عصابة إجرامية ومكروهة

عصابة إجرامية ومكروهة

افتتاحية صحيفة “صوت_إيران” الالكترونية؛ العدد 74 التابعة لموقع KHAMENEI.IR

   لقد سعى الكيان الصهيوني على مدى عقود، مستندًا إلى إمبراطورية إعلامية ودعم غربي واسع، إلى تقديم صورة زائفة لنفسه كقوة شرعية، لكنه اليوم، في ظل عملية “طوفان الأقصى” وحرب غزة، يواجه أزمة غير مسبوقة في هذا المجال. ففي حين أنه يواجه انتقادات عالمية واسعة من الخارج، ويعاني من انقسامات سياسية واقتصادية واجتماعية من الداخل، فقد أصبح محاصرًا في زاوية خانقة لم يعهدها من قبل.

   إن جرائم الحرب المرتكبة في غزة، إلى جانب التطورات الإعلامية واستيقاظ الرأي العام العالمي، قد كشفت الوجه الحقيقي لإسرائيل كمنتهك لحقوق الإنسان وفاعل لجريمة الإبادة الجماعية. فمنذ أكتوبر 2023، تسببت الهجمات الإسرائيلية على غزة – والتي أودت بحياة أكثر من 63 ألف شهيد بحسب تقارير الأمم المتحدة ووزارة الصحة في غزة – في إثارة غضب عالمي متصاعد.

   وقد وُجهت اتهامات بالإبادة الجماعية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية من قبل جنوب أفريقيا، كما أدانتها منظمات حقوقية مثل منظمة العفو الدولية كمُرتكِبة لجرائم حرب. وحتى منظمتان حقوقيتان إسرائيليتان اعتبرتا الجرائم في غزة نوعًا من “الإبادة الجماعية”.

   وأظهر استطلاع مركز “بيو” في ربيع 2025 أن غالبية المشاركين في 20 من أصل 24 دولة شملها الاستطلاع لديهم نظرة سلبية تجاه إسرائيل. وكانت النسب الأعلى في تركيا (93٪)، وهولندا (78٪)، وإسبانيا والسويد (75٪ لكل منهما). وفي الولايات المتحدة، انخفض دعم إسرائيل من 58٪ في 2022 إلى 47٪ في 2025، كما أن 66٪ من الأميركيين يعارضون الحرب على غزة. أما في أوروبا، فقد انخفضت شعبية إسرائيل بأكثر من 40٪ في دول محورية مثل فرنسا وألمانيا.

   لقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال إتاحة وصول مباشر لجيل الشباب إلى صور واقعية ومباشرة لجرائم غزة، في كسر الهيمنة الإعلامية التقليدية لإسرائيل. وقد ساعد ذلك في تعزيز الوعي العالمي بالجرائم الحربية وسياسات الاحتلال، مثل الاستيطان غير القانوني والقوانين التمييزية. وعلى الصعيد الدبلوماسي، فإن قرارات بعض الدول – مثل فرنسا التي اعترفت بفلسطين، وتحذير بريطانيا من اتخاذ خطوة مماثلة في حال فشل مفاوضات الهدنة – تعكس حجم الضغط الشعبي على السياسيين الغربيين. ورغم أن بعض هذه الخطوات تُعتبر شكلية، إلا أنها تشير إلى تحوّل في النموذج العالمي السائد.

   داخليًا، تعصف الأزمات المتعددة بالكيان الإسرائيلي. فالصراعات السياسية حول “الإصلاح القضائي” الذي طرحه نتنياهو أدّت إلى احتجاجات واسعة في تل أبيب وحيفا. كما أن الانقسامات الاجتماعية بين المتدينين المتطرفين، وخاصة “الحريديم”، والعلمانيين حول القضايا الثقافية والخدمة العسكرية، قد أضعفت التماسك الداخلي. ومن الناحية الاقتصادية، شكّلت حرب غزة ضغطًا هائلًا على الطبقة المتوسطة والأعمال التجارية، ورافقها ارتفاع في أسعار السكن والسلع الأساسية، ما أدى إلى تراجع الثقة الشعبية في حكومة نتنياهو. وحتى الجيش – وهو العمود الفقري لأمن إسرائيل – بات يعاني من الضعف، حيث رفض بعض جنود الاحتياط الخدمة بسبب الخلافات السياسية.

   إن هذه الأزمات الداخلية والخارجية، إلى جانب استمرار الحصار على غزة وجرائم الحرب والمأساة الإنسانية الناجمة عن نقص الغذاء والدواء، قد وضعت إسرائيل في عزلة غير مسبوقة. واستمرار السياسات الحالية للكيان سيزيد من وعي المجتمع الدولي بطبيعته الحقيقية.

ترجمة مركز الإسلام الأصيل

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل