هل صح أن النبي ص صام يوم عاشوراء؟

الجواب: الروايات في صيام يوم عاشوراء مختلفة فبعضها يذكر ان النبي ص صامه اقتداء وتعلما من اليهود كما روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ»، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. أخرجه البخاري في “صحيحه”. وتارة تروي عائشة ان الصيام من سنن الجاهلية وعن عائشة انها قالت : ﴿كان يومُ عاشوراءَ تصومُه قريشٌ في الجاهليةِ، وكان رسولُ اللهِ ﷺ يصومُه، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه ، فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء ، (فمن شاء صامه ومن شاء تركه) صحيح البخاري – صحيح الترمذي 753.
واخرى يرون ان الصيام لشيء آخر وأن النبي ص لما علم بصوم اليهود له أراد تركه
صحيح مسلم (حديث رقم: 1134) : حين صام رسولُ اللهِ ﷺ يومَ عاشوراءَ (وأمرَ بصيامِه) قالوا : يا رسولَ الله ! إنه يومٌ تُعظِمُه اليهودُ والنصارى
فقال رسولُ ﷺ : فإذا كان العامُ المُقبلُ إن شاءَ اللهُ ، صُمْنا اليومَ التاسعَ . قال : فلمْ يأتِ العامُ المُقبلُ حتى تُوفِّيَ رسولُ اللهِ ﷺ.” أن اليهود لا يصومون يوم عاشوراء ولم يسبق لهم أن صاموه.
وهنا تناقض آخر نقل في كتاب مسلم عن عبدالله بن عباس، واليك نصّه:
ــ حين صام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يارسول الله انّه يوم تعظّمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «فإذا كان العام المقبل ان شاء الله صمنا اليوم التاسع» قال فلم يأت العام المقبل حتى توفّى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (صحيح مسلم 8: 12 كتاب الصيام ) .
فترى الحديث يقول: انّ النبي لم يكن عالماً بأنّ اليهود والنصارى يعظّمون يوم عاشوراء، فلمّا علم به عزم على ترك صومه وقصد صوم اليوم التاسع، لكنّه توفي قبل حلول العام المقبل. وفي هذا الحديث امور اخر، منها: انّ امره بصوم يوم عاشوراء كان باقياً الى قبل سنة من موته لا انّه نسخه وجوب صوم رمضان.
و انّ النبي لم يصم اليوم التاسع أصلاً، لكن هنا حديثاً آخر يقول انّه (صلى الله عليه وسلم) كان يصوم اليوم التاسع!، واليك نصّه من كتاب مسلم:
ــ عن الحكم… فقال (عبدالله بن عباس): إذا رأيت هلال المحرم فاعدد واصبح يوم التاسع صائماً.قلت: هكذا كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصومه. قال: نعم (صحيح مسلم 8: 11 ) . ثم ان اليهود لا يصومون العيد، وهذا ما ورد في تعاليمهم كان يوم صوم اليهود الذي شهده النبي يوم كيبور، أي عيد غفران خطيئة العجل الذهبي، وليس يوم عيد نجاة بني إسرائيل بقيادة موسى من فرعون (عيد الفصح)، وذلك لأسباب كثيرة، منها أن عيد الفصح ليس عيد صيام، بل إن الصيام فيه حرام، بنص التوراة في سفر الخروج في الإصحاح 12 وفي المشناه في مبحث مواعيد (الأعياد).
ويذكر غازي السعدي في كتابه “الأعياد والمناسبات والطقوس لدى اليهود” أنه في عيد الفصح يُفرض على اليهود أكل خبز غير مخمر ناهيك عن قطعة مشوية من عظم الضأن، وبعض النباتات المرة، وكأس ماء مالح “لتذكيرهم بما عاناه أسلافهم أثناء فرارهم من الصحراء”، كما تشمل مائدة الفصح “أربع أقداح من النبيذ يشربها أفراد الأسرة وترمز لوعد الله لليهود بتخليصهم”. ويقول إن الفصح هو “عيد خبز الفطير وموسم الحج والعيد الذي يضحى فيه بحمل أو شاه أو جدي من الماعز”.

في المقابل، يُعَدّ يوم كيبور يوم صيام حقاً، وتعدد المشناه في صيام هذا اليوم قائمة من المحظورات تمثل طقوس الصيام اليهودي، في مبحث يوما (اليوم)، وتقول: “يُحرم في يوم الغفران الأكل، والشرب، والاستحمام، والدهان، وانتعال الصندل، والجماع

واما ما ذكره السيد الخوئي بخصوص ضعف رواياتنا الناهية عن صيام يوم عاشوراء وصحة الروايات القائلة باستحباب الصيام فالحديث عنها على النحو التالي: اولا بيان كلام السيد الخوئي
قال السيد الخوئي : .. وكيفما كان, فالروايات الناهية غير نقيّة السـند برمّتها, بل هي ضعيفة بأجمعها, فليست لدينا رواية معتبرة يعتمد عليها ليحمل المعارض على التقيّة كما صنعه صاحب الحدائق . وأمّا الروايات المتضمّنة للأمر واستحباب الصوم في هذا اليوم فكثيرة, مثل: صحيحة القدّاح : «صيام يوم عاشوراء كفّارة سنة» .
وموثّقة مسعدة بن صدقة : «صوموا العاشوراء التاسع والعاشر فإنّه يكفّر ذنوب سنة», ونحوها غيرها .وهو مساعد للاعتبار, نظراً إلى المواساة مع أهل بيت الوحي وما لاقوه في هذا اليوم العصيب من جوع وعطش وسائر الآلام والمصائب العظام التي هي أعظم ممّا تدركه الأفهام والأوهام .فالأقوى استحباب الصوم في هذا اليوم من حيث هو كما ذكره في الجواهر, أخذاً بهذه النصوص السليمة عن المعارض كما عرفت ..
الجزء الثاني من كتاب الصوم من «مستند العروة الوثقى» ص316

فنقول اتفقت كلمة فقهاء الامامية على حرمة صوم يوم عاشوراء إذا كان بقصد التيمُّن والتبرُّك بهذا اليوم باعتباره يوم سرور وفرح بقتل الحسين الشهيد (ع).
قال سيدنا السيد في كتاب الصوم – السيد الخوئي – ج ٢ – الصفحة ٣٠٥ :
( … نعم لا إشكال في حرمة صوم هذا اليوم بعنوان التيمن والتبرك والفرح والسرور كما يفعله أجلاف آل زياد والطغاة من بني أمية من غير حاجة إلى ورود نص أبدا، بل هو من أعظم المحرمات، فإنه ينبئ عن خبث فاعله وخلل في مذهبه ودينه، وهو الذي أشير إليه في بعض النصوص المتقدمة من أن أجره مع ابن مرجانة الذي ليس هو إلا النار، ويكون من الأشياع والأتباع الذين هم مورد العن في زيارة عاشوراء. وهذا واضح لا سترة عليه ..)
ومحل الكلام صومه بقصد انه سنة كما في صحيحة القدّاح : ( صيام يوم عاشوراء كفّارة سنة)وقد ثبت عندنا حرمة هذا العنوان عملا بمفاد جملة من الأخبار منها:
رواية الشيخ الطوسي في المصباح عن عبد الله بن سنان قال: دخلت على أبي عبد الله (ع) يوم عاشوراء ودموعه تنحدر على عينيه كاللؤلؤ المتساقط، فقلت: مم بكائك ؟ فقال: أفي غفلة أنت ؟! أما علمت أن الحسين (ع) أصيب في مثل هذا اليوم ؟! فقلت: ما قولك في صومه ؟ فقال لي: صمه من غير تببيت، وأفطره من غير تشميت، ولا تجعله يوم صوم كملا، وليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة من ماء، فإنه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلت الهيجاء عن آل رسول الله (ص) .
و الإشكال الذي أفاده السيّد المعظم بقوله ( فالروايات الناهية غير نقيّة السـند برمّتها, بل هي ضعيفة بأجمعها, فليست لدينا رواية معتبرة يعتمد عليها ليحمل المعارض على التقيّة كما صنعه صاحب الحدائق . وأمّا الروايات المتضمّنة للأمر واستحباب الصوم في هذا اليوم فكثيرة, مثل: صحيحة القدّاح : «صيام يوم عاشوراء كفّارة سنة» .)
على ذلك فلا تصلح لتحقق عنوان التعارض بينها وبين الأخبار الصريحة في الجواز فهي من قبيل تعارض الحجة مع اللا حجة وذلك يقتضي اعتماد ما هو حجة وإسقاط الفاقد للحجيّة
ولكن مقتضى الصناعة إنّ إسقاط هذه الروايات لمجرّد ضعف سندها مخدوش، ولانميل إلى ما ذهب اليه سيّدنا المعظم الخوئي في طريقة المحاكمة المذكورة للمسألة
انما الانصاف هو (اعتبار) مفاد روايات المنع نظراً لاستفاضتها فلا يضرها أن تكون ضعيفة من حيث السند
قال صاحب رياض المسائل – السيد علي الطباطبائي – ج ٥ – الصفحة ٤٦٢
( ..النصوص المرغّبة و هي مع قصور أسانيدها و عدم ظهور عامل بإطلاقها بالكلّية معارضة بأكثر منها كثرة زائدة تكاد تقرب التواتر، و لأجلها لا يمكن العمل بتلك و لو من باب المسامحة، إذ هي حيث لم تحتمل منعا و لو كراهة و هي محتملة من جهة الأخبار المانعة.)
واستقصاء قواعد الضبط البنائي لسيدنا الخوئي المعظم (ره) تجعل المتابع في حيرة اذ قد عمل ( ره) بهذه القاعدة في معالجة الاخبار الواردة في الرياء حيث قال في التنقيح ج ٧ ( ..وهذه الاخبار وان كان أغلبها ضعيفة إلا أن استفاضتها بل الاطمئنان بصدور بعضها – لو لم ندع العلم – كافية في الحكم باعتبارها، على أن بعضها معتبرة في نفسه ..)
وتصريحه في كتاب أجود التقريرات ١: ٣٦٤ بمداومة الأئمة (عليهم السلام) على ترك صيامه وأمرهم (ع) أصحابهم به ينافي ما يتبناه من القول بالاستحباب. .
وهذا التصريح منه ( ره) موافق لسيرة المتشرّعة القطعيّة بترك الصوم في يوم عاشوراء

للمشاركة:

روابط ذات صلة

السؤال : كيف يستدل على إمامة أهل البيت "ع" بالآية الكريمة : "إني جاعلك للناس إماما" رغم أن من معاني إمامتهم الخلافة وإمامة النبي ابراهيم "ع" ليس لها علاقة بالخلافة ؟
سورة النمل، آية 47، صفحة 381
قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَ بِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ
ماذا تقصد الآية ب " طائركم عند الله "
السؤال: ادَّعى موقع سني أن هذه الرواية من كتاب الشافي في الإمامة، فهل هذا صحيح و ما هو سند الرواية اذا كان صحيحا عن أمير المؤمنين : ( دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين ثقل ، فقلنا: يا رسول الله … استخلف علينا ، فقال: لا ، إني أخاف أن تتفرقوا عنه كما تفرقت بنو اسرائيل عن هارون ، ولكن إن يعلم الله في قلوبكم خيراً اختار لكم ؟
السؤال: كيف نتصور أن الانسان الفقير يؤذي الله الغني القدير، بأي معنى يكون الإيذاء لله تعالى في هذه الآية الكريمة ؟ قال تعالى:
السؤال : يدّعي أحمد الكاتب أن كتب الشيعة القديمة تختلف عن الكتب التي أتت متأخرة وأنها لم تروي ما روته كتب الطوسي او المفيد او غيرهم من الأعلام من ظلامة لأهل البيت و ادعى أيضا ان الإمام الصادق و الباقر كانا يمتدحان الخليفة الأول والثاني و استدل بأحاديث من كتاب الشافي في الإمامة والإحتجاج للطبرسي، وقال أيضا ان الإمام علي "ع" لم يترك صلاة واحدة خلف أبي بكر !! ما صحة هذا الكلام ؟ ⁦

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل