوضع الاجتماعي الذي نعيشه اليوم وإنما يتواءم مع الزمان والمكان والظروف التي عاصرها الامام عليه السلام.
كان يزيد يمثل نهجًا استبداديًا فاسدًا، لا يمت للدين ولا للرسالة المحمدية بصلة، فكان جائرًا في حكمه، مستهترًا بمقدسات الأمة، مما جعل بقاءه في موقع الخلافة خطرًا على الإسلام نفسه. وقد رفض الإمام الحسين عليه السلام مبايعته، لأن بيعته كانت تعني شرعنة الظلم والفساد.
فالاصلاح الذي اراده هو تلكم الوقفة بوجه الظلم والطغيان والاستبداد المفرط والمتغول في أبعد حدوده واشدها وامج طريقة يمارس فيها، فوصل الحال إلى الانسداد في مختلف الجوانب السياسي والذي قضى عليه معاوية بفرض ابنه وارغام الناس على قبوله، والانسداد الاجتماعي فالذي يعارض يزيد اما ان يقتل أو يسجن أو يطارد، والانسداد الديني حيث الامة بين ساكت متنكب عن الصدح بالحق وبين سجين وقتيل، والانسداد الأخلاقي حيث أصبحت ممارسة مختلف الرذائل أمرا سائدا في مركز الحكم وفي المجتمع. وهذا حتم موقفا صارما وصرخة مدوية تقتحم الصمت وتعلن رفضها للهيمنة الاستبدادية المقيتة