أكَّد سماحة آية الله جوادي الآملي أن “عظمة إيران تستمد جذورها من تاريخها العريق وثقافتها الأصيلة؛ فهي أمة صبرت على ثماني سنين من الحرب المريرة، ولم تتراجع حتى في أقسى لحظات المحن عن مبادئها السامية، وهي اليوم تمتلك رصيدًا هائلاً من رأس المال المعنوي”.
بيَّن سماحة آية الله عبد الله جوادي الآملي خلال استقباله محافظ محافظة مازندران، أنّ “الله تعالى قد حبا بلدنا خيراتٍ عميمةً؛ وشمالُ إيران ببحرها الزاخر و سلسلة جبال «ألبُرز» الشامخة أنموذجٌ لهذه النِّعَم، التي يتعيَّن استثمارها على النحو الأمثل. كما أنّ أهل مازندران أناسٌ كرام، مشحونون بالمودَّة والعاطفة الجيَّاشة، ولم يرهقوا كاهل الحكومة بمطالب شاقة”.
وتابع سماحته قائلاً: “في ظل توفر شبكة من الأنهار الغزيرة والهطولات المطريّة الوافرة، لا مبرّر إطلاقًا لمعاناة مازندران من شحٍ في المياه أو انقطاع في التيار الكهربائي. لقد جرى التأكيد مرارًا عبر السنوات الماضية على ضرورة تشييد السدود وتبنّي إدارة رشيدة لمواردنا المائية كي لا نُبدِّدها، إلا أن جزءًا غير يسير من هذه الطاقات لا يزال غير مُستَغل”.
وأوضح سماحة آية الله جوادي الآملي أن “الأنظمة المادية تقوم على أن تُصدر الأوامر من القيادة، ويكون دور المحكومين قاصرًا على الطاعة العمياء فحسب، أما في المنهج القرآني والنظام الإسلامي، فالأساس هو التعاون والتكافل. فالقرآن الكريم لا يقتصر على أمر مثل ‘اذهبوا فافعلوا’، بل نبيُّنا والأئمة المعصومون (عليهم السلام) يقولون: ‘أنا نبي أو الإمام، قد بدأت فتعالوا نعمل معًا’. هذا هو المحكّ الأساس الذي يُميّز نظام الحكم الإسلامي عن سائر الأنظمة”.
وأبرز سماحته أنّ “واجب المسؤولين أن يكونوا في الطليعة، وأن يدعوا الجمهور إلى مشاركة فاعلة وحقيقية، إذ إنّ إدارة شؤون البلاد لا تُنجز إلا من خلال تعاون وثيق وتضامن صادق بين أبناء الشعب ومَن يتولون أمورهم. وإنما يتميز الشعب الإيراني بإخلاصه وتهذيبه ونبل أخلاقه؛ وهو ما يُشير إليه القرآن الكريم بـ ‘ألفة القلوب'”.
واستدلَّ سماحته بقوله تعالى: ﴿لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ﴾، مشيرًا إلى أن “هذه الألفة الإلهية لا يستطيع تكوينَها أيُّ مال أو سلطان دنيوي. يُخاطب الله نبيَّه قائلاً: لو أنفقت كلَّ كنوز الأرض ذهبًا وفضةً، ما استطعت أن توثِّق هذه الرابطة الوثيقة بين القلوب!”.
وأكد سماحة آية الله جوادي الآملي أنّ “هذا هو رأس المال الحقيقي الذي اكتسبته الأمة الإيرانية بفضل كوادرها الهائلة من الرجال والنساء والشباب، على تنوع مشاربهم واختلاف أذواقهم، في ظل هدي القرآن الكريم ومدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، وهذا هو عين مصدر عظمتنا ومفخَرتنا”.
وأردف سماحته: “إيران تحظى بأمّة عظيمة ذات شأن رفيع، وتمتلك تاريخًا مجيدًا وجغرافيا حيوية، وجذورًا ثقافية وحضارية راسخة. بينما لو تقصَّيتَ أرجاء أمريكا برمَّتها، لما عثرت على أثرٍ لأصالة أو حضارة أو فنٍّ حقيقي! فإذا كنا عظماء بحق، فلماذا لا نُظهر عظمتنا؟! إن إظهار عظمة الأمة الإيرانية ليس من الكبرياء في شيء، بل هو إعلان للشكر على النعمة الإلهية، وهو شكر يفرض علينا واجبًا أكبر بالمحافظة عليها وتعزيزها”.
وختم سماحته بالقول: “عظمة إيران ضاربة في أعماق تاريخها، وثقافتها، وأصالتها؛ وهي أمةٌ تحملت ثماني سنوات من الدفاع المقدس [حرب نظام صدام على ايران للفترة 1980-1988]، ولم تتزعزع حتى في أحلك الساعات عن ثوابتها ومبادئها، وهي اليوم تمتلك رصيدًا ضخمًا لا يُقدَّر بثمن”.