قال الأمين العام للمجمع العالمي للدراسات الشيعية: “لقد عاش الإمام الرضا(ع) في فترة كان فيها العالم الإسلامي يواجه من جهة اتساع الأراضي وتنوع الثقافات، ومن جهة أخرى الانحرافات الفكرية والفرقية.”
وأشار إلى ذلك، الأمين العام للمجمع العالمي للدراسات الشيعية في إیران “آيت بيمان”، في حديث لوكالة “إكنا” للأنباء القرآنية الدولية، حول دور الإمام الرضا (ع) في بناء الحضارة ومكافحة الفرق المنحرفة، قائلاً: “عاش الإمام الرضا (ع) في فترة كان فيها العالم الإسلامي من جهة يتسم باتساع الأراضي وتنوع الثقافات، ومن جهة أخرى يواجه انحرافات فكرية وطائفية.”
وأضاف: “كان المعتزلة والمرجئة والغلاة والزنادقة وحتى الاتجاهات التوفيقية قد تسللت إلى المجتمع، وكان الخليفة العباسي يعزّز هذا الجو من أجل إضفاء الشرعية على نفسه، وقد ثبّت الإمام الرضا (ع) التيار التوحيدي والعقلاني الأصيل للإسلام من خلال مشاركته الفاعلة في المناظرات العلمية، وتربية الطلاب، ونقد الأسس المنحرفة”.
وقال الأمين العام لمجمع الدراسات الشيعية: “من منظور حضاري، لم يكن هذا الصراع مجرد دفاع عقائدي، بل كان يعني أيضًا إرساء الهوية العلمية والثقافية للحضارة الإسلامية، لأنه بالإضافة إلى رفض الأفكار المنحرفة، أرسى الإمام الرضا (ع) نموذجًا للحوار العقلاني والمنهجي والمستند إلى الأدلة، وهو أسلوب أثر لاحقًا في المدارس العلمية في بغداد ونيسابور، ثم في الحوزات الشيعية في قم وخراسان”.
وأوضح: “كانت هجرة الإمام الرضا (ع) إلى إيران نقطة تحول في التاريخ الروحي لهذه الأرض. فمن ناحية، ربط وجوده في خراسان الإيرانيين بالمركز العلمي والثقافي لأهل البيت (ع)، ومن ناحية أخرى، أدت مجالس الحديث ومناظرات الإمام في مدينتي “مرو” و”نيسابور” إلى أن يروي آلاف العلماء والمحدثين والمفكرين الإيرانيين عنه مباشرة”.
وفيما يخصّ دور الإمام الرضا (ع) في تشيع الإيرانيين، قال: “تشيّع إیران كان عملية تاريخية معقدة ومتعددة المراحل، لكن لا شك أن وجود الإمام الرضا (ع) سرّع هذا المسار.”
وأردف قائلاً: “كان الإيرانيون يكنّون المحبة لأهل البيت (ع) حتى قبل ذلك، لكن وجود المرقد الطاهر للإمام الرضا (ع) في خراسان خلق مركزاً دائماً للهوية الشيعية.”
واستطرد قائلاً: “بحسب المؤرخين، فإن ما جعل التشيع في إيران يتحول من تيار أقلية إلى هوية شاملة، هو اجتماع عاملين؛ الأول: الحضور العلمي والسياسي للإمام الرضا (ع)، والثاني: المرجعية المعنوية لحرمه الشريف؛ هذان العاملان معاً حوّلا العلاقة العاطفية والمعرفية للإيرانيين مع أهل البيت (ع) إلى علاقة تاريخية متجذرة.”
وردّاً على سؤال حول حاجة المجتمع الحالي لسيرة الإمام الرضا (ع)، قال: اليوم، يعاني العالم الإسلامي من أزمات فكرية وهوية واجتماعية، لذلك فإن سيرة الإمام الرضا (ع) تحمل ثلاث رسائل محورية ليومنا هذا.
أولاً: العقلانية في التدين، حيث أظهر الإمام (ع) أن الدفاع عن الإيمان يجب أن يكون بالاستدلال والحوار والعلم؛ وهذا هو ما نحتاجه أكثر من أي وقت مضى في عصر الشبهات ووسائل الإعلام الحديثة.
ثانياً: الولاية كمحور للتوحيد، حيث صرح الإمام (ع) في “سلسلة الذهب” أن التوحيد بدون ولاية ناقص. كانت هذه الرسالة حيوية لمجتمع معرض للانقسام والنفوذ الأجنبي.
ثالثاً: المقاومة ضد الاستكبار، حيث علمنا الإمام (ع) بطريقته أن محاربة الظلم ليست دائماً في ساحة المعركة، بل أحياناً في ساحة الثقافة والمعرفة، يتم توجيه الضربة الأكثر فعالية للاستكبار.
لذلك، يجب على المجتمع اليوم أن يتعلم من سيرة الإمام الرضا (ع) المنهج العلمي وروح العدالة، وأن يقوي الارتباط الدائم بالولاية.