السؤال: ما هي الأدلّة النّقليّة (قرآن ورواية) على انتفاع الأموات بعمل الأحياء، مع اعتقادي بعدم وجود مانع عقليّ لتوصيل النّفع من الحيّ للميّت، وهل يمكن لأيّ إنسان أن يستأجر إنساناً آخر للقيام بعبادات من أجل الميّت أم لا بدّ من كون الحيّ إبناً للميّت؟

الجواب: لقد ورد في جملة من الروايات الشريفة انتفاع الأموات بعمل الأحياء , كما جاء عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) قوله: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلاّ من ثلاثة: إلاّ من صدقة جارية , أو علم يفنتفع به , أو ولد صالح يدعو له) (أنظر: صحيح مسلم 5: 73 باب وصول ثواب الصدقات إلى الميت من كتاب الهبات).
وأيضاً روى مسلم بسنده عن جرير بن عبد الله , قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : (من سنَّ في الإسلام سنّة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء, ومن سنَّ في الإسلام سنّة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينتقص من أوزراهم شيء). (صحيح مسلم 8: 61 باب ((من سنَّ سنّة حسنة أو سيئة من كتاب العلم)) ).
فإنّك تجد من خلال هذين الحديثين المرويين في صحيح مسلم انتفاع الميت بدعاء ولده الصالح , وأيضاً انتفاعه بعمل من يعمل بسنّته الحسنة من بعده.
ولعلّه يمكن استفادة انتفاع الميت بدعاء الأحياء وعملهم له من قوله تعالى: (( وَالَّذينَ جَاءوا من بَعدهم يَقولونَ رَبَّنَا اغفر لَنَا وَلإخوَاننَا الَّذينَ سَبَقونَا بالأيمَان وَلا تَجعَل في قلوبنَا غلّاً للَّذينَ آمَنوا رَبَّنَا إنَّكَ رَؤوفٌ رَحيمٌ )) (الحشر:10) .. إذ لو لم يكن انتفاع السابقين بدعاء التابعين مفيداً فما معنى نقله سبحانه هذا الدعاء عنهم؟!

وأيضاً هناك جملة من الروايات يستفاد منها انتفاع الميت بعمل الحي, نذكر منها:
1- أخرج مسلم, عن عائشة: أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) (صحيح مسلم 3: 155, باب قضاء الصيام عن الميت).
2- وأخرج أيضاً عن ابن عباس, قال: جاء رجل إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) قال: يا رسول الله إنّ أمّي ماتت وعليها صوم شهر أفاقضي عنها, قال: (نعم, فدين الله أحق أن يقضى). (المصدر السابق).
3- وعن النسائي في السنن: روى سعد بن عبادة, أنّه قال لرسول الله (صلّى الله عليه وآله): إنّ أمي ماتت وعليها نذر أفيجزي عنها أن أعتق عنها؟ قال: (اعتق عن أمّك) (سنن النسائي 6: 253 باب فضل الصدقة على الميت).
وهناك روايات أخرى كثيرة تجدها في الأبواب المشار إليها في المصادر المذكورة أعلاه وغيرها.
وقد أوردنا روايات القوم ليعلم الإتفاق بين المسلمين في هذه المسألة. وأمّا بالنسبة لمصادر الحديث عن الإمامية، فقد حفلت بالكثير من الروايات الدالة على انتفاع الميت بعمل الحي، ويمكنكم مراجعتها في (الكافي للكليني 3: 227/ باب زيارة القبور وأنظروا انتفاع الميت بالزيارة والدعاء له) وأيضاً (من لا يحضره الفقيه/ للشيخ الصدوق 1: 183) ولاحظوا الأحاديث الواردة عن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) في انتفاع الميت بالصلاة والصوم والقربات التي تهدى إليه.

للمشاركة:

روابط ذات صلة

ما تفسير قوله تعالى في سورة الدخان( وهو الذي في السماء اله وفي الأرض اله)
سيدي الكريم مع تسليمنا المطلق بأن الله تعالى هو الذى ليس كمثله شيء وأنه يفعل ما يشاء ولا يفعل ما يشاء احدا غيره .
ما هي الخلفيات التي دعت الإمام الحسين عليه السلام للخروج؟
السؤال: هناك اشكال طرحه احد الحداثويين يقول فيه : خطاب موجه للشيعة الامامية الاثني عشرية انكم تدعون ان عقيدتكم هي الحق وانكم تمثلون الدين الصحيح وانكم تتبعون القرآن وعترة نبيكم مع كل هذا الادعاء نجد ان علمائكم قد اختلفوا في كثير من المسائل العقائدية والفقهية والسياسية و… الى آخره فأي مذهب هذا يمثل الحق مع هذه الاختلافات الفكرية الكبيرة في داخل مذهبكم؟
ينسب إلى الأمام علي عليه السلام أنه قال( كُميل ليس من ماءٍ أصفى مِن دموع التائبين.. و ليس من منظرٍ أشهى من إِنحناء الساجدين) فهل يثبت عنه؟

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل