مسيرة الأربعين الحسيني جبهة سنوية مفتوحة ضد منظومة الاستكبار العالمي

مسيرة الأربعين الحسيني جبهة سنوية مفتوحة ضد منظومة الاستكبار العالمي

أكد الأكاديمي العراقي والأستاذ في الحوزة العلمية “الشيخ الدكتور حيدر الشمري” مسيرة الأربعين الحسینی ليست مجرد إحياء لمأساة تاريخية، بل هي جبهة سنوية مفتوحة ضد منظومة الاستكبار العالمي، تحمل القدرة على بناء وعي جمعي مقاوم، وتؤسس لثقافة تحررية على مستوى الأمة.

يصادف الأربعين الحسيني مرور أربعين يوماً على واقعة عاشوراء وإستشهاد الإمام الحسين (ع) وأصحابه الأوفياء في كربلاء. يذكرنا هذا اليوم بالمعاناة والمصائب التي حلت بآل رسول الله (ص) وخاصة السيدة زينب (س) بعد واقعة كربلاء. الأربعين هو تجسيد لأقصى درجات التضحية والفداء والصبر والصمود في سبيل الحق ومحاربة الظلم، وفي كل عام يتوجه ملايين العشاق والمحبين من جميع أنحاء العالم سيراً على الأقدام وبقلوب مليئة بالحب والولاء، نحو كربلاء المقدسة لتجديد العهد مع إمامهم وليكونوا بلسمًا لجراح قلوبهم من هذه الفاجعة. هذا الحدث العالمي العظيم هو رمز لوحدة وتضامن المسلمين والأحرار في العالم، ويحافظ على رسالة الثورة الحسينية.
وبمناسبة ذكرى أربعينية الامام الحسين(ع)، أجرت وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا) حواراً مع  الأكاديمي العراقي والأستاذ في الحوزة العلمية والخطيب الحسيني “الشيخ الدكتور حيدر الشمري”.
فيما يلي نصّ الحوار:
 ـ كيف تقيمون دور مسيرة الأربعين الحسيني في تحقيق الحضارة الإسلامية الحديثة؟

إن مسيرة الأربعين ليست مجرد ظاهرة دينية أو شعيرة عبادية، بل هي مشروع حضاري متكامل. فهذه المسيرة تدلّ على أن هذه الأمة هي أمة حيّة وتستلهم قيمها من ثورة الإمام الحسين(عليه السلام) من قبيل العدل، والإيثار، والكرامة، والوحدة.

وإذا تأملنا في مشهد الملايين من المشاركين من مختلف الجنسيات واللغات، فنلحظ أننا أمام أُسس حضارة إنسانية ذات جوهر إسلامي:

• فيها التلاحم الاجتماعي.
• فيها التعاون والإيثار المجاني.
• فيها مركزية القيم الروحية مقابل المادة.
• وفيها تحطيم للحواجز الطبقية والقومية.

وهذه المسيرة تمثل في الوقت ذاته تمرينًا سنويًا على بناء مجتمع قائم على الحضارة الاسلامية وقيمها.
ما هي فلسفة مسيرة الأربعين وجذورها التاريخية والثقافية؟

إن مسيرة الأربعين تمثّل ظاهرة دينية ـ اجتماعية عريقة، تعود بجذورها إلى عودة السبايا يوم الأربعين، وكذلك زيارة الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري عام 61 هـ، والتي عُدّت أول زيارة لقبر الإمام الحسين (ع) في يوم الأربعين من شهادته، ولقاءه بالإمام السجاد عليه السلام، ومنذ ذلك التاريخ، أصبحت زيارة الأربعين رمزاً لارتباط الأمة بالحسين(ع) وقضيته، ووسيلة لإحياء قيمه ومبادئه.

أما من حيث فلسفتها، فهي تقوم على عدة مرتكزات:

• الولاء والبيعة المتجددة للإمام الحسين(ع) كرمز للحق والعدالة.
• ثقافة السير الجماعي كوسيلة لتجذير الروح الجماعية والهوية الإيمانية.
• الشعور بالمسؤولية التاريخية تجاه قضايا الأمة، وعلى رأسها مقاومة الظلم.
• تجسيد العدل الإلهي في مقابل الطغيان اليزيدي.
مسيرة الأربعين الحسيني جبهة سنوية مفتوحة ضد منظومة الاستكبار العالمي
من وجهة نظركم، ما هي أهم الأبعاد والإمكانيات المناهضة للاستكبار في مسيرة أربعين الإمام الحسين (ع)؟

 هناك جملة من الأبعاد والإمكانيات لمناهضة الاستكبار العالمي في مسيرة الأربعين وهي تتمثل بما يلي:

1. البُعد القيمي  ـ الرسالي:
• ترسيخ قيم المقاومة والكرامة المستمدة من نهضة الحسين (ع).
• إحياء الشعار التاريخي في مواجهة الطغيان:  “لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما”.

2. البُعد الوحدوي ـ الشعبي:

• جمع ملايين البشر من مختلف الأعراق والمذاهب حول قضية واحدة.
• كسر الحدود التي صنعها الاستعمار بين الشعوب الإسلامية.

3. البُعد الاقتصادي ـ الاجتماعي:
• إرساء ثقافة العطاء بلا مقابل، في مواجهة اقتصاد السوق الرأسمالي.
• بناء شبكات تكافل شعبي ميدانية قادرة على خدمة الملايين.

4. البُعد الإعلامي – الثقافي:

• نقل الرسالة الحسينية للعالم بلغات متعددة.
• فضح تناقضات الخطاب الغربي في قضايا الحرية وحقوق الإنسان.
مسيرة الأربعين الحسینی ليست مجرد إحياء لمأساة تاريخية، بل هي جبهة سنوية مفتوحة ضد منظومة الاستكبار العالمي، تحمل القدرة على بناء وعي جمعي مقاوم، وتؤسس لثقافة تحررية على مستوى الأمة.
 ـ ما هي أهمية مسيرة الأربعين من منظور الروايات والكتب الدينية؟

هناك العديد من النصوص الدينية التي تدلّ على أهمية زيارة الأربعين الحسيني بشكل عام أو بشكل خاص وقد الفت العديد من الكتب في ذلك ومنها كتاب كامل الزيارات:

1. روايات المعصومين عليهم السلام:

• رواية الإمام الحسن العسكري عليه السلام التي جعلت زيارة الأربعين علامة من علامات المؤمن (الشيخ الطوسي، التهذيب، ج6، ص52).

• رواية الإمام الباقر عليه السلام التي تؤكد على فضل زيارة الحسين لما فيها من زيادة الرزق وطول العمر وغفران الذنوب (كامل الزيارات، ص152).

2. البُعد العقدي – الولائي:

• زيارة الأربعين تجسّد الولاء لخط أهل البيت(ع)، والبراءة من أعدائهم، وهو من أساسيات العقيدة الشيعية.

3. البُعد الفقهي:
• أدرج الفقهاء زيارة الأربعين في أبواب المستحبات المؤكدة، واعتبروها سنة متوارثة منذ جابر الأنصاري وحتى اليوم.
4. البُعد الروحي – التربوي:
• نصوص الزيارات نفسها، كزيارة الأربعين المروية عن الإمام الصادق عليه السلام، تحمل مضامين عالية في التعريف بالإمام الحسين(ع) ودوره، وفي التربية على قيم العدل والصبر والجهاد.
وبشكل عام فان مسيرة الأربعين من منظور الروايات والكتب الدينية، ليست مجرد عادة سنوية، بل هي عبادة وشعار إيماني، له جذور في النصوص المعصومية، ويمثل امتداداً عملياً لخط الولاء الحسيني.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل